أحمد غراب اعاد رد الفعل السريع والحاسم لمجمع البحوث الاسلامية تجاه فتوي اهدار الدماء الشهيرة الثقة في دور الأزهر الشريف كصمام امان لتماسك المجتمع ووحدته الوطنية التي ظل حاميا لها عبر اكثر من الف عام، فخلال ثورة 1919 كان للامام الاكبر الاسبق الشيخ محمد ابوالفضل الجيزاوي رحمه الله دور كبير في تعبئة الروح الوطنية واذكاء مقومات الحماس والبطولة في مواجهة محاولات الاستعمار لتفتيت الوحدة الوطنية واضعاف روح المقاومة، وكان شعار الجميع »يحيا الهلال مع الصليب«، و»الدين لله والوطن للجميع«. وظل المصريون يفزعون الي علماء الازهر في اوقات الشدائد والمحن، فإذا استشعر العلماء خطورة الموقف اوقفوا حلقات العلم، وتقدموا الصفوف، فخلال الحرب العالمية الثانية قامت الحكومة البريطانية بالضغط علي الحكومة المصرية للاشتراك في الحرب وخطب الشيخ المراغي بمسجد الامام الرفاعي قائلا: »نسأل الله ان يجنبنا ويلات حرب لا ناقة لنا فيها ولا جمل«. وغضبت بريطانيا، بعدها التقي رئيس الوزراء بالشيخ المراغي، واشتم الشيخ تهديدا في لهجة رئيس الوزراء، فقال له: »أمثلك يهدد شيخ الأزهر، إن شيخ الأزهر قوي بمركزه ونفوذه من رئيس الحكومة، ولو شئت لارتقيت المنبر وأثرت الجماهير، ولوجدت نفسك معزولا في هذا الشعب«. ستظل وسطية الازهر الشريف ومنهج الاعتدال في دعوته هما الحصن المنيع في مواجهة فتاوي الاستحلال واهدار الدماء. بعيدا عن الفوضي روي عبدالله بن بريدة عن ابيه انه قال: »صلينا خلف رسول الله صلي الله عليه وسلم فلما انفتل من صلاته اقبل علينا غضبان فنادي بصوت اسمع العواتق في اجواف الخدور، فقال: يا معشر من اسلم ولم يدخل الايمان في قلبه لا تذموا المسلمين ولا تطلبوا عوراتهم فإنه من يطلب عورة أخيه المسلم هتك الله ستره وابدي عورته ولو كان في ستر بيته«. ليت كثيرين ممن يتتبعون عورات الناس ويحرصون علي اشاعتها والتشهير بهم يدركون حجم الجرم والاثم الذي يقترفونه في حق انفسهم وفي حق المجتمع، فما احوجنا لتجنب القيل والقال بغير علم حتي نجنب بلادنا ويلات البلبلة والفوضي، لذلك قال الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم »من حسن اسلام المرء تركه مالا يعنيه«. كنوز من ذهب الكلام ليس من ذهب، وكذلك السكوت، لكن رسول الله صلي الله عليه وسلم حدد لنا كيف نجعلهما كنوزا من ذهب بقوله: »اوصاني ربي بتسع أوصيكم بها، اوصاني بالاخلاص في السر والعلانية، والعدل في الرضا والغضب، والقصد في الغني والفقر، وان اعطي من حرمني وأصل من قطعني، واعفو عمن ظلمني، وان يكون صمتي فكرا، ونطقي ذكرا، ونظري عبرا.