أتابع باعجاب شديد معركة عمدة نيويورك "ميكائيل بلومبرج" مؤخرا لمحاربة الإكثار من تناول المشروبات الغازية حفاظا علي الصحة العامة للمواطنين هناك بعيدا عن النظر لمصالح اصحاب هذه الشركات التي تسعي للربح رغم الأضرار المثبته لهذه المشروبات. وعمدة نيويورك يستحق رفع القبعة له فهو يواجه مجموعات ضغط قوية لا تنظر سوي للربح، وهي ليست المرة الأولي التي يخوض فيها معارك للحفاظ علي صحة المواطنين، بدأها بإقرار مشروع يحظر التدخين في الأماكن العامة ثم اجبر شركات الوجبات السريعة بكتابة كم السعرات الحرارية التي تحتويها كل وجبة ضمن مشروع لمحاربة السمنة والتي تتسبب في وفاة 5000 شخص في العام والتي ارتفعت نسبة المصابين بها في نيويورك من 19بالمئة إلي 24 بالمئة من السكان خلال 10 سنوات.. وهو لا يكتفي بذلك بل يسعي إلي جعل هذه القوانين التي يناضل لأجلها قوانينا وطنية.. وكانت نيويورك قد بدأت حملة تسويق ضدّ المشروبات الغازية، مع وجود إعلانات صادمة بمترو الأنفاق تظهر أشخاصاً يعانون السمنة المفرطة وهم مبتورو الأطراف، إلي جانب رسوم بيانية تظهر أحجام المشروبات المتزايد، ويصر العمدة المحترم علي خوض هذه المعركة حماية لصحة المواطنين، صناعة المشروبات الغازية هناك تبلغ قيمتها 75 مليار دولار، بدات اصحاب هذه الصناعة في الرد علي هذه الحملة. قاتلت جماعات الضغط المنتمية إلي قطاع المشروبات مسؤولي الصحة في نيويورك في المحكمة لعرقلة حظر بلومبيرج الخاص بمبيعات المشروبات السكرية ذات الحجم الكبير. وعمدة نيويورك قد سبق وانفق ما يقارب 600 مليون دولار لحملته ضد التبغ وحظر التدخين في الأماكن العامة وقد كللت بالنجاح، هكذا يكون المسئول عندما يتولي المسئولية لا ان يتحايل لإهدارالأموال التي تحت يديه كما شاهدنا في الثلاثين عاما الماضية اثناء حكم المخلوع وعصابته. والمشروبات الغازية كما اكد الباحثون هي مشروبات صناعية مضاف لها مواد حافظة وغازات ونكهات، العلبة الواحدة منها تحتوي علي ما يعادل 33 جراما من السكر والذي يتسبب في رفع سكر الدم بشكل سريع ويؤثر سلبا في التحكم بمرض السكري، ولها تأثير سييء علي إمتصاص الكالسيوم من الأمعاءمما يسبب نقصا في كمية الكالسيوم التي تصل الي الدم وبالتالي الي العظام، وكما هو معروف اهمية الكالسيوم في بناء العظام خاصة في سن الطفولة والمراهقة والتي تعتبر اهم فترة لبناء العظام ونموها او فيما بعد سن الأربعين حيث تبدأ مشاكل هشاشة العظام، ولا يفوتنا الإشارة للدراسات التي تؤكد التاثير السلبي لمادة الكولا علي امتصاص الحديد مما يسبب فقرالدم "الأنيميا"والتي تعد من المشكلات الصحية المنتشرة بين الأطفال والمراهقين، وهناك مفهوم خاطيء ان المشروبات الغازية تساعد علي الهضم، العلبة الواحدة تحتوي علي ما يعادل عشرة ملاعق سكر كافية لتدمير فيتامين "ب" والذي يؤدي نقصه الي سوء الهضم وضعف البنية والإضطرابات العصبية والصداع والأرق والكآبة، ولا ننسي ما تحتويه من غاز ثاني اكسيد الكربون الذي يؤدي الي حرمان المعدة من الخمائر اللعابية الهامة في عملية الهضم، ومادة الكافيين الموجودة بها تؤدي الي زيادة ضربات القلب وإرتفاع ضغط الدم والسكر، اما الدايت منها فيحتوي علي المحليات الصناعية التي تهدد المخ وتسبب فقدان الذاكرة وإصابة الكبد بالتليف، وهو مايعني بوضوح شديد ان هذه المشروبات ليس لها أي فائدة للجسم، ولكل هذه الأسباب ولإستشعار عمدة نيويورك بمسئوليته الإنسانية والمهنية لا زال يخوض معارك طاحنة لإقرار ماهو مفيد. وطبعا مقارنة الوضع لدينا يسبب الكآبة فنحن محاصرون ليل نهار بإعلانات للمشروبات الغازية ضاربين بعرض الحائط صحة المصري، المهم المزيد من الأرباح التي تصب في جيوب المسئولين عن هذه الشركات، ولذا اتمني ان نستيقظ من سباتنا لنحافظ علي صحتنا وصحة ابنائنا، ولنستبدل هذه المشروبات الغازية باخري طبيعية يتم صنعها في منازلنا كالكركدية والخروب والعرق سوس وغيرها مما نعرفه من أجدادنا، وهذه المشروبات الطبيعية لها فوائد جمة بالإضافة الي مذاقها الجميل. اللهم هل بلغت اللهم فاشهد.