اكتسبت كرة القدم التونسية على مدى سنوات سمعة طيبة بفضل التنافس القوي بين فرقها محليا وتألقها قاريا لكن هذه السمعة الجيدة باتت اليوم على المحك بعد أن تفجرت فضيحة تلاعب هزت أركان المسابقة المحلية. وحتى مدى قريب كان الدوري التونسي من أبرز البطولات عربيا وافريقيا ويحظى باهتمام جماهيري في ظل وجود أربعة أندية قوية هي الترجي والنجم الساحلي والافريقي والصفاقسي تتنافس باستمرار على الألقاب. وكلما سطع فريق في أحد المواسم أضفى روحا جديدة على الدوري وزاد من شدة التنافس ورفع من مستوى البطولة على غرار تألق البنزرتي ومستقبل المرسى في العامين الماضيين على سبيل المثال. وانعكس التنافس القوي بين الاندية التونسية على الصعيد المحلي ايجابيا لدى مشاركاتها في المسابقات القارية ما جعلها تصل لأدوار متقدمة في بطولتي كأس الاتحاد وبطولة دوري ابطال افريقيا. واستطاعت الكرة التونسية ان تتجاوز بسلام المحنة التي عاشتها بعد اندلاع الثورة الشعبية - بتتويج منتخب تونس ببطولة كأس أمم افريقيا للاعبين المحليين 2010 واحراز الترجي لقب دوري ابطال افريقيا 2011 - لتزيد من الثقة في قدرتها على الصمود أمام التقلبات والازمات. لكن جاءت مزاعم بالتلاعب في نتيجة مباراة في الجولة الأخيرة من منافسات الدور الأول للدوري الممتاز لتشكل نقطة سوداء لطخت السمعة الناصعة للعبة. وفجر سليم الرياحي رئيس النادي الافريقي قنبلة عندما نشر على صفحته بموقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي تسجيلات قال إنها لمكالمات هاتفية بين لاعب ومسؤول من النادي البنزرتي وقائد شبيبة القيروان محمود الدريدي من اجل التلاعب في نتيجة مباراة الفريقين بالجولة الأخيرة. ونفى قائد شبيبة القيروان ان يكون طرفا في القضية قبل ان يتراجع ويزعم ان البنزرتي حاول رشوته للتلاعب في المباراة الحاسمة للصعود الى مرحلة التتويج مشيرا الى انه تظاهر بالقبول حتى لا يتصلوا بلاعب آخر. وادعى أحمد الرحالي لاعب اولمبيك الكاف ان احد مسؤولي الافريقي حاول رشوته للتلاعب في نتيجة مباراة الفريقين في الجولة الاخيرة أيضا. وقال الناقد الرياضي عبد الوهاب بالرحومة لرويترز "شكلت فضيحة التلاعب ضربة قوية ليس للدوري فقط بل لسمعة الكرة التونسية بصفة عامة." وأضاف "فضيحة التلاعب ستؤثر على مصداقية البطولة الوطنية وستتغير النظرة الجيدة اليها بعد ان كانت تعتبر من افضل البطولات عربيا وافريقيا." وتابع قائلا "سيتحول الاهتمام بمستوى الكرة التونسية وقوة التنافس بين أنديتها الى الاهتمام بالفضائح وهذا لن يخدم مصلحة الكرة التونسية على جميع الاصعدة." وقرر الاتحاد التونسي لكرة القدم فتح تحقيق في مزاعم التلاعب اضافة الى تحويل القضية الى النيابة العمومية بعد الاطلاع على الوثائق التي قدمها الافريقي من تسجيلات واعترافات للاعبين من شبيبة القيروان. ونفى البنزرتي تورطه في قضية التلاعب وعبر في بيان عن "استنكاره لمحاولات التشكيك والتضليل التي يعتمدها البعض للطعن في نزاهة النادي وسلامة خياراته التي قامت ولا تزال على احترام المواثيق الرياضية واعتماد الاجتهاد والكفاءة والتميز كأدوات لحسم المنافسات الرياضية." ودعا بالرحومة الى ضرورة تطبيق القانون في حال ثبوت عملية التورط في قضية التلاعب وقال "نملك القوانين ويجب تفعيلها ومحاسبة المتورطين لوضع حد لهذه الظاهرة السيئة التي تضر بالكرة التونسية." وسيكون البنزرتي مهددا بالهبوط إلى دوري الدرجة الثانية بينما سيواجه المتورطون في الرشوة عقوبة بالسجن تصل إلى ثلاث سنوات في حال ثبت تورطهم في فضيحة التلاعب. وتفجرت فضيحة التلاعب بعد اندلاع جدل عقب نهاية الجولة الاخيرة من الدور الأول للدوري حول الفريقين المتأهلين الى الدور التالي بعد تساوي الترجي والافريقي والبنزرتي في عدد النقاط في صدارة المجموعة الاولى وادعاء كل فريق انه الأحق بالتأهل. وفاز البنزرتي على شبيبة القيروان 2-صفر فيما تعادل الترجي مع مستقبل المرسى 2-2 واعتبر الافريقي فائزا على اولمبيك الكاف بعد انسحابه ليصبح لكل فريق 29 نقطة. وأعلنت لجنة المسابقات صعود الترجي والافريقي للدور الحاسم ليثير القرار غضبا في بنزرت حيث احتج مشجعو فريقها واشتبكوا مع قوات الأمن خلال عدة أيام.