ستكون "الثنائية القطبية" مجددا عنوان الموسم الجديد من الدوري الإسباني لكرة القدم الذي بنطلق غدا السبت، لكن الحرب لن تكون باردة على الإطلاق بين برشلونة وغريمه التقليدي ريال مدريد وما حصل الأربعاء كان بمثابة عينة عما ستشهده "لا ليجا" في 2011-2012، لكن يبقى الانتظار لمعرفة إذا كان الموسم سينطلق كما هو محدد له أم سيتأجل بسبب الإضراب. وقد يضطر مشجعو الدوري الإسباني إلى الانتظار قليلا لمشاهدة نجومهم المفضلين يقصون شريط إنطلاق الموسم لأن لاعبي الدرجتين الأولى والثانية مصممون في دعوتهم إلى الإضراب في بداية الموسم بسبب عدم توصلهم إلى اتفاق مع المعنيين حول حقوق العقد الجماعي وسيتخذ القرار الحاسم في وقت لاحق من اليوم الجمعة. وبعيدا عن مسألة الاضراب، لا يبدو اي فريق جاهز للدخول في معركة برشلونة-ريال مدريد المرشحين لتكريس "الثنائية القطبية" مجددا خصوصا أن لقب "لا ليجا" لم يذهب لاي فريق اخر سوى ثلاث مرات منذ الألفية الجديدة (ديبورتيفو لا كورونيا موسم 1999-2000 وفالنسيا موسمي 2001-2002 و2003-2004). وتبدو الحرب هذا الموسم بين الغريمين التقليديين طاحنة جدا وما حصل الأربعاء في إياب مسابقة كأس السوبر المحلية كان عينة عما سيشهده الموسم الجديد من معارك داخل وخارج ارضية الملعب. وسيكون ريال مدريد بقيادة مدربه البرتغالي جوزيه مورينيو مصمما أكثر من أي وقت مضى على وضع حد لاحتكار غريمه الكاتالوني للقب الذي توج به الموسم الماضي للمرة الثالثة على التوالي. لكن مهمة مورينيو ورجاله لن تكون سهلة على الاطلاق لأن برشلونة أثبت بتشكيلته الحالية التي عززت بالتشيلي أليكسيس سانشيز (من أودينيزي الإيطالي) وبالدولي الإسباني فابريجاس (من أرسنال الانجليزي)، بانه أحد أفضل الفرق في التاريخ أن كان من ناحية الأداء الجماعي السلسل والممتع أو من ناحية الفاعلية التي تتجسد بنجمه المطلق الأرجنتيني ليونيل ميسي. ومن المؤكد أن الفضل في تألق النادي الكاتالوني يعود بشكل أساسي إلى فكر مدربه الشاب جوسيب جوارديولا الذي نجح خلال فترة زمنية قصيرة في أن يصبح "كرويف الألفية الجديدة" بالنسبة لناديه وذلك بعدما رفع الأربعاء كأسه الحادية عشرة منذ أن استلم الاشراف على النادي الكاتالوني. واثبت جوارديولا يوما بعد يوم انه افضل من خلف "معلمه" يوهان كرويف في تطبيق الكرة الشاملة التي اشتهر بها النادي الكاتالوني خلال حقبة الهولندي الطائر بين 1988 و1996. تجلى أسلوب اللعب الشامل بافضل مظاهره خلال لقاء الأربعاء الذي جمع برشلونة بريال مدريد على ملعب "كامب نو" في إياب كأس السوبر (3-2 إيابا و2-2 ذهابا) حيث تناقل "ليو" ميسي وزملاؤه الكرة بسلاسة تامة ومتواصلة إلى جانب تسلحهم بالانطلاقات القاتلة نحو مرمى النادي الملكي على غرار ما حصل خلال الهدف الأول الذي سجله اندريس انييستا في الدقيقة 4 بعد تمريرة في العمق من ميسي الذي نجح بعدها في تسجيل الهدفين الثاني والثالث، رافعا رصيده إلى 13 هدفا في مرمى النادي الملكي. كان جوارديولا وبامتياز الرجل الذي يقف خلف المجد الذي حققه النادي الكاتالوني خلال المواسم الثلاثة الاخيرة لان هذا الرجل ترك وبشكل لا ريب فيه لمسته على الفريق والارقام تتحدث عن نفسها: ثلاثة القاب في الدوري المحلي خلال ثلاثة مواسم كمدرب للفريق، اضافة إلى لقبين في مسابقة دوري أبطال أوروبا والكأس المحلية وكأس العالم للاندية والكأس السوبر الاوروبية وكأس السوبر المحلية (ثلاث مرات). نجح بيبي جوارديولا في السير على خطى مدربه السابق ومكتشفه كرويف، المدرب الوحيد الذي قاد النادي الكاتالوني إلى الفوز بلقب الدوري في ثلاث مناسبات على التوالي، وهو يأمل أن يتوج به للمرة الرابعة تواليا كما فعل "معلمه" من 1991 حتى 1994 عندما كان جوارديولا لاعبا في الفريق. ليس من المعلوم حتى الان إذا كان موسم 2011-2012 سينطلق غدا السبت، لكن ما هو مؤكد أن برشلونة الذي يفتتح مشواره في مواجهة ملقة المتجدد الذي كان خصمه ايضا في ختام الموسم الماضي (3-1)، اكد نيته واستعداده لتجديد تفوقه على غريمه الملكي كما فعل الموسم الماضي عندما ازاحه من نصف نهائي دوري أبطال أوروبا وتفوق عليه في الدوري، فيما نال فريق مورينيو جائزة الترضية بحصوله على الكأس بعد فوزه على النادي الكاتالوني في المباراة النهائية. أما في معسكر ريال مدريد الذي يفتتح موسمه الأحد على ملعبه في مواجهة اتلتيك بلباو القوي، فسعى مورينيو إلى تعزيز قدرات الفريق من خلال ضم التركيين نوري شاهين وحميت التينتوب والبرتغالي فابيو كوينتراو والفرنسي رافايل فاران وخوسيه كاليخون. ومن المؤكد أن المدرب البرتغالي الذي شدد قبضته على الادارة الفنية للنادي بعد منحه منصب المدير الرياضي أيضا خلفا للارجنتيني خورخي فالدانو الذي اقيل في ايار/مايو الماضي، يبحث عن تحقيق ثأره واستعادة اعتباره من برشلونة الذي اعاده الموسم الماضي إلى ارض الواقع بعد أن استهل مهمته مع ال"ميرينغيس" بنوع من التغطرس والتعجرف. لكن بداية المشوار نحو تحقيق الثأر لم تكن موفقة على الاطلاق أن كان على الصعيد الرياضي او الاخلاقي بعدما شهده ملعب "كامب نو" الأربعاء الماضي حيث اظهر ريال انه يعاني من مشكلة "فقدان الاعصاب" عندما يكون في مواجهة النادي الكاتالوني. ويقول المنطق بضرورة أن يلعب المدرب في اي فريق دور الاتزان والتوعية وبان يكون مثال الروح الرياضية التي تدفع المرء إلى تقبل الخسارة كما يتقبل الفوز لان ذلك يشكل فحو اللعبة، لكن هذا الامر لا ينطبق بتاتا على مورينيو الذي اظهر بان الخسارة أمام برشلونة تفقده رباطة جأشه واعصابه وقد تجلى ذلك في نهاية المباراة عندما انضم للاعبيه في "معركتهم" مع منافسيهم الكاتالونيين ووصل به الامر إلى الاعتداء على مساعد مدرب الفريق الخصم. ويجب القول بان "المدرب المختار" لا يكون بافضل حالاته عندما يتعلق الأمر ببرشلونة وأبرز دليل على ذلك ما حصل الموسم الماضي أيضا عندما أصدر الاتحاد الأوروبي عقوبة الايقاق بحقه لثلاث مباريات نافذة وواحدة مع وقف التنفيذ مع غرامة مالية بقيمة 50 الف يورو بسبب "تصريحاته غير المناسبة" عقب خسارة فريقه أمام غريمه التقليدي (صفر-2) في ذهاب الدور نصف النهائي لمسابقة دوري أبطال أوروبا. ولا يبدو أن مدرب بورتو وتشلسي وإنتر ميلان سابقا تعلم الدرس الاخلاقي مما حصل معه الموسم الماضي وقد أظهر خلال الأعوام أنه من ألاشخاص الذين يسعون خلف صفة "المشاغب" ويبقى الانتظار لمعرفة أين سيصل به الأمر إذا نجح برشلونة في التفوق عليه مجددا في الموسم الجديد الذي يفتتح غدا - في حال إلغاء الإضراب - بمباريات إسبانيول مع غرناطة العائد إلى دوري الأضواء للمرة الأولى منذ 35 عاما، وليفانتي مع سرقسطة، وفياريال مع سبورتيج خيخون، وأوساسونا مع فالنسيا ثالث الموسم الماضي. أما الأحد فيلتقي رايو فاليكانو مع ريال مايوركا، وراسينج سانتاندر مع خيتافي، وبيتيس العائد مجددا إلى دوري الاضواء مع جاره إشبيلية، على أن تختتم المرحلة الاثنين بلقاء ريال سوسييداد مع أتلتيكو مدريد الذي تعاقد مع الكولومبي راداميل فالكاو من بورتو البرتغالي مقابل 40 مليون يورو حصل عليها من بيع الأرجنتيني سيرجيو أجويرو لمانشستر سيتي الانجليزي، كما من المرجح أن يخسر نجمه الأوروجوياني دييجو فورلان لإنتر ميلان الإيطالي.