عاشت الجماهير الأرجنتينية لحظات مثيرة في ختام بطولة الدوري الختامي 2012، حيث لم تكتشف هوية المتوج باللقب إلا في اللحظات الأخيرة، بينما تحددت معالم الأندية التي ستمثل البلاد في الموسم المقبل من منافسات كوبا ليبرتادوريس. فرغم أن تاريخه لا يتجاوز 55 سنة، ورغم أن قاعدته الجماهيرية هي الأصغر بين أندية الدرجة الأولى الأرجنتينية على الإطلاق، إلا أن أرسنال ساراندي تفوق على كل العمالقة ليخطف درع بطولة الدوري الختامي 2012، مفجراً بذلك مفاجأة من العيار الثقيل. وقبل انطلاق الموسم، كان جوستافو ألفارو قد عزز فريقه ببعض اللاعبين الجدد بهدف البقاء في حظيرة الكبار، لكن القدر منح آرسنال فرصة ذهبية عرف كيف يستغلها أحسن استغلال، بفضل حفاظه على رباطة جأشه ولعبه المنتظم بعيداً عن أية ضغوط، على غرار المسيرة المظفرة التي حققها النادي في عام 2007، تحت إمرة المدرب ذاته، عندما انقض على لقب كوبا سودأمريكانا. ومن جانبه، استهل تيجري منافسات هذا الموسم واضعاً إحدى قدميه في الدرجة الثانية، لكنه قدم أداءاً راقياً مكنه من تفادي الهبوط، بل وكاد أن يصعد به إلى ملامسة المجد، علماً أنه اكتفى بمركز الوصيف في نهاية المطاف، بينما كان المركز الثالث من نصيب فيليز سارسفيلد، بعد تفوقه بفارق الأهداف على بوكا جونيورز، الذي كان يبدو وكأنه يسير بخطى ثابتة نحو تحقيق الثنائية قبل ثلاث جولات من انتهاء المنافسات. أما أول بويز ونيولز أولد بويز، فقد أرسلا إنذاراً شديد اللهجة لبقية الأندية، التي سيتعين عليها الإحتياط منهما في الموسم المقبل، حيث حافظا على حظوظهما في التنافس على اللقب خلال عدة مراحل من المنافسات، قبل أن تتبخر أحلامهما في الجولات الأخيرة. هذا وقد شهدت أيضاً البطولة الختامية لهذا العام هبوط كل من أوليمبو وبانفيلد إلى الدرجة الثانية، في حين لم يفلت سان لورينزو من النزول إلا بشق الأنفس، بينما أعلن كل من خوان سيباستيان فيرون وجابرييل ميليتو وإستيبان فويرتيس اعتزالهم بعد صولات وجولات طويلة عبر ملاعب الساحرة المستديرة. كان هذا المدافع الأوسط واحداً من أبرز لاعبي أكاديمية آرسنال الذين تألقوا هذا الموسم مع الفريق الأول. وقد توّج هذه المسيرة الرائعة بالهدف الذي منح النادي لقبه الأول، عندما أودع الكرة بكل دقة في مرمى بيلجرانو. ويتنبأ المراقبون لابن الثانية والعشرين بمستقبل دولي زاهر، على غرار زميله جييرمو بورديسو (شقيق نيكولاس مدافع روما)، حيث شكلا معاً أحد أفضل الدفاعات الثلاثة في البطولة، إذ لم تستقبل شباك آرسنال سوى 15 هدفاً. بهز الشباك 12 مرة، ساهم ابن الثلاثين ربيعاً في إبقاء فريقه ضمن حظيرة الكبار، كما تُوج هداف الدوري للمرة الأولى في مسيرته، علماً أن هذا اللاعب السابق في صفوف راسينج كلوب وليجا دي كيتو، يخوض ثالث تجربة له مع تيجري، الذي أصبح ثامن هداف في تاريخه برصيد 59 هدفاً. 38 - عدد الأهداف التي سجلها آرسنال للتتويج باللقب، محققاً 11 انتصاراً، مقابل خمسة تعادلات وثلاث هزائم فقط. بيد أن ذلك يمثل ثاني أضعف سجل في تاريخ أبطال الأرجنتين منذ إحداث نسخة البطولتين الإفتتاحية والختامية وبدء العمل بنظام ثلاث نقاط للفائز. وبذلك يكون ممثل حي ساراندي قد تساوى مع لانوس، الذي خطف درع البطولة الختامية 2007 مكتفياً بتسجيل 38 هدفاً، بينما أحرز نيولز أولد بويز 36 في طريقه إلى الفوز بلقب الدوري الختامي 2004. في الجولة الخامسة، استقبل المتصدر بوكا جونيورز نادي إندبيندينتي، الذي حل بملعب لابومبونيرا بسجل خالٍ من النقاط، حيث تولى تدريبه كريستيان دياز بشكل مؤقت خلفاً للمدير الفني رامون دياز، الذي تخلى عن منصبه. وبينما كان المتتبعون يترقبون مباراة من طرف واحد، فجر الضيوف مفاجأة من العيار الثقيل عندما تقدموا في النتيجة بنتيجة 2-0 ثم 3-1، قبل أن يتمكن أصحاب الأرض من إدارك التعادل، ليعود إيرنسيتو فارياس ويستكمل ثلاثيته المذهلة بهدفين في الدقيقتين 88 و93، لتنتهي المواجهة بفوز الزوار 5-4 ووضع حد لسجل بوكا المثالي الذي تواصل على مدى 33 لقاء على أرضه دون تجرع مرارة الهزيمة. عاد بانفيلد بفوز كبير 2-5 من ملعب أوليمبو، ليكون ذلك انتصاره الأخير في الدرجة الأولى. فمنذ تلك المباراة، تعادل بطل الدوري الختامي 2009 في ثلاث مباريات وخسر في ثماني مناسبات، ليعود إلى القسم الثاني بعد 11 سنة بين الكبار. وفي تلك الجولة الثامنة بالضبط، فاز بوكا 3-0 على مضيفه إستوديانتيس دي لا بلاتا ليتمكن من الإنقضاض على المركز الأول، علماً أن عملاق بوينوس آيريس بقي يحتل الصدارة في تسع من أصل الجولات الإثنتي عشرة المتبقية. على بعد أربع جولات من النهاية، قلب سان مارتين تخلفه بنتيجة 0-2 إلى فوز مثير بنتيجة 3-2 في سان خوان أمام أوليمبو، الذي ودع بذلك القسم الممتاز للمرة الثالثة في ست سنوات. وبعدها بيومين، حقق سان لورينزو فوزاً مهماً على نيولز أولد بويز، ليحصد النقاط الضرورية لتفادي الهبوط، بينما تضاءلت حظوظ فريق المدرب جيراردو مارتينو في التنافس على اللقب. وفي ذلك اليوم، تمكن آرسنال من العودة بتعادل ثمين 1-1 من عقر دار إستوديانتيس، حيث صرح حينها المدرب جوستافو ألفارو بالقول: "إذا فزنا في المباريات الثلاث المتبقية، فإننا سنُتوج باللقب." في الجولة ما قبل الأخيرة، وبفضل ثنائية حملت توقيع لوسيانو ليجيزامون، حقق آرسنال فوزاً ساحقاً على بوكا بثلاثة أهداف نظيفة في لابومبونيرا، ليتمكن ممثل حي ساراندي من تخطي مضيفه في جدول الترتيب والإنقضاض على الصدارة مناصفة مع نادي تيجري، الذي كان قد انتصر في ملعب فيليز قبلها بيوم واحد. وفي المقابل، أصبح سان لورينزو مهدداً بالهبوط مباشرة. جرت سبع مباريات حاسمة في الجولة الختامية، حيث فاز آرسنال على بيلجرانو (1-0) بينما تعادل تيجري مع إنديبندينتي (2-2) لتنطلق الإحتفالات في مختلف أرجاء حي ساراندي. وقد كانت تلك النتيجة كافية لتُخلص تيجري من شبح الهبوط، شأنه في ذلك شأن أتليتيكو رفائيلا. ومن جانبه، ختم فويرتيس مسيرته بهدفين منح من خلالهما الفوز لفريق كولون، ليحكم في الوقت ذاته على بانفيلد بالهبوط إلى الدرجة الثانية. وفي المقابل، فاز سان لورينزو على سان مارتين ليفلت من النزول ويخوض مباراة الملحق، على غرار سان خوان، علما بأنهما ضمنا بعد ذلك بقاءهما معاً في حظيرة الكبار. أما فيرون، فقد ودع الملاعب وسط موجة من التصفيقات الحارة في سانتا فيه، حيث وضع حداً لمسيرته بعد ساعات من اعتزال ميليتو، الذي لم يخض المباراة الأخيرة بداعي الإصابة.