أطلقت البرازيل أمس الخميس العد التنازلي لآخر 100 يوم على افتتاح أول دورة ألعاب أولمبية تقام في أمريكاالجنوبية مع تأكيد السلطات فضلا عن اللجنة الاولمبية الدولية على تجاوز الأزمة السياسية التي تضرب البلاد. ومن المتوقع أن يشارك في دورة الألعاب الأولمبية المقررة في ريو دي جانيرو من 5 الى 21 اغسطس المقبل 10500 رياضي ورياضية من 206 دول، كما ستجذب الالعاب نحو 450 الف سائح لمتابعة منافساتها. وأقيمت احتفالات رمزية بالمناسبة في اماكن مختلفة من العالم، كما ان المنظمين للالعاب تسلمون امس الشعلة الاولمبية التي اضيئت في 21 من أبريل الجاري في المعبد الاولمبي باليونان مهد الالعاب الاولمبية الحديثة. ففي نيوزيلندا، رقص رياضيون رقصة "هاكا" التراثية على شاطىء اوكلاند احتفالا بهذا اليوم، في حين ان بريطانيا كشفت مثلا عن الزي الاولمبي لرياضييها من تصميم ستيلا ماكارتني ، وعبرت الشعلة الاراضي اليونانية والمواقع القديمة الكبرى، وباتت من اليوم في عهدة المنظمين البرازيليين للالعاب. ومرت الشعلة في مخيم ايليوناس للاجئين في ضاحية اثينا الذي زاره رئيس اللجنة الاولمبية الدولية الالماني توماس باخ وحملها السوري ابراهيم الحسين (27 عاما) الرياضي المتكامل برغم بتر احدى قدميه، لتذكير العالم اجمع بالمأساة التي يعيشها اللاجئون خصوصا السوريين والجهود التي تبذلها اليونان لمواجهة ازمة الهجرة ، بالرغم من تأكيد السلطات البرازيلية الرسمية واللجنة الاولمبية الدولية ان كل الامور ستكون جاهزة وان اولمبياد ريو سيكون رائعا، فان الغيوم تتلبد بعد توالي الازمات وآخرها احتمال اقالة رئيسة البرازيل ديلما روسيف. يقول المنظمون ان الملاعب باتت جاهزة بنسبة 98 بالمائة ، في حين ان باخ وعد "بالعاب رائعة"، ولكن الالعاب تواجه تحديات كبيرة حتى قبل انطلاقها. وجاء الاعلان عن وفاة 11 عاملا في ورش البناء في منشآت الالعاب الاولمبية منذ 2013، مقارنة بوفاة 8 عمال في جميع انحاء البرازيل اثناء الاستعداد لاستضافة مونديال 2014، ليلقي بظلاله القاتمة على الوضع. وأعلنت مفتشية العمل في ولاية ريو وفاة 11 عاملا في ورش الاعداد للالعاب بين 2013 و2016. وقال المسؤول عن مفتشية العمل في ولاية ريو روبسون ليتي في تصريح لوكالة فرانس برس: "انه رقم مخيف. توفي 11 عاملا في محيط المواقع الاولمبية منذ 2013". واضاف "كانت هناك 8 وفيات في ورشات العمل الاعدادية لنهائيات كأس العالم 2014 لكرة القدم ولكن في البرازيل بأسرها (12 مدينة مضيفة) وفي ريو وحدها لدينا 11 وفاة". وتواجه البرازيل ازمة سياسية حادة حيث اقر مجلس النواب البرازيلي بأغلبية ساحقة يوم الاحد الماضى اجراءات اقالة الرئيسة اليسارية ديلما روسيف المتهمة بالتلاعب بالحسابات العامة ، واقر اجراء التصويت بموافقة 367 نائبا، اي بزيادة 25 نائبا على الثلثين (342 نائبا) المطلوبة للسماح لمجلس الشيوخ باتهامها. وشكل مجلس الشيوخ البرازيلي الاثنين الماضي لجنة خاصة للنظر في اجراءات إقالة روسيف التي يمكن ان تخسر منصبها خلال بضعة اسابيع ، واختار مجلس الشيوخ، المؤلف من 81 عضوا، 21 سيناتورا لتشكيل هذه اللجنة التي يتعين عليها ان تقدم في غضون عشرة ايام على الاكثر توصية للمجلس كي يصوت في جلسة علنية ما اذا كان سيقرر المضي قدما في إقالة الرئيسة او ان يصرف النظر عن هذه القضية. ويرجح ان يعقد مجلس الشيوخ جلسة التصويت هذه في 12 مايو النقبل وحينها تكفي الاكثرية البسيطة (41 صوتا من اصل 81) لمحاكمة روسيف ، هذا فضلا عن التحديات الاقتصادية في البرازيل وتكلفة الالعاب المرتفعة التي ستصل الى 11 مليار دولار، وايضا تفشي وباء زيكا بشكل واسع. وقال الخبير الرياضي فونداساو جوتيليو فارجاس "ان الالعاب هي احتفالية كبيرة"، مضيفا "لكننا نحتفل دائما عندما نكون سعداء" ، وارتفعت نسبة البطالة في البرازيل التي حصلت على حق استضافة الالعاب عام 2009 الى 2ر10 بالمائة، كما تواجه ازمة سيولة وولاية ريو غير قادرة على دفع رواتب موظفي الحكومة في الوقت المحدد. واضطر منظمو الالعاب ايضا الى تخفيض تكلفة الاستضافة بدءا من ماكينات الطباعة وصولا الى تقليص عدد المقاعد في المنشأة التي تستضيف منافسات التجذيف ، ولن تكون شبكة المترو جاهزة الا في الاول من يوليو المقبل ، اي قبل خمسة اسابيع على الانطلاق. كما ان الحديث عن التلوث في الخليج الذي سيحتضن الالعاب المائية ليس جديدا، وعلق لي لاي-شان من هونج كونج والفائز بميدالية ذهبية في منافسات الالواح الشراعية في هذا الصدد "انه ملوث جدا. بمجرد ان تمرض تكون انتهيت".، ربما لا يهتم السياح كثيرا الى الازمة السياسية والاقتصادية في البرازيل، ولكنهم سمعوا بالطبع عن وباء زيكا القاتل الذي انتشر بسرعة في البرازيل ومعظم دول امريكاالجنوبية. وانتشر زيكا في البرازيل اواخر 2015 حيث اعلن لاحقا عن عدد من الوفيات وعن اصابة أكثر من 5ر1 مليون برازيلي بالعدوى. ولكن روسيف اكدت في يناير الماضي ان وباء زيكا الذي يضرب بلادها لا يشكل خطرا على استضافة اولمبياد ريو، داعية البرازيليين الى مكافحة البعوض الناقل للفيروس ، وينتقل فيروس زيكا بلسع بعوض يسمى "البعوض النمر". وهو يتسبب باعراض شبيهة بالانفلونزا (ارتفاع الحرارة ووجع في الرأس والم في المفاصل)، لكنه يمكن ان يؤدي لدى الحامل الى تشوه خلقي لدى الجنين الذي يمكن ان يولد بجمجمة اصغر من الحجم الطبيعي وهو ما يعرف بصغر الرأس. وظهرت معضلة جديدة ايضا بعد انتشار فيروس "اتش 1 ان 1" الذي ادى الى وفاة 46 شخصا في اقل من شهرين في البرازيل، وتحديدا في جنوب شرق البلاد. والعنف من العوامل المقلقة ايضا في ريو التي يقتل فيها اربعة اشخاص كل يوم ، وستنشر السلطات البرازيلية 85 الف شرطي وجندي لحماية الالعاب، اي ضعفا العدد عن الالعاب السابقة في لندن 2012. لا يبدو ان الازمات التي تواجهها البرازيل ولا سيما السياسية ستؤثر على تنظيم الالعاب. وقال الناطق باسم اللجنة الاولمبية الدولية قبل ايام "ان اللجنة الاولمبية الدولية تتابع عن كثب التطورات الاخيرة فيما يتعلق باجراءات اقالة الرئيسة ديلما روسيف". وتابع "ان الاستعدادات للالعاب الاولمبية دخلت الان في مرحلة متقدمة من العمليات حيث يكون هذا النوع من القضايا السياسية اقل تأثيرا كما في مراحل أخرى من تنظيم الالعاب". واضاف بعد زيارة تفقدية الى ريو "رأينا تقدما كبيرا قد حصل، وما زلنا واثقين من نجاح الالعاب الاولمبية هذا الصيف، وهي ستترك ارثا مهما وتقدم فرصة مهمة لتوحيد الشعب البرازيلي بغض النظر عن خلفيتهم او آرائهم السياسية". من جهتها، اعتبرت روسيف ان الاستعدادات للالعاب الاولمبية في "وضع مناسب جدا". واضافت "لقد عملنا لكي تصبح اقامة الالعاب ممكنة. اليوم، جميع البنى التحتية جاهزة من امن وملاعب كرة قدم وتجمعات مائية واماكن اقامة مسابقات الكانوي كاياك، اي باختصار جميع البنى التحتية الرياضية. كما جهزنا البنى التحتية للاتصالات والطاقة". وقع خيار اللجنة الاولمبية الاسبانية على نجم كرة المضرب رافاييل نادال، الفائز ب14 لقبا في بطولات الجران شيليم، لكي يحمل علم بلاده في افتتاح دورة الالعاب الاولمبية الصيفية التي تحتضنها ريو دي جانيرو البرازيلية من 5 الى 21 اب المقبل. وكان من المفترض ان يتولى نادال، الذي يحتفل بميلاده الثلاثين في اوائل يونيو المقبل، مهمة حمل علم بلاده في العاب لندن 2012، لكن الاصابة حرمته من ذلك ما فتح الباب امام نجم دوري كرة السلة الامريكي للمحترفين باو جاسول لكي ينال هذا الشرف. واعرب نادال، الفائز بذهبية الفردي في اولمبياد بكين 2008، في فيديو نشره في صفحته على موقع تويتر عن سعادته لاختياره من اجل هذه المهمة، قائلا: "انا متحمس للغاية، اتمنى ان تكون العابا جميلة وان تكون جيدة على كل المنتخب الاسباني". وتحدث رئيس اللجنة الاولمبية الاسبانية اليخاندرو بلانكو على هامش حدث في مدريد للاحتفال ببدء العد التنازلي لاولمبياد ريو 2016، عن اختيار نادال قائلا: "الرياضة الاسبانية تدين بالكثير لرافاييل نادال. لقد اعطانا نادال الكثير. ما اعطانا اياه اكبر بكثير من النتائج". ويبدو ان نادال استعاد هذا الموسم شيئا من مستواه السابق ووضع خلفه موسمه الكارثي في 2015، اذ توج قبل ايام بلقبه الثاني على التوالي (مونتي كارلو وبرشلونة) في افتتاح موسم دورات الملاعب الصلصالية. وعادل نادال انجاز الارجنتيني جييرمو فياس باحرازه لقبه ال49 على الملاعب الصلصالية، علما بان الاخير حقق هذا الانجاز بين 1970 و1980. والفوز في نهائي برشلونة على حساب الياباني كي نيشيكوري كان العاشر تواليا لنادال في مستهل موسم دورات الملاعب الصلصالية، ليتحضر بشكل مثالي لمحاولة استعادة لقب بطولة رولان غاروس الفرنسية في يونيو المقبل حيث سيسعى الى تتويج عاشر في هذه البطولة.