يتحدد غدًا الرئيس المقبل للاتحاد الدولي لكرة القدم المعروف اختصارا باسم الفيفا من بين المرشحين الخمسة الذين تقدموا لشغل هذا المنصب وإدارة شئون اللعبة الأكثر شعبية في العالم. ووفقا للتقرير الذي أعدته «مجلة الأهرام الرياضي» في عددها الصادر أمس فأن انتخابات الفيفا هذه المرة تختلف شكلا وموضوعا عن كل الانتخابات التي جرت في تاريخ هذه المؤسسة الكروية لكونها تحمل بين طياتها مؤشرات قد تكون قاسية ومجهدة وتحتاج إلي عقل وفكر من سيشغل هذا المنصب خلفا للسويسري سيب بلاتر الذي كان يتولى المسئولية منذ 1998 لكنه عوقب بالإيقاف لثماني سنوات في ديسمبر الماضي وسط أكبر فضيحة فساد تواجه الاتحاد الدولي عبر تاريخه الممتد لنحو 111 سنة.. ويبدو المشهد الانتخابي الذي سيجري في قاعة "الهالونستاديون" بمقر الفيفا في مدينة زيوريخ السويسرية غارقا في تربيطات صادمة تحقق أملا منشودا لأحد المرشحين وحلما جميلا لبعض الشخصيات العالمية البارزة العاملة في مجال الرياضة والتي سعت إلي تحقيق تلك التربيطات لتذوق قطعة من كعكة الفوز في حالة نجاح من تحققت من أجله التربيطات. بعد رحيل «بلاتر» في قضية الفساد الشهيرة التي أطاحت أيضًا بالفرنسي القوي ميشيل بلاتيني باتت الساحة خاوية ومطمعا لكل من يسعي إلي إدارة تلك اللعبة عالميًا رغم المخاطر التي تحيق به خصوصا وانه سيعمل في جو ملبد بالرشي والفساد وتحقيق مصالح شخصية علي حساب المصلحة العامة.. وأبرز ما لفت الانتباه وطرح العديد من علامات التعجب والاستفهام الاتفاق المعلن بين الاتحادين الأسيوي والأفريقي بمنح الشيخ سلمان بن خليفة رئيس اتحاد اللعبة في القارة الأسيوية أصوات القارة السمراء، وهو اتفاق أثار الكثير من الشكوك حول النوايا الحقيقية التي دفعت الكاميروني عيسي حياتو رئيس الاتحاد الافريقي لكرة القدم"الكاف" للإعلان عن التأييد الكامل للشيخ البحريني ما قلب كل الموازين ودفع بالشيخ ليكون أحد المرشحين وبقوة لنيل نصيب الأسد من أصوات القارتين علي حساب منافسه العربي الأمير علي بن الحسين الذي تصدي لجبروت بلاتر في الانتخابات السابقة ونجح في الحصول علي 73 صوتا، وهو عدد ليس بقليل أمام قوة السويسري وتأثيره المباشر وغير المباشر علي أعضاء الجمعية العمومية للفيفا البالغ اجمالي عددهم 209 صوتاً. ويري البعض أن الاتفاق المعلن بين القارتين أو بالأحري بين رئيسي الاتحادين الأسيوي والافريقي للعبة هو أشبه بصفقة غير بريئة الغرض منها التأييد المطلق للشيخ البحريني من أبناء القارة الفقيرة حتي يتربع فوق مقعد الرئاسة في مقابل عدم الاقتراب أو المساس بالصندوق الأسود للكاميروني حياتو والتقليب في ملفاته والنبش في أوراق قد تحمل رائحة فساد مالية مثلما حدث مع بلاتر وبلاتيني وكذلك جيروم فالك الأمين العام السابق للفيفا، علاوة علي شخصيات بارزة في المكتب التنفيذي الذين طالهم بعض من هذه الاتهامات.. أما أصوات القارة الصفراء فانها علي ما يبدو ، وفق ما تردد ، تحتاج الي قوة دافعة أخري غير قوة الشيخ سلمان، وتتمثل في الشيخ الكويتي أحمد الفهد عضو اللجنة التنفيذية للفيفا ورئيس المجلس الأوليمبي الآسيوي من خلال تأثير هذا الرجل القوي علي أعضاء الجمعية العمومية في تلك القارة بحكم علاقاته الوطيدة مع معظمهم ليحصل في مقابل هذا علي مقعد الرئاسة بالاتحاد الآسيوي خلفا لسلمان في حال فوزه برئاسة الفيفا! وفي كل الأحوال فان الخاسر الأكبر من وراء تلك التربيطات والاتفاقات السرية والمعلنة هو الأمير الأردني النائب السابق لرئيس الفيفا الذي كان الأقرب للفوز في حال عدم تفتيت الأصوات العربية وحصوله علي تأييدهم وإن كان تواجده داخل حلبة السباق ستؤثر دون شك علي الشيح سلمان بنيله بعض الأصوات الأسيوية التي سيتعاطف البعض منها مع موقفه وسيمنحه البعض الآخر أصواتهم بكامل الرضا والاقتناع بحكم العلاقات التي تربطه وبعض مسئولي الاتحادات في تلك القارة، وقد تفلت أيضاً بعض الأصوات الافريقية وتقف الي جواره في الخفاء خوفا من بطش الكاميروني حياتو في حالة الاعلان عن السير في هذا الاتجاه.. أما الأصوات الأوروبية التي حصل عليها الأمير الأردني عند ترشحه ضد بلاتر فانها ستتخلي عنه هذه المرة لتتجه نحو جياني إينفانتينو سكرتير عام الاتحاد الأوروبي للعبة الذي بات المرشح الرسمي للقارة البيضاء بعد انسحاب بلاتيني إثر معاقبته بالإيقاف لمدة تسعة أعوام وتعذر استئنافه للعقوبة.. وليس بغريب أن يحظي هذا السويسري بتأييد شبه مطلق من أبناء قارته كما تلقى وعدا بدعمه من قبل دول أمريكاالجنوبية والوسطى.. وجميعهم يرونه الأصلح لتحسين سمعة وصورة الفيفا وخلق لجنة تنفيذية جديدة لا تميل لهوي الرئيس ، والحد من عدد ولايات الأعضاء بمن فيهم الرئيس، وتعيين شخصيات مستقلة في مختلف اللجان وتعيين أمين عام جديد ، وفتح باب التقدم لاستضافة مونديال 2026، ووضع قواعد جديدة لتطوير كرة القدم عبر أنحاء العالم وإصلاح نظام الانتقالات.. وعلي ما يبدو أن جياني لم ينس مداعبة القارات الفقيرة بعدما اقترح رفع عدد المنتخبات في المونديال ل40 منتخبا بزيادة ثمانية منتخبات عما هو كائن في الوقت الحالي ستؤدي بالتالي الي زيادة عدد المباريات من 64 إلى 96 ومد فترة البطولة لأسبوع.. وهي ورقة يطمح من ورائها كسب عدد من أصوات القارتين الصفراء والسمراء اللتين حاربتا معا من أجل زيادة مقاعدهما أيام حكم بلاتر ومن قبله البرازيلي هافيلانج، وكذلك كسب ود الكونكاكاف علي اعتبار أن نصيب أمريكاالجنوبية هو تأهل منتخب من كل منتخبين يشاركان في التصفيات، وفي أوروبا يتأهل منتخب من كل أربعة منتخبات.. أما في كل من الاتحادات القارية الأخرى، يتأهل منتخب من كل عشرة منتخبات في التصفيات!! وقد يكون وجود المرشحين الفرنسي جيروم شامبين النائب السابق للامين العام للفيفا، والجنوب أفريقي طوكيو سيكسويل رجل الأعمال ضيفا شرف في تلك الانتخابات حيث لم يلق أي منهما دعما معلنا من أية جبهة بل انهما يعتمدان علي محاولتهما الفردية في جذب الأصوات ليس أكثر لأن الأول وهو شامبين لا يملك تاريخا طويلا مع كرة القدم قدر امتلاكه لخبرة كبيرة في العمل السياسي بل يرجع عمله مع المستديرة الي عام 98 فقط حين استضافت فرنسا نهائيات المونديال، وهو أول معرفته ببلاتر الذي أسند اليه مهمة مستشار الفيفا ثم جعله نائبا للأمين العام حتي بداية الألفية الثالثة.. أما سكسويل المعتقل السياسي السابق الذي سجن بصحبة الراحل نيلسون مانديلا خلال فترة الفصل العنصري، فان اسمه ارتبط بالتحقيق حول مزاعم رشاوى في ملف حصول بلاده على استضافة مونديال 2010 حين تم الاستماع إليه كشاهد من قبل هيئة كبار المحلفين في الولاياتالمتحدة وحملته كانت ولا تزال تحمل طابع السرية. ووفق كل تلك المعطيات فأنه من الصعب إن لم يكن مستحيلا أن يحسم أحد المرشحين تلك الانتخابات من الجولة الأولي، وقد يصعد للجولة الثانية الأمير سلمان في حال نجاح مخططه سواء بالاتفاق مع الكاف أو مسندة الفهد الكويتي ، ومع أمين عام اليوفا لو حصل علي أصوات قارته، علاوة علي خطف بعض الأصوات من القارات الأخري.. ومهما كان اسم الفائز والأصوات المؤيدة لتواجده في رئاسة الفيفا فإن مهمته لن تكون سهلة على الإطلاق في ظل الزلزال الذي ضرب جذور الفيفا. المرشحون الخمسة في سطور جياني اينفانتينو : ولد 23في مارس 1970 ، وهو رجل اعمال سويسري من أصل إيطالي ومحاميا بارعا ، ومتزوج ولديه أربعة أطفال وتولي منصب امين عام الاتحاد الاوروبي منذ عام 2009، وتلقى إنفانتينو في 26 أكتوبر الماضي دعما كاملا من اللجنة التنفيذية للاتحاد الاوروبي ليرشح نفسه لمنصب رئيس الفيفا في المؤتمر الاستثنائي القادم لكرة القدم ، وفي اليوم نفسه، أكد ترشيحه وأنه قدم الإعلانات المطلوبة درس جياني القانون في جامعة فريبورج بسويسرا، ويتحدث الإيطالية، الفرنسية ، الألمانية ، الإنجليزية، والإسبانية بطلاقة.. وقبل انضمامه إلى الاتحاد الاوروبي عمل امينا عاما للمركز الدولي للدراسات الرياضية (CIES) في جامعة نيوشاتيل السويسرية، بعد أن كان في السابق مستشارا لمجموعة متنوعة من هيئات كرة القدم في ايطاليا واسبانيا وسويسرا. وفي اكتوبر 2009 شغل منصب الأمين العام الاتحاد الاوروبي، وكان جزءا من فريق القيادة التي ساعدت على زيادة الترابط ما بين الاتحاد الاوروبي والاندية وكذلك المنتخبات بما يحقق الفائدة لجميع الاطراف. ونجح جياني في تحقيق دخل مالي اعلي لليوفا، كما نجح أيضا في تطوير المسابقات وأسهم في زيادة عدد المنتخبات بنهائيات الامم الاوروبية لتصبح 24 فريقا، وهو حاليا يعمل أيضا كعضو في لجنة الإصلاح بالفيفا، ويلقى دعماً من أمريكا الوسطى واميركا الجنوبية بالإضافة إلى أصوات اوروبية مما يجعله شخصية رئيسية في هذه الانتخابات. جيروم شامبين: ولد في 15 يونيو 1958 في باريس، واستكمل دراسته في 1981 في معهد العلوم السياسية في باريس ومعهد اللغات الشرقية..وعمل في وزارة الخارجية الفرنسية في 1983 وخلال عمله كدبلوماسي عاش في مسقط بسلطنة عمان وهافانا بكوبا وباريس ولوس انجليس وبرازيليا، وأصبح نائب القنصل العام في لوس انجليس والتقى خلال فترة استعداد الولاياتالمتحدة لاستضافة كأس العالم 1994 مع مسئولين بارزين في اللجنة المنظمة لاستضافة كأس العالم 1998 في فرنسا ومنهم ميشيل بلاتيني. ترك شامبين السلك الدبلوماسي في فرنسا في 1997 وبدأ العمل في اللجنة المنظمة لكأس العالم 1998 كمستشار دبلوماسي وكرئيس للمراسم تحت قيادة بلاتيني.. والتقى أيضا بسيب بلاتر الأمين العام للفيفا الذي أصبح رئيسا للفيفا خلفا لجواو هافيلانج في 1998، وبعدما أصبح بلاتر رئيسا للفيفا دعا شامبين للانضمام للاتحاد الدولي كمستشار دولي واستمر هناك لمدة 11 عاما وأصبح سريعا أحد أهم الشخصيات المؤثرة في الفيفا واشترك في عدة مبادرات منها تطوير العلاقات مع مؤسسة الاتحاد الاوروبي للدول واللجنة الاولمبية الدولية ورابطة اللاعبين المحترفين. واشترك شامبين في مشروع "فز في افريقيا مع افريقيا" وساعد بلاتر على الترويج لحملته الاعلانية للترشح لرئاسة الفيفا في 2002 ودعم بلاتر في خططه لإقامة كأس العالم 2010 في جنوب افريقيا..وشغل منصب نائب الأمين العام للفيفا في الفترة بين 2002 و2005 وعمل في المشروعات الخاصة بين 2005 و2007 وتولى منصب مدير العلاقات الدولية منذ 2007 وحتى رحيله من الفيفا في 2010 بعد صراع سياسي كلفه منصبه.. وعلى الرغم من دعم اسطورة كرة القدم بيليه له، فهو غير معروف كثيراً لدى الاوساط الكروية وقد تتم محاربته كونه المرشح المفضل لدى بلاتر. الشيخ سلمان بن إبراهيم آل خليفة : يبلغ البحريني الشيخ سلمان 49 عاماً، وهو أحد سلالات العائلة المالكة في البحرين وقد تشرب العمل الرياضي والاداري منذ سنواته المبكرة وتدرج بشكل هرمي في مجال الادارة الرياضية وزاول الشيخ سلمان لعبة كرة القدم في نادي الرفاع البحريني قبل ان يلتحق بجامعة البحرين ويحصل على البكالوريوس في الادب والتاريخ الانجليزي، ولم يمنعه مواصلة تعليمه من ممارسة شغفه بالعودة الى الادارة الرياضية حيث انتخب في عام 1998 نائبا لرئيس الاتحاد البحريني لكرة القدم وفي عام 2002 انتخب رئيسا للاتحاد البحريني، ومارس الشيخ سلمان العمل دولياً من خلال لجنة الانضباط بالفيفا ، وقد عمل نائبا لها، وترأس اللجنة العليا لدورة الخليج قبل الاخيرة في البحرين ، كما شغل ايضا منصب الأمين العام للمجلس الأعلى للشباب والرياضة في البحرين.. وفي مايو 2013 انتخب رئيسا للاتحاد الاسيوي لكرة القدم وفاز حينها بعضوية اللجنة التنفيذية للفيفا وفي عام 2014 انتخبت الجمعية العمومية للاتحاد الاسيوي ال خليفة ليكون نائبا لرئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم عن قارة اسيا. طوكيو سيكسويل : هو رجل اعمال جنوب أفريقي من العمر 62 عاماً واودع في السجن 13 سنة مع الزعيم نيلسون مانديلا، وهو ثاني افريقي يترشح لمنصب رئاسة الفيفا بعد الكاميروني عيسي حياتو رئيس الكاف. بنى طوكيو ثروته في قطاعي المناجم والاتصالات، وكان قد تقدم بترشحه باعتباره الرجل الجديد الذي يطالب به الكثيرون والبعيد عن فضائح الفيفا..ولكنه مثل أمام هيئة محلفين أمريكية كبرى في نيويورك لاستجوابه بشأن مزاعم بدفع جنوب أفريقيا 10 ملايين دولار رشوة إلى نائب رئيس الفيفا جاك ورنر.. وخضع لاستجواب كشاهد محتمل بطلب من مكتب التحقيقات الفيدرالي، أف بي آي.. وكان ضمن الفريق الذي روج لملف جنوب أفريقيا ومكنها من الفوز باستضافة نهائيات كأس العالم 2010.. وجاء في مذكرة الاتهام الأمريكية أن المبلغ دفع في حساب تابع للفيفا، على أنه أموال لتطوير كرة القدم، من أجل ضمان أصوات لترشيح جنوب أفريقيا..وكان أسطورة كرة القدم الألمانية "القيصر فرانز بيكنباور أول داعمي ترشحه لرئاسة الفيفا. علي بن الحسين : ولد في 23 ديسمبر 1975 ، وهو ابن الملك الحسين بن طلال من الملكة علياء.. وقد بدأ دراسته في الكلية العلمية الإسلامية في عمّان، ثم أكمل دراساته في المملكة المتحدة وفي الولاياتالمتحدة، حيث تخرج من «مدرسة سالسبيري» في كنتاكي عام 1993، ثم التحق أكاديمية ساندهيرست العسكرية الملكية، وعين بعام 1994 بالقوات المسلحة الأردنية، وانتقل بعد ذلك إلى الحرس الملكي الأردني. وعمل في الحرس الملكي الأردني في الفترة ما بين 1999 و 2008 قبل أن يتولى مهمة تشكيل وتأسيس المجلس الوطني للأمن وإدارة الأزمات، كما أنه تسلم أكثر من مرة منصب نائب الملك خلال سفر الملك في 7 أكتوبر 2010 أعلن ترشحه لمنصب نائب رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم - فيفا عن قارة آسيا وذلك للانتخابات التي جرت في العاصمة القطرية الدوحة خلال اجتماع الجمعية العمومية للاتحاد الآسيوي لكرة القدم.. وفي يوم 6 يناير 2011 انتخب نائبًا لرئيس الفيفا بعد حصوله على 25 صوتًا مقابل 20 صوت لمنافسة الكوري الجنوبي تشونج مونج .. وفي 6 يناير 2015 ، أعلن الأمير علي ترشحه لرئاسة الاتحاد الدولي لكرة القدم ضد جوزيف بلاتر ، وحصل بلاتر في الجولة الاولى على 133 صوتا مقابل 73 صوتاً للأمير علي، وفي اثناء اقامة الجولة الثانية من الإنتخابات قام الأمير علي بالانسحاب من الانتخابات.