"ديربي ديلا كابيتالي" أو "ديربي العاصمة" هكذا يُسميه الإيطاليون، و نحن أطلقنا عليه في مُستهل تقريرنا "ديربي المدينة الخالدة"، هي في الحقيقة تسميات تُخفي قدراً كبيراً من حجم الكراهية التي ينطوي عليها هذا التحدي المُخيف بين قُطبي العاصمة الإيطالية، روما و لاتسيو. روما، عاصمة الإمبراطورية الرومانية قديماً، وإيطاليا الموحدة حديثاً، مدينة التلال السبعة، و القلب الروحي للكنيسة الكاثوليكية الرومانية، مدينة المدرج الروماني العريق " الكولوسيوم "، أيامها تذخر بالمجد والفن والحضارة، المدينة التي يُعتقد أن نيرون أحرقها عام 64 من الميلاد، قبل أن يُجددها لتبقى رمزاً أبدياً للحضارة الإنسانية. في النصف الأول من القرن العشرين، كانت الرغبة عارمة في العاصمة لتكوين فريق كرة قدم قوي قادر على مقارعة الأندية القوية في شمال إيطاليا مثل ميلان و يوفينتوس وإنتر، و بارك الديكتاتور الفاشي موسوليني فكرة دمج أندية المدينة في فريق واحد قوي، وبالفعل نتج عن هذا تكوين فريق "إي إس روما"، غير أن الجنرال جورجيو فاكارو رفض دمج "إس إس لاتسيو" في هذا الفريق المُوحد، وعارض الفكرة، فكانت شرارة البداية التي أشعلت نيران الكراهية بين روما "الموحدة" و لاتسيو "المُعارِض". ملعب "تيستاشيو" الذي احتضن اللقاءات الأولى روما و لاتسيو، قطبان متنافران على طول المسار، يمين مُتشدد و يسار فاشي، روما فريق الطبقة البرجوازية في المدينة، ولاتسيو فريق موظفي الدولة والأحياء الفقيرة. ولطالما ارتبطت الطبقة المُخملية أو ما يُسمون بالإيطالية "إي ريتشي" بروما، و العكس حدث مع لاتسيو، إذ أحبه وارتبط به قاطنوا الضواحي المحيطة بالمدينة. تنعكس حالة الكراهية بين الناديين بوضوح في المدرجات، في مباراة عام 1979 ألقى أحد مشجعي روما سهماً نارياً باتجاه مدرجات لاتسيو ليُصيب أحد المشجعين بإصابة خطيرة أردته قتيلاً. حادثة كانت الأولى من نوعها على مستوى الشغب الجماهيري بين جماهير الناديين. حادثة 79 لم تخفف من وطأة الكراهية و العداوة الشديدة بين الجمهورين، إذ رُفعت ذات مرة لافتة من جماهير روما تسب فيها جماهير المنافس وتصفهم "بالخراف"، بالمقابل ردت جماهير لاتسيو بوصف روما "بفريق السود الذي يشجعه اليهود". و تجدر الإشارة أن نادي لاتسيو ظل و لفترة طويلة يمنع التعاقد مع لاعبين من أصحاب البشرة السوداء، و كانت جماهير لاتسيو تُطلق صافرات الاستهجان وتٌقلد أصوات القردة على اللاعبين السود في فريق روما، حتى جائت حقبة الرئيس كرانيوتي في لاتسيو، الذي بدء محاربة العنصرية و ضم للفريق السماوي لاعبين من ذوي البشرة السوداء. لكن هذا لم يُوقف تصرفات جمهور الفريق ولم يقلل من عُنصريتهم تجاه اللاعبين السود. و من المواقف التي تعكس أيضاً حجم الكراهية بين الفريقين مباراة لاتسيو ضد إنتر في موسم 2009/2010، عندما كان روما ينافس إنتر على لقب الدوري، ويومها فضلت جماهير لاتسيو أن يخسر الفريق كي لا يكون سبباً في ذهاب لقب الدوري إلى العدو اللدود روما. جماهير لاتسيو تسخر من روما بعد إهداء اللقب للإنتر و في المباراة الأخيرة بينهما في الموسم الماضي فاز روما 2-1، واحتفل لاعبو روما بقيادة توتي بصورة مبالغ فيها للغاية لمجرد أنهم حرموا لاتسيو من الحصول على المركز الثاني المُؤهل مباشرة إلى دوري أبطال أوروبا. حقق روما لقب الدوري الإيطالي ثلاث مرات، كانت أخرها موسم 2000/2001، كما فاز بلقب كأس إيطاليا تسع مرات، في المقابل حقق لاتسيو لقب الدوري مرتين كانت أخرهما موسم 1999/2000، و فاز بالكأس ست مرات. على المستوى الأوروبي حقق روما لقب كأس المدن والمعارض عام 1961 وهي بطولة تشبه كأس الاتحاد الأوروبي، بينما فاز لاتسيو بكأس الكؤوس الأوروبية 1999، و كأس السوبر الأوروبية في نفس العام. انطلقت المواجهات بين الفريقين في عام 1929، وأقيمت المباراة على ملعب "رودينيلا"، وأسفرت عن فوز روما بهدف دون رد. الملعب الأولمبي الذي سيحتضن مباراة الأحد المقبل، جمع بين القطبين لأول مرة في عام 1953، وانتهت المباراة بالتعادل لهدف في كل شبكة. و يتفوق روما في المواجهات المباشرة برصيد (50) انتصار في الدوري، مقابل (36) للاتسيو. و يُسجل التاريخ أن قائد روما فرانشيسكو توتي هو أفضل هداف في تاريخ لقاءات الفريقين برصيد (11) هدفاً. أول أهداف توتي جائت في قمة نوفمبر 1998 التاريخية، والتي انتهت بالتعادل 3-3، وهي واحدة من أبرز المباريات التي جمعت بين العدوين اللدودين. و يحتفظ المُهاجم فينشينزو مونتيلا برقم فريد من نوعه، حيث أنه اللاعب الوحيد الذي سجل (4) أهداف في قمة واحدة، وذلك في المباراة التي أقيمت عام 2002، وانتهت بفوز عريض لروما قوامه 5-1. الفوز بخمسة أهداف لم يكن الأول من نوعه لروما، إذ سبق أن حققه في ديربي عام 1933. رباعية مونتيلا التاريخية في 2002 أبرز انتصارات لاتسيو في الديربي كانت في موسم 2009، عندما فاز النسور بنتيجة 4-2. وأيضاً يُعد فوز لاتسيو بنهائي كأس إيطاليا 2013 على روما بهدف نظيف أحد أهم انتصارات الديربي التي تبقى في الأذهان طويلاً. روما و لاتسيو يعودان من جديد في مواجهة مُرتقبة و مُنتظرة على الملعب الأولمبي عصر الأحد، وقد يكون موقف الفريقين تناقضاً إذا يُنافس روما على اللقب، بينما يُعاني لاتسيو، لكن هذه المباراة ستكون كما كانت دائماً بطولة خاصة على مستوى العاصمة. المباريات الخمس الأخيرة بين القطبين