طريق الانشاد والمديح لم يعرف اصوات الرجال فقط بل شاركت فيه المداحات بقوة وبرزت منهن اسماء لامعه حفظت معها التراث الشعبي من المديح والغناء. ومن ابرز تلك الأصوات كانت الفنانة خضرة محمد خضر اشهر فنانات الغناء الفولكلوري والمديح الشعبي المصري و هي من كوم حماده, محافظة البحيرة, اكتشفها و تجوزها زكريا الحجاوي جامع التراث الموسيقي. اشتهرت خضره محمد خضر بقصة ايوب وناعسه التي غنتها مع الفنانة فاطمة علي, من تأليف زكريا الحجاوي, كما قدمت أغاني كثير للحجاج. ونشأت خضرة لوالدين مغنيين, حيث رافقتهما في الموالد والأفراح, وأثرت عليها نشأتها وجعلتها تحب أجواء المديح والموالد, واستطاعت أن تشكل فرقة موسيقية شعبية خاصة بها بعد فترة وجيزة من عملها بالإنشاد الذي بدأته كمداحة بعد أن حفظت الكثير من الأغاني الشعبية والقصص الدينية, غير أن التحول الكبير في حياة خضرة كان في عام1955 عندما كان يجوب الشيخ زكريا الحجاوي في القري والمدن باحثا عن مؤدين شعبيين للمشاركة في إحدي مسرحياته الاستعراضية فالتقي بها وكون معها فرقة النيل التي اشتهرت بتقديم عروض في المسارح والقري والموالد. ومع الحجاوي فتحت لها أبواب الشهرة; فعرفتها وسائل الإعلام المختلفة, وأقامت علاقات مع الوسط الفني كما استطاع الحجاوي أن يجمع مادة أشهر ألبوماتها عام1985 الذي عرف بأيوب المصري الذي سجله لها في الإذاعة, كما أعد لها قصة سعد اليتيم, وألف لها ملاعيب شيحة. ومرت الأيام بفرقة النيل وظهر إنتاجها الذي كان أوله ملحمة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ثم قصة أيوب المصري التي صارت موسيقاها تيمة رئيسية في العديد من الأفلام نذكر منها الزوجة الثانية لصلاح أبو سيف, واللص والكلاب لكمال الشيخ وغيرهما ثم قصة ملاعيب شيحة, وهي قصة وعظية بامتياز, وتدور حول جمال الدين شيحة الشخصية المصرية الشهيرة المعروفة بقدرتها علي التنكر. والواقع أن زكريا الحجاوي لعب دورا مميزا في اكتشاف خضرة وفي صقل موهبتها, واختيار كلمات أغانيها; وهو ما جعل فنها قريبا من الجمهور علي اختلاف طبقاته. وكانت خضرة من أوائل المنشدات اللاتي فتحنا الطريق لمثيلاتهن في فن المديح والغناء الشعبي. يقول الدكتور إبراهيم عبد الحافظ المدرس في معهد الفنون الشعبية والباحث في الفن الشعبي إلي أنه لم تختلف المنشدات عن المنشدين من حيث الفرق الموسيقية والكلمات إلا في القليل في المجالات; فهناك تشابه كبير في الكلمات والموضوعات حيث تعتبر كتب التراث التي يلجئون إليها واحدة وتحديدا تلك المعبرة عن حب الله والحب النبوي والحج وزيارة الكعبة والعمرة وغيرها من المناسبات الدينية إلي جانب المواضيع الدينية كالقصص الاجتماعية عن الصداقة والأخوة والمواعظ والعبر في قصص الأنبياء, كما تؤخذ بعض الأغاني لكبار الفنانين كأم كلثوم وفريد الأطرش وتوظف للحب النبوي. رابط دائم :