تناولت في الأسبوع الماضي افتقاد الإعلام المصري بعد ثورة25 يناير للمهنية والموضوعية, بعد أن سيطر عليه مجموعة من المتحولين, واليوم استكمل تشخيص أمراض الإعلام المصري, الذي فقد ما تبقي فيه من مهنية وموضوعية وحياد وهو يغطي تظاهرات26 يوليو وما نجم عنها من مذبحة المنصة, وإراقة الدماء وإزهاق الأرواح بدم بارد. وبداية أعترف أن نظام مرسي لم يكن خاليا من الأخطاء, وقد انتقدت آداء حكومة قنديل والإخوان في هذا المكان أكثر من مرة, إلا أن ما يحدث هذه الأيام من الإعلام المصري, وخاصة الفضائيات يجعلني كلما أدرت المؤشر علي قناة مصرية سواء حكومية أم خاصة أري بشر علي هيئة أفاعي وحيات, ومصاصي دماء, ينفثون السم, ويزرعون الكراهية, ويباركون القتل, ويلغون في دماء المصريين, أراهم وقد تحولوا إلي شياطين توسوس في الصدور, سكتوا عن الحق, وراحوا يزينون الباطل, لا ينطقون إلا شماته, ولا يتحدثون إلا كذبا, يتسابقون في حض المصريين علي قتل بعضهم البعض, يعملون من أجل تقسيم مصر إلي معسكرات متصارعة متناحرة, لأنهم لا يعرفون العمل إلا في الأجواء المسممة, يمارسون إعلامهم البغيض متفوقين علي إبليس وجنوده, يبنون مجدهم ويزيدون من أرصدتهم في البنوك علي جثث المصريين, وعلي أنقاض الوطن. أراهم يأكلون في لحم الوطن, تبلل الدماء أشداقهم, وتسيل في حروف كلامهم, ولم أر أي منهم يدعو إلي مصالحة حقيقية, ولم نشاهد واحدا منهم يناقش مبادرة من المبادرات التي طرحها أناس يحبون مصر ويخشون أن تسير في اتجاه الحرب الأهلية, التي للأسف يشعل نيرانها هؤلاء الأفاعي والحيات المتلونة, ومصاصي دماء المصريين, من إعلاميين وسياسيين لا يمثلون المصريين الحقيقيين من قريب أو من بعيد. * رغم كل أدلة القتل مع سبق الإصرار والترصد, ورغم الصور والفيديوهات التي تظهر من يصوبون الرصاص في حراسة الشرطة علي رؤس وصدور الشباب الذين خرجوا يعبرون عن رأيهم في محيط رابعة العدوية, وهم ليسوا جميعا من الإخوان المسلمين الذين استبيحت دماؤهم هذه الايام وكانهم ليسوا من البشر فليس كل من في رابعة العدوية من الإخوان المسلمين, في مذبحة لم نشهد له مثيلا حتي من المستعمرين, رغم كل ذلك راح إعلاميو الدم يتهمون المقتولين بأنهم قتلوا أنفسهم, ولم يدينوا القتلة, ولم يتهموا الشرطة لأنها لم تحم القتيل من رصاص القاتل, بل هيئت له المسرح ليباشر القتل, ويسيل الدماء. * تناسي إعلاميو العار الفضائي أنهم مصريون, وأن الدماء التي سالت مصرية, وتناسوا ما قرره المصطفي صلي الله عليه وسلم من قبل بأن دم المسلم أقدس عندالله من الكعبة وأن انهيارها حجرا حجرا أقل حرمة من إراقة الدماء البريئة. أغمض أباليس الإعلام المصري عيونهم عن الدماء التي سالت في معركة ليست تدور مع الصهاينة الذين اغتصبوا الأرض المقدسة بل مع مصريين مسلمين. لقد قبل إعلاميو وإعلاميات إبليس بالقيام بدور المحلل والمبرر لإراقة الدماء ولم ينكروا المنكر الغليظ الواضح المتبجح ووافقوا مقابل الملايين التي يتكسبونها السكوت عن الحق وأصبحوا شياطين خرساء. ويتساوي معهم أولئك الذين كانوا يتباكون لمقتل فرد واحد أو الإساءة إليه من ناشطين حقوقيين وسياسيين, ولم نسمع لهم صوتا ولا حتي إدانة بعد قتل العشرات في مذبحة المنصة, ولم يسأل أي إعلامي منهم أين الدكتور محمد البرادعي المشارك في الحكم من تلك الدماء, وهو الذي قال عندما قتل رجل في عهد الدكتور مرسي إنه فقد شرعيته. وحتي لا أكون مشاركا في جرائم الإعلام المضلل, أقول: اللهم إني أبرأ إليك من فعل هؤلاء الكذبة الكارهين للوطن, والعاملين علي نشر الكراهية, والساكتين عن الحق, المناصرين للباطل الداعين إلي الفرقة والانقسام, بدلا من البحث عن طريق للخروج من هذا النفق المظلم.