في قصبة رضوان بمنطقة الدرب الأحمر يجلس الجميع أمام محالهم الصغيرة, ولا أثر لحركة بيع أو شراء, إذ غاب الزائرون عن واحدة من أقدم أسواق القاهرة سوق الخيامية. حيث كانت تنسج خيام الأمراء والسلاطين وكبار التجار منذ العصر الفاطمي. يقول أحمد محمد(40 عاما) أنه ورث هذه المهنة عن أجداده, منذ أن كان في العاشرة, ولم يكن في منطقة قصبة رضوان إلا عدد قليل من محال الخيامية, لكن عدد الحائكون كان كثيرا جدا, شأنها شأن معظم الحرف اليدوية التي تعتمد علي البيع للسائحين, تأثرت حياكة الخيامية بالاضطرابات منذ اندلاع ثورة25 يناير, يؤكد أحمد محمد علي ذلك قائلا: الإقبال تراجع لأن الأجانب كانوا يقدرون الفنون اليدوية, ويعرفون قيمته, بالإضافة إلي الطبقة المثقفة في المجتمع المصري, لكن فيما عدا ذلك لن تجد من يقدر جهود خياط ظل يعمل أسبوعين أو ثلاثة أسابيع لإنتاج مفرش من الخيامية. تعتمد صنعة الخيامية علي تركيب قطع من قماش القطن الملون لتصنع زخارف بعضها يميل إلي الشكل الفرعوني وبعضها يستلهم النقوش الإسلامية وأخري تستلهم النقوش الرومية. يقول محمد: المجال مفتوح للإبداع, فهي كسائر الفنون يمكن توظيفها بعدة أشكال وهذه هي أهم ميزة لمشغولات الخيامية فهي تصلح لأي غرض, قد تستخدمها مفرشا للسرير, وقد تصلح مفرشا للسفرة أو خدادية, هي قطعة فنية يمكن تحويلها لأي شئ لتعطي روحا جديدة للمكان. ويمكن استخدام خامات أخري دون القطن, فمحمد يفضل استخدام قماش ال(تافتاه) في الخداديات, إذ أنه أكثر عملية ويمكن غسله عدة مرات دون أن يتغير لونه, أيضا يستخدم ال(ساتان) أو الحرير في المفارش, وكل ذلك يتوقف علي رغبة الزبون. تبدأ تكلفة مشغولات الخيامية اليدوية من20 جنيها لقطعة4545 سم, لتصل إلي الف جنيه وما فوق لمفرش العروس وكسوة اللحاف والتابلوهات الكبيرة, حسب حجم القطعة وكمية الزخارف بها. يجلس محمد منحنيا علي أريكة خشبية قديمة علي الطراز الشعبي, ويرسم( باترون) لمفرش علي الطراز الإسلامي. يري محمد أن هذا أحد أهم الأسباب التي تعوق بيع الخيامية في السوق المصري, إذ أن أسعارها غالية مقارنة بالمفروشات المستوردة الأخري, رغم ذلك يعود محمد ليؤكد أن مشغولات الخيامية انتشرت مؤخرا بسبب ظهورها في بعض المسلسلات وأصبح بعض مصمموا الأزياء يستعينون بها لتجديد خطوط الموضة, لكن ذلك لا يضاهي نسبة البيع للأجانب. يتفق عاطف(33 عاما) مع محمد مؤكدا أن الزبون المصري إمكانياته الشرائية ضعيفة جدا, بالكاد صارت تكفي قوته, لذلك كانت80% من مبيعاتهم تستهدف جمهور الأجانب في مصر, أيضا يري عاطف أن الطلبيات التي كان زواره من السائحين يطلبونها كانت تروقه هو شخصيا إذ تضع لمسة مختلفة علي مشغولاته من حيث التركيبات اللونية والتصميمات. يقول: كان بعض الأجانب يطلبون تصميمات مختلفة, وكانت تساعدني علي تطوير مشغولاتي فأكررها نظرا لجمالها. ويري عاطف أن استمرار الوضع علي ما هو عليه قد يؤدي لاختفاء صنعة الخيامية, فمعظم الحائكين اتجهوا لأعمال أخري بسبب سوء الظروف الاقتصادية والغلاء, ويشدد علي أن الدولة لابد أن تتحرك لدعم كل الصناعات اليدوية فورا من خلال عقد معارض كبيرة أو تسوق المنتجات خارجيا حتي تعود بالدخل علي الدولة وعلي الحرفيين إلي أن تعود السياحة لما كانت عليه. ويضيف أنه لابد من توزيع عادل للمنح والمعارض القليلة التي تقيمها بعض الجهات المعنية بتطوير الحرف اليدوية, لتكون عونا للحرفيين بدلا من أن تشعل الحرائق بينهم. رابط دائم :