تعتبر بعض البرديات الطبية هي أهم مصادرنا عن الطب في مصر القديمة وتتناول هذه البرديات الأمراض وطرق علاجها والوصفات المستخدمة في هذا العلاج ومن أهم البرديات بردية إدوين سميث التي ترجع للعام1550 ق.م وتحتوي علي48 وصفة في جراحة العظام والجراحة العامة وهي مقسمة تبعا لتقسيم الجسم من الرأس فالأنف والفك وفقرات الرقبة والظهر والضلوع والصدر واليدين والعمود الفقري, وتتسم طريقة تناول هذه البردية للأمراض بالنظام والدقة فكل وصفة تبدأ بكلمة تعليمات بخصوص..... ثم إذا فحصت فلانا به..... قل فيما يخصه. تمتع الأطباء بمكانة طيبة في المجتمع المصري, وكان يسمي الطبيب سونو أو سينو, وكان للأطباء رئيس أو مشرف عليهم منذ الدولة القديمة, وكان الملك جر من الأسرة الأولي طبيبا, وامتدت شهرتهم إلي البلاد المجاورة فنري في عهد أمنحوتب الثاني أميرا سوريا يأتي إلي مصر محملا بالهدايا ليزور نب آمون طبيب الملك في طيبة. كان من أهم طبقات الأطباء هم الذين يعملون في البلاط الملكي والحكومة والجيش واختص بعض الأطباء بأماكن العمل مثل المحاجر. وقد عرف في مصر القديمة التخصص في الطب حيث عمل حسي رع في عصر الملك زوسر طبيبا للأسنان, وبذلك كان أول طبيب متخصص في العالم, وحمل لقب كبير أطباء الأسنان والأطباء, وتولت سيدة من الدولة القديمة منصب كبيرة الطبيبات. من الأمراض التي جاء وصفها نوعا من الحمي المصحوبة بطفح جلدي فسره البعض بأنه الطاعون وآخرون بأنه الجدري وقد يكون الإسكارس, وقد عالجوه بالخس والشبت والبصل, ومنها مرض ذكر باسم عاع يحدث هزالا شديدا وله علاقة بالديدان ربما أن هذا المرض هو مرض البلهارسيا أو ربما مرض الإنكلستوما. كانت الأمراض الروماتيزمية منتشرة بين المصريين وثبت ذلك من خلال فحص الهياكل العظمية القديمة وظهر عندهم مرض شلل الأطفال, ونظر المصريون القدماء إلي البدانة بشيء من الإزدراء. وقد عرف المصريون القدماء علم التشريح ومعرفة الأعضاء وعلاج الكسور والجروح السطحية, وظهرت تفاصيل العضلات والعظام في المناظر منذ العصر العتيق علي أقل تقدير( صلاية نعرمر). اعتمد فحص المريض علي الخبرة ودقة الملاحظة ويبدأ باستجواب المريض ثم فحصه عن طريق ملاحظة لون الوجه وإفرازات أنفه وعينيه ثم فحص البطن ثم فحص البراز والبول. أغلب معلوماتنا عن الجراحة جاءت من بردية إدوين سميث وبعض المناظر التي تتناول علميات جراحية, وفي مقبرة عنخ ماحور في سقارة صورت جراحة في اليد وأخري في القدم, وقاموا بعملية التربنة وهو رفع قطع الجمجمة في حالات الكسور وعلي أحد جدران معبد كوم أمبو صورت الأدوات الجراحية والتي عثر علي أمثالها موزعة علي المتاحف العالمية. كانت تعالج الجروح بتنظيفها وخياطتها ثم بالأعشاب القابضة والعسل, ووجدت آثار عدة للكسور في الجثث وكانت حالات الكسر في عظمة الفخذ كثيرة, وقد عثر علي كثير من الجبائر في المقابر وكانت تتكون من الخشب والغاب المبطن بالكتان وكان العضو المجبور يحاط بها كالاسطوانة. وكتبت وصفات لعلاج الحروق علي بردية لندن وإبريس وكانت تعالج بالعسل والزيوت والمواد الدهنية. كان التسويس نادرا ولكن انتشرت الخراريج أسفل الأسنان, وكانت تعالج عن طريق تربنة بسيطة في عظام الفك. كانت أمراض العيون شديدة الانتشار وكثيرا ما صور عازفو الموسيقي والمغنيون وهم فاقدو البصر مثل المقرئين والمنشدين حاليا. كما أطلقوا علي الحدقة اسم الفتاة التي داخل العين وهي نفس التسمية الموجودة في اللغة اللاتينية وفي اللغة الإسبانية فتاة العينين وفي اللغة العربية إنسان العين. وعالج المصريون التهاب الجفون بنقط من الصبار وأوراق السنط وعرفوا الكتراكتا وسموه صعود الماء إلي العين والذي يسمي حاليا الماء الأبيض وكان يعالج بالمراهم وبعض التعاويذ وذكر في بردية إبريس مرض عمي الليل( العشي الليلي) وعالجوه بالسحر وبكبد البقر وبالفعل يحتوي الكبد علي فيتامين أ وهو علاج هذه الحالة.