هل يُطبق نظام البكالوريا في الثانوية الأزهرية؟ جامعة الأزهر ترد    وزارة العمل تعلن عن وظائف جديدة للعمالة المصرية في الأردن    استعدادًا للعام الدراسي.. لجان ميدانية بالمنوفية لمتابعة جاهزية المدارس والتأكد من انتهاء أعمال الصيانة    الفيدرالي الأمريكي يخفض الفائدة لأول مرة خلال 2025    وزير البترول يبحث مع توتال إنرجيز تعزيز منظومة النقل الآمن للمنتجات    رئيس الفلسطيني للبحوث: الاتحاد الأوروبي يراجع مواقفه من العدوان على غزة (فيديو)    "الخارجية" تعرب بأشد العبارات عمليات توغل قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة    «أوقفوا قنابل ترامب النووية».. احتجاجات عارمة في لندن ضد زيارة الرئيس الأمريكي    إنتر ميلان يواجه أياكس بقوته الضاربة    الاتحاد السعودي يحدد موعد السوبر الإيطالي    مفارقة غريبة في تعادل يوفنتوس ودورتموند بدوري أبطال أوروبا    تأجيل محاكمة 7 متهمين بقتل شخص والشروع في قتل آخر بالخانكة    ماستر كلاس لفتحي عبد الوهاب بالدورة الثالثة من مهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة    إجمالي إيرادات فيلم «ضي» بعد أسبوعي عرض في مصر (أرقام وتفاصيل)    أحمد السقا يسلم محمد هنيدي تكريمه في ختام مهرجان الإسكندرية المسرحي الدولي    دليل مواقيت الصلاه فى المنيا الاربعاء17سبتمبر2025    هل الحب بين شاب وفتاة حلال؟.. أمين الفتوى يُجيب    لجنة مشتركة من الصحة لفحص واقعة وفاة توأم عقب التطعيم في المنوفية    تحلمين بالأمومة..أقوى 8 أطعمة لتحفيز التبويض وزيادة فرص الحمل بشكل طبيعي    بوتين يبحث هاتفيًا مع رئيس وزراء الهند الأزمة الأوكرانية وتطورات العلاقات الثنائية    لأول مرة.. ترشيح طالب مصري من أبناء جامعة المنيا لتمثيل شباب العالم بمنتدى اليونسكو للشباب 2025    أرتيتا يتفوق على فينجر بعد 25 مباراة في دوري أبطال أوروبا    ياسمين الحصرى ل"الستات": والدى جاب العالم لنشر القراءة الصحيحة للقرآن    بالذكاء الاصطناعي.. رضوى الشربيني تستعيد ذكريات والدها الراحل    "الأرصاد": أمطار غزيرة على منطقة نجران    مصرع شخص والبحث عن آخرين في ترعة بسوهاج    عاجل.. استمرار تدفق المساعدات عبر معبر رفح وسط تصعيد عسكري غير مسبوق في غزة    "بسبب إسرائيل".. إسبانيا تهدد بالانسحاب من كأس العالم 2026    إصابة شاب بإصابات خطيرة بعد أن صدمه قطار في أسوان    حقيقة اختفاء 5 قطع أثرية من المتحف اليوناني في الإسكندرية    كيليان مبابي يعلن غيابه عن حفل الكرة الذهبية 2025    تعيين نائب أكاديمي من جامعة كامبريدج بالجامعة البريطانية في مصر    مدارس «القليوبية» تستعد لاستقبال مليون و373 ألف طالب    أيمن عبدالعزيز يعلن تمسكه بعدم العمل في الأهلي.. وسيد عبدالحفيظ يرد    إحالة شكاوى مرضى في وحدة طب الأسرة بأسوان للتحقيق    80%ملكية أمريكية.. ملامح الاتفاق الجديد بين الولايات المتحدة والصين بشأن "تيك توك"    بعد نشر صورة مع جدها الفنان محمد رشدي.. من هي البلوجر فرح رشدي؟    خالد الجندى: الإنسان غير الملتزم بعبادات الله ليس له ولاء    البنك المركزي: القطاع الخاص يستحوذ على 43.3% من قروض البنوك بنهاية النصف الأول من 2025    منال عوض: خطة شاملة للمحافظات للتعامل مع مخاطر الأمطار    عاجل- رئيس الوزراء: مصر ثابتة على مواقفها السياسية والإصلاح الاقتصادي مستمر رغم التحديات الإقليمية    بالفيديو.. ميسرة بكور: زيارة ترامب إلى لندن محاولة بريطانية لكسب الاستثمارات وتخفيف الضغوط السياسية    «المشاط»: إنشاء وتطوير 21 قصر ثقافة في 11 محافظة خلال 2025-2026    ضبط المتهم بذبح زوجته بسبب خلافات بالعبور.. والنيابة تأمر بحبسه    هل يجوز لى التصدق من مال زوجى دون علمه؟.. الأزهر للفتوى يجيب    مفتى الجمهورية: ما يجرى فى غزة جريمة حرب ووصمة عار على جبين العالم    معاش للمغتربين.. التأمينات تدعو المصريين فى الخارج للاشتراك    تحديث بيانات المستفيدين من منظومة دعم التموين.. التفاصيل    المنيا.. تنظيم قافلة طبية مجانية في بني مزار لعلاج 280 من المرضى غير القادرين    وزارة الصحة تطلق أول مسار تدريبى لمكافحة ناقلات الأمراض    وزير الري: الاعتماد على نهر النيل لتوفير الاحتياجات المائية بنسبة 98%    شاب يلقى مصرعه حرقًا بعد مشادة مع صديقه في الشرقية    وزير التعليم يبحث مع وفد الشيوخ الفرنسي تعزيز التعاون المشترك    بن عطية يفتح جراح الماضي بعد ركلة جزاء مثيرة للجدل في برنابيو    ملكة إسبانيا فى زيارة رسمية لمصر.. أناقة بسيطة تعكس اختياراتها للموضة    اجتماع طارئ للمكتب التنفيذي لاتحاد المحاكم والمجالس الدستورية العربية    منال الصيفي تحيي الذكرى الثانية لوفاة زوجها أشرف مصيلحي بكلمات مؤثرة (صور)    بهدف ذاتي.. توتنام يفتتح مشواره في دوري الأبطال بالفوز على فياريال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



للجريمة‏14‏ وجها
نشر في الأهرام المسائي يوم 19 - 05 - 2010

في مسح لضحايا الجريمة أصدره المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية هذا العام بالاشتراك مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة تبين أن الجرائم التي ارتكبت في مصر بين عامي‏2003‏ و‏2008‏ أربعة عشر نمطا إجراميا
تشمل جرائم السرقة والتخريب وسرقات المساكن وملحقاتها وجرائم السرقات الشخصية بصورها‏,‏ وجرائم الإعتداء والتهديد‏,‏ بالاضافة الي جرائم الغش التجاري والفساد ويهدف المسح من ذلك إلي جمع معلومات حول ملابسات حدوث الجرائم وما إذا قد تم الابلاغ عنها من عدمه‏,‏ والاثار المترتبة عليها وموقف الابلاغ عنها ومدي الرضا عن الدور الذي قامت به سلطات الأمن في التحقيق أو التعامل مع تلك الجرائم‏,‏ وقد تم تطبيق المسح علي‏3126‏ أسرة في المحافظات شملت القاهرة‏,‏ بورسعيد‏,‏ الدقهلية‏,‏ البحيرة‏,‏ الفيوم وأسيوط‏.‏
يقول الدكتور أحمد عصام الدين مليجي‏,‏ والمشرف علي المسح‏,‏ إن المسوح الخاصة بضحايا الجريمة تمثل أهمية خاصة في التعرف علي حقيقة الظاهرة الإجرامية في المجتمعات التي تجري فيها‏,‏ فهي الأقرب إلي التوصل صورة أكثر صدقا عن الظاهرة‏,‏ بشكل يفوق ماتتيحه الاحصاءات الرسمية‏,‏ سواء الصادرة عن سلطات الأمن في كل دولة علي حدة‏,‏ أو التي تصدر عن الجهات الأمنية الدولية‏.‏
فالإحصاءات الشرطية الوطنية عن الظاهرة الاجرامية تقوم بصفة اساسية علي ماتتلقاه سلطات الأمن من بلاغات عن وقوع جرائم وهي البلاغات التي يتقدم بها المواطنون طالبين التحقيق فيها وتقديم الجناة الي العدالة الجنائية‏,‏ وهنا تتبين المشاكل التي تحيط بالاحصاءات الرسمية فمن ناحية فإن بلاغات الأفراد‏,‏ شأنها في ذلك شأن الوقائع التي تتوصل اليها الشرطة من خلال نشاطاتها الأمنية‏,‏ قد يتضح في النهاية‏,‏ وبعد إجراء التحقيقات اللازمة بشأنها‏,‏ ان نسبة منها تقل أو تكثر تمثل بلاغات كيدية‏,‏ او تنفي التحقيقات فيها شبة الجناية عنها‏,‏ أو ينتهي بها الأمر الي صدور أمر بأن لاوجه لإقامة الدعوي الجنائية فيها لسبب من الأسباب وبالتالي فإن مثل هذه البلاغات لايمكن أن تعبر عن صورة صادقة للظاهرة الاجرامية‏..‏ومن ناحية أخري فإن مايتقدم به المواطنون من بلاغات لاتعبربالضرورة عن الحجم الفعلي للظاهرة‏,‏ فليس كل مايرتكب من جرائم يتم الإبلاغ عنه أو الكشف عنه من قبل السلطات المختصة وبالتالي فالاعتماد علي تلك الاحصاءات فقط يمكن أن يقود الي نتائج مضللة فضلا عن أن نوع الجريمة المرتكبة أيضا يؤدي دورا مهما في تحديد معدلات الإبلاغ عنها ومن هنا تظهر الأهمية الكبري لهذا المسح الذي يركز علي الوصول الي مفردات المجتمع لتقصي خبراتهم مع الوقائع الاجرامية خلال فترة زمنية محددة وللتعرف علي معدلات ابلاغهم عنها‏,‏ وتصنيف هذه المعدلات علي الأنواع المختلفة من الجرائم‏,‏ وعلي طبيعة المنطقة التي تعيش فيها عينة الدراسة‏,‏ وعلي مستوياتهم الاقتصادية والاجتماعية المختلفة‏,‏ وغير ذلك من المعايير‏.‏
ظاهرة لصيقة بالانسان
وتقول الدكتورة إيمان شريف خبيرة أولي بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية وإحدي المشاركات في اجراء المسح إن المسح يتناول أنماط الوقائع التي تأخذ شكل الجرائم بمعناها العام وهي سرقة السيارات اختطاف السيارات السرقة من السيارات تخريب السيارات سرقة الدراجات النارية سرقة الدراجات سرقة الماشية والدواجن سرقة المساكن الشروع في سرقة المساكن السرقة بالإكراه سرقة الأمتعة الشخصية جرائم التهديد والاعتداء بالاضافة الي الفساد والغش التجاري‏.‏
وقد استبعدت الوقائع الجنسية من نطاق المسح بعد أن قام مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة بإبلاغنا بقراره باستبعادها‏,‏ وحول اهمال المسح لجرائم القتل والاغتصاب والتحرش الجنسي تقول إن القتل جرائمه محددة ومعروفة وكلها يتم الابلاغ عنها والأهم من ذلك أنه ليس هناك ضحية أصلا في جريمة القتل لكي نسألها لأنها أصبحت مقتولة فالضحية غير موجودة أما الجرائم التي استهدفها المسح فلايتم الابلاغ عنها جميعا‏..‏وبالنسبة لجريمتي الاغتصاب والتحرش فهما لاتتناسبان والبيئة المصرية لأنهما تمسان الاخلاق والشرف والاعراف خاصة في الريف ومحافظات الوجه القبلي وبالتالي فهناك حالات اغتصاب كثيرة لايتم التبليغ عنها ويمتنع الناس عادة عن الإدلاء بمعلومات عنها‏.‏
وعن انتشار هذا الكم من الجرائم في مصر تقول إن الجريمة بصفة عامة ليست خاصة بمجتمع بعينه فالجريمة موجودة في الدول كلها غنيها وفقيرها وهي ظاهرة لصيقة بالانسان أينما وجد ولن تزول الا بزوال البشرية‏,‏ إنما الاختلاف يكون في النسبة وأعداد الجرائم ونوعيتها‏..‏وفي مصر هناك الكثير من المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والمعيشية التي تتغير من زمن لآخر وكذلك الجريمة تتغير وتتطور من فترة لأخري فعلي سبيل المثال لم يكن قديما في مصر جرائم معلوماتية لكنها جرائم مستحدثة ظهرت مع ظهور التكنولوجيا ومع التغيرات الاجتماعية والثقافية وكذلك جرائم التحرش ظهرت حديثا وانتشرت بكثرة في حين بدأت تختفي بوضوح سرقة المنازل وايضا حوادث‏(‏ النشل‏)‏ في الاتوبيسات والمواصلات العامة وبالتالي فالسرقات تطورت بتطور الإنسان ومن الجرائم الحديثة ايضا خطف الأطفال والاتجار بالبشر واعضائهم والاتجار بالنساء‏.‏
أضف إلي كل ما سبق الازمات الاقتصادية وارتفاع مستوي المعيشة والغلاء بالإضافة إلي مجموعة من العوامل السياسية والاجتماعية والأمنية والثقافية وكلها تؤدي لوقوع كثير من الجرائم التي ترتكب في الوقت الحالي لكن في الأغلب يكون السبب المباشر وراء ارتكابها العوامل الاقتصادية‏.‏
وحول انتشار جريمتي الفساد والغش التجاري في مصر تقول إنها اسهل في ارتكابهما من الجرائم الأخري وأقل خطورة حيث أن الفساد مثلا بما يحويه من رشاوي وتزوير فيها درجة من الخفاء ويتورط فيها أكثر من فرد وبالتالي تتوزع المسئولية‏.‏
ويتوه الجاني وسط الزحام فضلا عن أن المكاسب التي تعود من ارتكاب مثل هذه الجرائم أكثر بكثير من غيرها‏,‏ وأضافت ان الفساد من وجهة نظر الضحايا له أشكال ونسب متدرجة تبدأ بتعطيل اداء الخدمة في المصلحة الحكومية مرورا بالتباطؤ والتلميح بالحاجة‏(‏ للتعشيش‏)‏ وانتهاء بالطلب الصريح للرشوة او التزوير‏.‏
معدلات الجريمة طبيعية
وعن نتائج المسح يقول الدكتور محمود بسطامي‏,‏ أحد المشاركين في المسح إن معدلات تعرض العينة للجرائم التي شملها المسح هي معدلات طبيعية ولا يرقي اي منها إلي مرتبة ظاهرة يجب التوقف عندها‏.‏سواء من ناحية نسبة التعرض للجريمة أو الأنواع او حتي بالنسبة للفئات التي تعرضت لتلك الجرائم‏,‏ ولكن يجب التنويه إلي أن وقوع الجريمة مهما كان حجمها تضعنا امام تحدي مدي القدرة علي كبح جماح تلك الجرائم‏,‏ سواء من خلال تنمية وسائل وسبل الوقاية منها أو تطوير الدور الضبطي المتعلق بالكشف عنها‏,‏ ومحاسبة المجرمين في سبيل محاولة جعل المجتمع خاليا من الجريمة‏,‏ او علي الأقل قادرا علي الحد منها وحسن التعامل مع آثارها الخطيرة‏.‏
وأضاف قائلا إن اللافت للانتباه هو بروز جريمتي الغش التجاري والفساد بصورة كبيرة خلال عام‏2008,‏ وهو الأمر الذي يتطلب وضع الضوابط المناسبة لمواجهة تلك الأمور وحماية الضحايا سواء تعلق الأمر بإصدار التشريعات المناسبة او بتفعيل الجهات الرقابية واستحداث اجهزة غير تقليدية تلعب دورا في القضاء علي تلك الجرائم او زيادة جرعات التوعية للمواطنين لكشف حقيقة هذه الجرائم ومواجهتها من خلال اللجوء للجهات المختصة‏,‏ والدور الذي يجب علي تلك الجهات القيام به لمواجهتها‏.‏
وقال إن سرقات السيارات جاءت كأكثر الجرائم التي أبلغ ضحاياها عنها تلاتها جرائم خطف السيارات فسرقات الدراجات النارية والغريب هو وقوع جريمتي الغش التجاري والفساد في ذيل قائمة الجرائم التي يبلغ عنها وبنسب طفيفة جدا‏,‏ وهوالأمر الذي يؤكد تدني وعي الضحايا بما يمكن القيام لمواجهتها‏,‏ وربما ارتبط الأمر بانتشار ثقافة تدفع لقبول الجريمتين وهي ثقافة فساد مؤداها انه لا يمكن الحصول علي الحق او تحقيق كسب الا من خلال الغش والفساد‏,‏ وهذا يتطلب العمل علي تنمية وعي المواطن بدوره في مواجهة تلك الممارسات والثقافات‏,‏ اضافة إلي اعداد وتنفيذ الحملات الإعلامية لكشف الممارسات التي قد يقع المواطن ضحية لها فيما يتعلق بالغش التجاري والفساد‏,‏ وتدريب واعداد الكوادر المناسبة للقيام بأعمال الرقابة والتفتيش والمتابعة والكشف عن المفسدين وعقابهم بما يستحقون حتي يكونوا عبرة لمن تسول نفسه القيام بهذه الجرائم‏,‏ وبالتالي نقضي علي الفساد‏..‏ ولكن الأكثر جدوي هو إصلاح هيكل الأجور والعمل علي تقليل الفوارق بين الفئات والطبقات الاجتماعية‏,‏ وذلك في سبيل تحقيق مشاركة فعالة من المواطن في الشعور بدوره في إدارة مجتمعه وتحقيق الضبط الاجتماعيه‏,‏ بالصورة التي لا يمكن معها قبول الغش أو الفساد او التساهل مع اي من هذه الجرائم‏.‏
هل تثق في الشرطة؟
وعن اسباب الإبلاغ عن الجرائم او عدمه يقول بسطامي ان استعادة المتحصلات‏(‏ المسروقات‏)‏ التي سلبت تأتي في مقدمة اسباب الإبلاغ عن مختلف الجرائم‏,‏ باستثناء الاعتداءات والتهديدات والفساد‏,‏ وبخاصة في جرائم السرقات المرتبطة بالسيارات ووسائل النقل والمنازل والسرقات بالإكراه‏,‏ في حين جاء مبرر خطورة الجريمة وحتمية الإبلاغ عنها كأبرز الأسباب التي دعت بعض من تعرض لجرائم الفساد للإبلاغ عنها‏,‏ اما جرائم الاعتداءات والتهديدات فجاء مبرر الإبلاغ عنها الرغبة في القبض علي الجاني وعقابه‏.‏
أما مبررات عدم الإبلاغ عن الجرائم فانحصرت في أن الجريمة او الواقعة لا تستحق‏..‏ وعدم امكان قيام الشرطة بعمل شيء خاصة في جرائم السرقة بالإكراه كما جاء مبرر ان الشخص قد قام بحل المشكلة بنفسه‏,‏ ابرز مبررات عدم الإبلاغ عن جرائم الفساد‏.‏
وعن تقدير المواطنين للأداء الشرطي يقول إن نصف الضحايا تقريبا اشاروا إلي أن الشرطة تقوم بعمل جيد‏,‏ وأشاد ما يقرب من الخمس إلي أنها تقوم بعمل متميز‏..‏ وأشار ما يقرب من ذلك إلي أن الشرطة لا تقوم بعمل جيد‏,‏ في حين أشار الباقي إلي سوء الأداء الشرطي ولعل عدم الرضا عن هذا الأداء يتمثل في أن الشرطة لم تكن مهتمة بالبلاغ خاصة في جرائم السرقات‏,‏ وأن الشرطة لم تقدم الدور الكافي فيما يتعلق بجرائم الاعتداءات والتهديدات وجرائم الفساد‏.‏
في خدمة الشعب‏..‏ ولكن
ويقول أحد المسئولين عن الأمن العام إن تأخر الاجراءات الشرطية او سريتها قد تدفع بالشخص إلي الشعور بعدم اهتمام الشرطة ببلاغه‏,‏ وربما كان الروتين الوظيفي في عمل الشرطة هو السبب في ذلك الشعور‏,‏ وهناك امران يجب القيام بهما لتقريب المسافات بين الشرطة والمواطن مقدم البلاغ يتمثل اولهما في تغيير المنطلق الذي تؤدي منه الشرطة عملها‏,‏ حيث تكون خدمة المواطن هي الاساس الفعلي وليس القولي فقط‏,‏ وذلك من خلال اطر متكاملة تؤدي أدوارا ملموسة للمواطنين‏,‏ وثانيهما يتمثل في زيادة جريمة التوعية الأمنية للمواطنين واشعارهم بأهمية التعاون والتفائل والرقابة علي العمل الشرطي باعتبار ذلك عملا اجتماعيا مهما لتتطوير الفكر الأمني‏..‏ وعلي الشرطة بذل المزيد من الجهد للقضاء علي التوقعات السلبية من المواطنين لدورها في المجتمع‏.‏
الضحية متهمة دائما
الضحية دائما مسئولة بهذه الجملة بدأ الدكتور قدري حفني‏,‏ أستاذ علم النفس بآداب عين شمس‏,‏ كلامه وأكمل انه في مصر وللأسف الشديد تسود ثقافة معينة تنظر إلي الضحية دائما علي أنها مسئولة وأنها السبب الرئيسي في المصيبة التي حلت بها فعلي سبيل المثال عندما تقع جريمة اغتصاب تجد أكثر اللوم يقع علي الفتاة الضحية أنها هي التي شجعت الطرف الآخر علي ذلك وقامت بإغرائه وقبلت بما حدث وغير ذلك من الادعاءات‏,‏ لذا نجد الضحية هنا مظلومة ومهددة ويركبها العار أيضا وبالتالي تتردد في الإبلاغ عن الجريمة لأنها تعلم يقينا ان المجتمع لن يساندها بل سيدينها ويلومها ويوصمها بالعار فتفضل السكوت والصمت المطلق‏..‏ ناهيك عن الاضرار النفسية التي قد تصيبها نتيجة كل هذه الأشياء لاسيما معاملة الأهل لها‏.‏ وما ينطبق هنا ينطبق أيضا علي معظم الجرائم التي لا يتم التبليغ عنها والتي يرجع السبب الرئيسي فيها عن عدم الثقة في دور الأجهزة الأمنية‏.‏
مصر أكثر الدول أمانا
وعلي جانب آخر تقول الدكتورة سامية خضر‏,‏ أستاذة علم الاجتماع بتربية عين شمس‏,‏ إننا في مصر لا نعيش في الجنة وأن مصر بخير وآمنة عن أي دولة في العالم وذلك بشهادة باحثين ومراقبين دوليين‏,‏ لكننا في بلدنا دائما ما نروج لعملية‏(‏ جلد الذات‏)‏ حتي تحول إلي مرض نفسي تخلل نسيج المجتمع‏..‏ فالجريمة موجودة في كل دول العالم بل انها أكثر شراسة في أكثر الدول تقدما فأمريكا علي سبيل المثال يتم فيها عشر حالات اغتصاب في الثانية الواحدة والمشكلة اننا دائما نعتقد أن كل حدوث جريمة هو لصيق بمصر وحدها ولا يحدث في أي مكان آخر حتي خلقنا من داخل نسيج هذا المجتمع مجرمين بالفعل لم يفكروا أبدا قبل ذلك في ارتكاب جرائم‏.‏
الاعلام هو السبب
وأضافت ان الاعلام له دور في ذلك أيضا حيث يصور كل الجوانب السلبية ويضخمها ويشوه صورة المجتمع ولا يذكر أي نموذج ايجابي في البلد وإن ذكر يكون دائما علي الهامش حتي اعتقد الناس أن مصر دخلت دائرة الضياع وأن كل القيم والمعايير الانسانية قد بادت وكل ذلك رسم صورة مشوهة عن مصر أمام دول الغرب‏..‏ وذكرت أن ضيفا ألمانيا وزوجته قد زارا مصر وأقاموا عندها لمدة خمسة أيام وطلبا منها أن يري معالم القاهرة فقالت لهما‏:‏ تعالوا ننزل نتمشي شوية فوجدت دهشة غريبة منهما عن كيفية المشي في الشارع بأمان وأخبراها أن الاعلام المصري رسم صورة مشوهة عن البلد أمام الشعب الألماني وأن الشارع المصري مهدد دائما وأضافا أن ألمانيا ليس فيها ذلك الأمان الذي رأياه في شوارع القاهرة‏.‏
وأكدت د‏.‏ سامية أن المشكلة ليست في وجود الجريمة وانما في اكتشافها والعمل علي علاجها فجرائم الغش التجاري والفساد لكي تكتشفهما الشرطة تحتاج لأجهزة من نوع معين للمتابعة والمراقبة علي أعلي مستوي وهذا ما يفعله الغرب في تتبعهم للجرائم ثم بعد اكتشاف الجريمة نبحث عن حل يشترك فيه المجتمع المدني مع الحكومة وأجهزة الأمن وتوعية الناس ببشاعة هذه الجرائم والعقوبات التي وقعت علي الجناة بحيث لا تتكرر تلك الواقعة مرة أخري‏,‏ وأيضا توضيح الاثر الواقع علي الضحايا من ألم ومواجع مما يحث المجرم علي تقليل جرائمه‏..‏ ولابد أن نعي جيدا أن الجريمة فعل انساني واجرامي منحرف يحدث طالما وجد الإنسان ومنتشر في شكل مافيات في أكثر الدول تقدما ومنها أمريكا واليابان وفرنسا اللعوب‏..‏ وهذا لا يعني أن نبرر لوجود الجريمة في مصر لكن نسبتها طبيعية ويبقي فقط أن نكتشفها ونسعي لحلها وعلاجها بالطرق المناسبة‏.‏
وحول عدم ابلاغ الضحايا عن الجرائم تقول إن بعضهم يخاف من أجهزة الأمن وتحقيقاته الطويلة فضلا عن عدم الثقة في دور الشرطة أصلا وانهم لن يفعلوا شيئا لذا فيجب علي الأمن أن يكون أكثر قربا وخدمة للمواطنين وألا يتساهل مع المجرمين وهذا مرتبط أيضا بضمير الأجهزة الأمنية‏..‏ ودعت د‏.‏ سامية إلي إعادة تشكيل دور الاعلام بحيث يذكر ايجابيات البلد ويرصد مشاكله بشكل لا يشوه ولا يسيء للمجتمع المصري وألا يضخم من حجم المشاكل لأن ذلك علي حد قولها يخلق مجرمين من لا شيء مثل الطفل الذي دائما يوصف بالغباء منذ صغره فينمو ويكبر وهو معتقد انه بالفعل غبي بل ويتفنن خلق الغباء‏..‏ وهذا بالضبط ما يفعله الاعلام بنا الآن‏..‏ أيضا يجب أن نوقف عملية جلد الذات التي تخللت نسيج مجتمعنا‏.‏
وفي النهاية فإن الأمر يقتضي العمل علي غرس ثقافة أمنية من خلال وسائل الاعلام المختلفة بالتعاون مع الجهات الأمنية المعنية خاصة وأن الجريمة غير مرتبطة بفئة معينة أو طبقة محددة‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.