كنت من المتحمسين للتجربة الإسلامية, وتمنيت من كل قلبي أن يحكم المسلمون, وليس معني أن يحكم التيار الإسلامي اننا نقلل من قيمة التيارات الأخري, فنحن جميعا مصريون, إخوان وسلفيون وليبراليون ومسيحيون يجمعنا وطن واحد وهموم واحدة. وتشجيعي للإخوان وترحيبي بهم في الحكم كان أملا في الإصلاح وتصوري أن من ظلم كثيرا وجاهد وصبر طويلا, سوف يشعر بمعاناة الآخرين, ويعمل معهم علي تحسين الأوضاع, وتخطي المعاناة والآلام, إلي رحابة التنمية وظلال العدل الاجتماعي, التي حرم الناس منها طويلا, ولكن ما تمنيناه لم يحدث, ولم تتحسن الأوضاع, ولم تتحقق الأحلام. وكمتابع منصف ومحلل موضوعي لما يدور في مصر, وارتباط ما يحدث بمخططات أمريكية وإسرائيلية وعربية كارهة, أقول للإخوان رغم حبي لكم, ورغم كراهيتي للفساد والمفسدين الذين عملوا بكل طاقتهم علي شد الأمور إلي الوراء ووضع العراقيل حتي يكفر المصريون بالثورة, إلا أنكم يا من توليتم السلطة بفضل تأييدنا لكم لم تكونوا عند حسن ظن من ساعدكم, ولم تستوعبوا الدرس جيدا, وسرتم في الطريق الوعر, ولم يكن لديكم بصيرة منيرة, وأغمضتم أعينكم وصممتم الآذان عن أنات الناس, وظننتم أنكم تسيرون علي الطريق القويم, وتناسيتم أنكم لستم وحدكم, وأن مصر بلد الجميع. حصدتم كثيرا, وزرعتم قليلا, وصلتم إلي سدة الحكم, وتسيدتم الأمور لأول مرة في تاريخ نضالكم, وانتظرنا منكم أن تكونوا علي قدر مصر, وأن تحسنوا الصنع عندما سار الأمر لكم, ولكنكم بدلا من أن تجمعوا الناس حولكم, وتثبتوا لمن لم يختركم أنكم كنتم الاختيار الأفضل, وأنكم كنتم الأحق بثقته, رحتم تخصمون يوما بعد الآخر من رصيد جماهيريتكم في الشارع, لأنكم لم تعملوا علي حل مشاكل الناس الأساسية, وهي في المقام الأول مشاكل اقتصادية, فقر وانخفاض مستوي المعيشة بسبب تدني الأجور, وارتفاع مستمر في الأسعار, فبدلا من تحسن الأوضاع ساءت الأحوال, وبدأ مسلسل الأزمات, اختفاء السولار, والعجز في البنزين, وانقطاع الكهرباء, ناهيك عن انتشار البلطجة وغياب الأمن, ومرت الأيام, ولم نر نهضة أو شبه نهضة, وتفاقمت المشاكل, وكثر أعداؤكم وقل شاكروكم, وبدلا من التفاف الناس حولكم انصرفوا عنكم. نعم كانت المعارضة غير وطنية, ولم يكن من تصدوا لها أمناء علي البلاد, وراحوا ينفذون خطط الفوضي ووقف الحال وتجييش الكارهين لكم, ووضع العراقيل وشن حملات التشكيك في كل خطوة تخطونها, وساعدهم في ذلك إعلام وإعلاميون غير شرفاء تحركهم الأموال, إلا أنكم أعطيتموهم جميعا الفرصة بفشلكم المتراكم وتخاذلكم في التصدي للمشاكل الحياتية المهمة لغالبية المصريين المطحونين, وانصرافكم للاستحواذ علي السلطة, والسيطرة علي كل السلطات, متناسين أنه حتي يتحقق لكم ذلك لابد أن يكون برغبة شعبية, وأن تكسبوا الشعب أولا, بأن تكون مشاكله وحلها هي شاغلكم الأول والأوحد, لا أن تبتلعوا جميع مؤسسات الدولة, كان الأولي بكم أن تمهدوا للتطهير, وتهيئوا الأجواء لذلك, ولكنكم ذهبتم إلي كل وزارة أو قطاع عاملين علي إقصاء الآخر أولا قبل أن تحلوا مشاكل الناس فيه, ذهبتم إلي قمة الهرم لتغيروها قبل أن تكونوا قد بنيتم قاعدة ثابتة من خلال الاستماع إلي القواعد وجموع العاملين في هذه الأماكن, واكتفيتم بإزاحة الرءوس. يا رفاق الوطن, إذا ما أردنا الخروج من النفق لابد أن نسعل الضوء فيه, حتي نري تحت أقدامنا وتتضح معالم طريق الخروج, وهذا مالم تفعلوه, نعم الفساد يعشش في كل أجهزة الدولة, سيادية وخدمية, رئاسة ومجالس نيابية, وقضاء وصحافة, وتعليم وصحة, ومحليات وخدمات, فقد أفسد مبارك حتي الهواء, ولكنكم لم تأخذوا بيد الناس ليحاربوا الفساد معكم, بل رحتم تحاربون الجميع, شرفاء ولصوصا, اختلطت الأمور, لأنكم لم تعطوا العيش لخبازه وجعلتم من أنفسكم أوصياء وحكماء, ورأيتم أنه لا إصلاح إلا بكم, وهذه رؤية خاطئة فالإصلاح يكون بنا جميعا, إيد في إيد. ولهذا نجح أعداء الوطن من معارضة غير شريفة وأقلام مأجورة, وأطراف خارجية متآمرة وممولة في إخراجكم من دائرة الفعل, وإفشال تجربتكم, واستعداء الشعب عليكم, حتي من انتخبوكم انصرفوا عنكم, وهذه كلمات صادقة أقولها للرئيس محمد مرسي, الذي توقعت منه الكثير, ولقيادات الحرية والعدالة: أفيقوا يرحمكم الله, واعلموا أن الشعب هو سندكم الوحيد, استيقظوا قبل فوات الأوان, فيوم الغضبة الشعبية آت.