كنت من أوائل الذين اقتنعوا بأفكار د. البرادعي, عندما عاد إلي مصر مطالبا بالتغيير الذي كنت أحد الداعين إليه والساعين من أجله في مقالاتي, فالبرادعي كان أول من جعل التغيير هدفا ومنهجا وفي إطار حركة وطنية منظمة, بل وبسبب البرادعي تعرضت في الأهرام لمضايقات رئيس مجلس الادارة السابق عبد المنعم سعيد ورئيس التحرير السابق أسامة سرايا, واتبعا معي سياسة لي الذراع, فراحا يهدداني بعدم تعيين ابني, لأنني رحت أكتب عن البرادعي في جريدتي الأحرار ونهضة مصر. أما الآن فأنا أرفض أسلوب البرادعي وحمدين صباحي وكل من ينتمون إلي ما يسمي جبهة إنقاذ مصر, لأنني أري أنها جبهة تدمير مصر, وليس إنقاذها, لأنهم انحرفوا عن الطريق الديمقراطي, الذين عملوا من أجله, وبدلا من احتواء الآخر, راحوا يقصونه, وبل بدلا من أن يعتبروه شريكا, جعلوه عدوا, فلا هدف لهم الآن سوي إسقاط الإخوان المسلمين, وتدميرهم, حتي ولو كان في ذلك تدمير لمصر وزيادة فقر ومعاناة المصريين. فما يحدث الآن من مظاهرات ومليونيات, والمطالبة بإسقاط النظام المنتخب بإرادة شعبية, عبث بمقدرات الوطن وتخريب منظم وتدمير, وإطالة لأمد المعاناة وحالة الحرمان التي يعيشها المصريون قبل الثورة وبعدها. وما يحدث من جانب جبهة الإنقاذ هو محاولة منهم للتهرب من مواجهة الصناديق, فتلك الدعوات المطالبة بإسقاط الرئيس ليست جديدة أو الأخيرة فهي تطرح أفكارا مستهلكة وقديمة وهي دعوات للعنف, مع اننا لسنا ضد أن يرفع أحد مظلمته أو يقدم آراءه وفق الأسس والمعايير المطلوبة والآليات الصحيحة. ومع افتراض حسن نية بعض قيادات جبهة الإنقاذ, فهناك من ينفخ في النار, بجانب وجود عدد ممن يحاولون هدم المعبد فوق رءوس الجميع. إنني أري في دعوات جبهة الإنقاذ استمرارا في منهج العنف, وإحداث القلاقل ووضع العراقيل أمام مرسي وحكومته, حتي تكسب الجبهة تعاطف وتأييد قطاعات أوسع من الشعب في صفها, وحتي يستجيب الشباب وغيرهم لتطبيق دعواتهم علي الأرض من خلال التظاهر والاعتصام ومحاصرة الاتحادية وقصر القبة وغيرها, خاصة وأن هناك الكثيرين الذين يتأثرون بهذا الفكر الهدام, ويجدون فيه متنفسا, وفرصة لتأكيد الذات ومنهم أطفال الشوارع, والبلطجية, الذين وجدوا في تلك الدعوات فرصة لتهليب رزقهم وجلب مصاريف إدمانهم وترويعهم للناس. وبالأمس رأيت أحد هؤلاء الشباب المغرر بهم, ممن تأثروا بأباطيل جبهة تدمير مصر وهو من كارهي الثورة منذ البداية, وانتهي به المقام للاصطفاف مع المعارضة ضد العدو المشترك: الإخوان ومرسي... سألته ماذا بعد؟ أليس الخراب؟ فقال لي ببساطة.. نعم الخراب وابتسم وقال خليها تخرب واحنا هنعمرها تاني هذا هو فكر من يحاصرون الاتحادية أو قصر القبة.. فكر شمشوني يحب مصر عن طريق تدمير مصر! هذا للأسف هو منطق معظم من يؤمن بتفكير ونهج هذه الجبهة, النهج الشمشوني, وأنا أرفض تماما هذا الأسلوب لأنه يعيدنا إلي المربع صفر, ويؤكد تلك المقولة التي أصبحت تجد صداها وسط من لا يهمهم إلا قوت يومهم ومن وجدوا أن الثورة كانت عبثا وتحميلهم فوق طاقتهم ولا يوم من أيام مبارك!! وأقول للبرادعي وصباحي وغيرهما من قادة جبهة الإنقاذ, لو كنتم تحبون مصر حقا ولا تعملون لتحقيق مصالح شخصية, ولا يحرككم الصراع علي السلطة, وكراهية الإخوان, كونوا ديمقراطيين, وواجهوا التيارات الاسلامية من خلال صناديق الانتخابات, وكفاكم عبثا بالوطن, وتدمير ما تبقي منه, واسحبوا جيوشكم, وبلطجية أفكاركم وأطفال الشوارع الذين حولتموهم إلي وقود لنيران أطماعكم وألقيتم بهم في أتون صراعكم, واتجهوا إلي العمل والبناء, وحاربوا حربا شريفة من خلال صناديق الانتخابات, وكفانا ما دمرتموه, وكفانا ذلك الخراب الذي جنيناه بسبب دعواتكم المتكررة للتظاهر, ولعلكم سمعتم تحذيرات خبراء الاقتصاد من مخاطر استمرار ظاهرة المليونيات والوقفات الاحتجاجية, الذين أكدوا, إن هذه المليونيات كلفت مصر حي الآن خسائر تزيد علي320 مليار جنيه, نتيجة توقف عجلة الإنتاج, وإغلاق أكثر من4550 مصنعا, وتدني دخل السياحة الذي بلغ في عام2011 نحو12.8 مليار دولار, حيث تم إلغاء85% من الحجوزات للعام الحالي.