يظهر من حديثه مجلجلا مليئا بالتحدي والجسارة, عروق رقبته النافرة طوال جلسته بيننا في الأهرام المسائي كانت تهدأ كلما امتدت يده إلي حقيبة لإخراج مستند أو صورة حكم أنصفه فيه القضاء لاسترداد حقه, يشع من عينيه بريق ذكاء أخاذ يشي بقوة أعصاب وجلد يبعثان علي الاندهاش والعجب بحثا عن إجابة للسؤال الطارق علي الأذهان من سامعيه عن قدرة تحمل هذا الأب كل هذه الأحداث الصدامات الواحدة تلو الأخري وكأن نوائبه تجعله لا ينكسر أو يستكين وإنما يزداد إصرارا وثقة, أن حقه لن يضيع وأن الله وحده هو القادر علي إعادة قلبه إلي مكانه بعد أن سلبه المجرمين, ما إن يصمت الأب وينتهي من سرد مأساته حتي تكتشف أنه قام بجهد مئات الرجال وملك عزيمتهم من أجل عودة روحه وحياته إليه. بدأ حديثه في هدوء مثير لا يعكس خطورة ما يرويه بقوله: خطفوا ابنتي من مدرستها أمام عيني وانتزعوها من يدي.. واعتدوا علي بمعاونة زوجتي السابقة, وسكت قليلا مادا يده في حافظة الأوراق بحقيبة وهو يقول: اسمي أحمد عثمان45 سنة مهندس شبكات متخصص في مجال البنوك بفرانكفورت وتحديد في مدينة هايدلبرج بألمانيا, وأحمل الجنسية الألمانية, وأقيم في منطقة السيدة زينب, واستكمل في سرعة وقد ارتفع صوته قليلا: بدأت مأساتي منذ20 عاما عندما سمعت كثيرا عن صراعات كثيرة بين الأزواج المصريين والألمانيات فأصررت علي أن أتزوج بمصرية مسلمة لئلا يكون هناك صراع علي الأطفال, وتعرفت علي طليقتي في أحد المصايف بمنطقة المعمورة بالإسكندرية, وحاصلة علي ليسانس آداب خدمة اجتماعية, وخلال شهر تم الارتباط وكانت في هذه الفترة غير محجبة, فأصررت علي أن ترتدي الحجاب. ووافقت.. وصمت برهة وتغيرت نبرة صوته إلي شيء من المرارة وقال: أستطيع الآن بعد كل هذه الفترة أجزم بأنني كنت ضحية خدعة كبيرة لأنها كانت توافق علي كل شروطي من أجل تحقيق حلم السفر والهجرة إلي الخارج وكانت تردد علي أذني الاحاديث التي تنهي عن اغضاب الزوج ووجوب طاعته وضرورة تكوين أسرة صالحة وهو ما كنت أبحث عنه. وعاد الأب يرفع صوته من جديد وهو يقول: تم الزفاف خلال4 أسابيع وطارت بنا الطائرة إلي ألمانيا في الشهر الأخير من عام2005, وهناك بعد ولادة الطفلة, بدأ زوجتي تتغير تغييرا تاما, وأصبحت المشادات والمعارك الكلامية تحتدم بيننا لاصرارها علي الخروج والتأخر خارج المنزل, وفي أوروبا يحدث أن نتقابل بأصحاب دعوات للنقاش والتفاهم في الكثير من المسائل الدينية وأصل الأديان, وكانت ردودنا لهم باستمرار أننا مسلمون ونتركهم لحال سبيلهم ونمضي ولكن بعد فترة لاحظت أن زوجتي تزيد من نقاشاتها معهم, وفي إحدي المرات فوجئت بوجود ورقة ملتصقة في باب منزلي كتب عليها بالانجليزية أنهم سيساعدوها بإرسال من يتحدث بالعربية لوجود مشكلة في التفاهم معها لعدم إتقانها اللغة الألمانية, وعند مواجهتها بهذه الورقة عللت ما يحدث برغبتها في انشاء صداقة مع الآخرين للاستفادة من لغتهم ولا توجد مشاكل. ويسترد أحمد أنفاسه في عجل ويعود للحديث سريعا قائلا: فوجئت في اليوم التالي بحضور سيدة اسمها سحر مصرية من منطقة شبرا ومتزوجة من ألماني يعمل مهندسا في قطاع الخرسانة الجاهزة وعلمت أنه تزوجها أثناء وجوده في مصر وعاد بها إلي ألمانيا, وبعد فترة لاحظت زيادة عدد الزائرين للنقاشات في الأمور الدينية أثناء غيابي فأعلنت رفضي لاستقبالهم في البيت مطلقا, فأصبحت تتفق معهم وتقابلهم في الخارج وتقضي معهم أوقاتا كثيرة, واستطاعت من خلال توجيهاتهم أن تتعلم وتصل إلي أن الزوج حسب رؤيتهم ليست له أهمية أو تأثير في حياتها. وفي هذا الوقت وصلت خبرتي في العمل إلي درجة عالية في الالكترونيات بالبنوك, فقررت الاختيار بين تربية ابنتي تربية إسلامية صحيحة وبين منصبي الوظيفي ومكانتي كرجل ناجح ومهندس مصري أعيش في رغد ورفاهية, ولم يطل تفكيري واخترت تربية ابنتي وأقنعت زوجتي بامتلاكي رأس مال كبير وأني سأكتب لها فيللتي بالمقطم وسأبدأ مشروعا صغيرا في مصر, وبالفعل استقلت وانهيت أعمالي في ألمانيا وضحيت بوظيفتي التي كان من الممكن الاستمرار فيها إلي سن65 سنة, ثم عدت مع زوجتي وابنتي إلي القاهرة وبدأت ابنتي في الالتحاق بمدرسة آتون للغات بالمقطم حسب اختيار الأم, واستقررنا في فيللا تم بنائها حديثا, ولكن المفاجأة أن زوجتي لم تصمد أكثر من4 شهور في مصر, وقررت الهروب إلي ألمانيا بعد أفتعالها عدة مشاكل قامت علي اثرها بتحطيم سيارتي وبعض أثاث المنزل وسافرت إلي أهلها بالإسكندرية وعلمت بعد ذلك أنها اتجهت إلي السفارة الألمانية وادعت أمام الموظفين أن زوجها الألماني المقيمه معه في مصر يجبرها علي ارتداء الحجاب وهي ترفض ذلك وتطلب الحماية في مساعدتها للهروب خارج البلاد, وكان لها ما أرادت بعد نجاحها في استخراج جواز سفر لها ولابنتي رغما عني وحصلت علي تأشيرة سياحية إلي ألمانيا لمدة3 شهور, وذلك لعدم حصولها علي اقامة أو تأشيرة وهذا تواطؤ من السفارة بالقاهرة, بالرغم من اعلاني رسميا عن طريق محام من قبل السفارة باختفاء زوجتي واختفاء ابنتي, ومطالبتهم بالاتصال بي عن طريق المحامي في حالة ظهور الزوجة أو الأبنة. ويصمت أحمد ثم يخرج مستندا جديدا يرفعه في يده قائلا: بعد شهرين فوجئت باتصال من داخل ألمانيا من زوجتي تخبرني باقامتها هناك مع ابنتي, وعلمت بعد ذلك أن سبب الاتصال أنها لم تنجح في الحصول علي الاقامة من دون موافقة زوجها فلجأت للاتصال بي كحيلة لاستدراجي إلي ألمانيا وتوفير تأشيرة الاقامة لها, وسافرت بالفعل عندما هددتني بعدم رؤية هانا ابنتي التلميذة ذات السنوات الست بالصف الأول الابتدائي, ان لم آت اليها واساعدها في تمديد الاقامة لها بعد أن رفضت الجهات الألمانية تمديد الاقامة لها من دون زوج, وهناك اقنعتها بأنني وضعت لها15 ألف يورو في حسابها, وأكدت لها ملكية الفيلا المكتوبة باسمها, مما يضمن لها مستقبلا آمنا لها, واستجابت للرجوع إلي مصر وما إن عدت حتي قمت بإستخراج قرار منع سفر الإبنة من المحاكم المصرية خشية هروب الزوجة مرة أخري إلي ألمانيا, وبالفعل حدث ما أخشاه وهربت زوجتي ولكن من دون الطفلة ولم تلتفت إلي ابنتها واهتمت بالعودة للعيش وسط الحياة الأوروبية فلم أهتم بالسؤال عنها وكان يكفيني أن ابنتي بين احضاني. هدأت حدته وخفت صوته وهو يردد استمرت الحال4 سنوات تم فيها رفع العديد من القضايا بأخذ حضانة البنت من خلال المحكمة فنجحت أولا في اثبات ارتدادها عن الإسلام وعدم اعتناقها ملة أخري, وجاء بنص المحكمة ما ذكره القاضي من انها ترغب في حضانة الصغيرة لعدم رغبتها في تنشأتها علي القيم الإسلامية, الأمر الذي تبين للمحكمة انها غير أمينة علي المحضون, فأسقط القاضي الحضانة عن زوجتي وألحقها بالجدة وهي أم زوجتي حسب الشريعة ولكني استأنفت بسبب عدم طلب هذه الجدة للحضانة, وعدم حضورها ولو مرة واحدة للحصول عليها, وأثبت أن خال الطفلة مسجل جرائم سرقة بمنطقة مينا البصل بالإسكندرية, بالإضافة إلي مسكن الجدة ذاته ومحيطه غير آمن بشهادة الشهود والتحريات لتربية الطفلة, وأثبت فشل أم الزوجة الجدة في تربية ابنتها ذاتها التي هي زوجتي فكيف لها تربية نشء في عمر ابنتي, وتنفرج ملامح وجهه لأول مرة ويشوبه السعادة المغلفة بالشجن وهو يقول: تفرغت لتربية ابنتي ولم أبحث عن زوجتي وكنت في قمة السعادة وأنا أذهب إلي مدرستها وأشاهدها وهي تتجه إلي باب الفصل ثم أعود لأعد لها طعامها وحجرتها وأجمع لعبها وحاجياتها ثم اتجه ثانية لانتظارها عند ميعاد خروجها من المدرسة فأصحبها إلي البيت لأبدا استذكار دروسها بانتظام وكنت أعيش علي ما تبقي من رصيدي من تحويشة العمر وكانت كلما سألتني عن أمها اخبرها أنها تعيش في بلد آخر, وحرصت علي عدم تشويها أمام ابنتي حتي لا تتأثر نفسيا بأي شيء وللأسف الشديد زوجتي لم تسأل مرة أو تبحث عنها لزيارتها أو رؤيتها, بالرغم من معرفتها أين تقيم كما تعلم مكان مدرستها التي قدمت أوراقها بيديها لإدارة المدرسة. واختفت الملامح اللينة فجأة وظهرت الصرامة والجدية المصحوبتان بالدهشة علي الأب المصدوم قائلا: وفي يوم الأحد الموافق21 أبريل الماضي وأثناء انتظاري هانا أمام باب المدرسة لنعود إلي البيت وما إن جرت ابنتي تجاهي واستقبلتها بين أحضاني ورفعتها إلي أعلي وأنا اداعبها وهممت بالخروج من باب المدرسة حتي انشقت الأرض عن ثلاث سيارات ملاكي أحدهما مرسيد سوداء والأخري هيونداي النترا والثالثة هيونداي فيرنا, وقفز منها راكبيها وهم يتجهون إلي مباشرة ولمحت معهم طليقتي واتجه إلي ثلاثة منهم يمسكون بأيديهم صواعق كهربائية وزجاجات غاز الفلفل وأسلحة بيضاء وانهالوا علي ضربا من كل اتجاه مباشرة فقمت بإفلات الأبنة إلي داخل المدرسة خوفا علي حياتها واستطاعوا طرحي أرضا فنظرت خلفي إلي ابنتي فوجدت اثنين من البلطجية ومعهم المطلقة يجرون خلف الأبنة التي فزعت منهم واعتلاها رعب شديد بعد أن رأت والدها يسقط أرضا, وقاموا بمحاولة اللحاق بها لامساكها, فاستطعت الوقوف مرة أخري, ولكن لمعرفتهم بالمكان قاموا بالانطلاق خلف الصغيرة المذعورة التي كانت تجري داخل فناء المدرسة إلي أن تم التقاط الطفلة من شعرها وأمسكها الآخر من قدميها ونفدوا من باب المدرسة وعند لحاقي بهم قامت مجموعة بإيقافي والتعدي علي لمنعي من اللحاق بابنتي ولكني استطعت الهروب منهم ونظرت إلي نهاية الشارعع فشاهدت ابنتي في إحدي سيارات الهيونداي الالنترا علي مرمي البصر والسيارة تكاد تختفي عن الأنظار, وفوجئت باثنين من البلطجية يقفان بجوار المرسيدس ويشهران مسدسيهما في وجهي, وقالا لي بالحرف الواحد: قف والا سنضربك بالنار وأطلقا عيارا ناريا في الهواء لارهابي وارغامي علي عدم تتبع ابنتي ولكني قفزت إلي سيارتي وأسرعت خلفهم وكانت المسافة بيني وبينهم كبيرة ولشدة اصراري علي اللحاق بهم قمت بعدة حوادث واصطدمت بأكثر من سيارة وأطاحت بي سيارة نصف نقل, وتعطلت سيارتي وتوقفت أمام الموقف الخاص بالميكروباص امام محطة بنزين وطنية علي الطريق الدائري فاستغثت بالواقفين وصحت بأعلي صوت ابنتي تختطف حد يساعدني وتكررت صرخاتي وعندما لم أجد أي مساعدة وقمت بقيادة سيارتي المحطمة مرة أخري وتتبعتهم أعلي الطريق الدائري حتي تمزق الاطار الخلفي للسيارة من شدة انطلاقي وعدم ابطائي امام المطبات, وتوقفت سيارتي ثانية أمام ترعة المريوطية ولكني لم أجدهم فتوجهت لقسم شرطة الهرم فطلب مني التوجه مباشرة إلي قسم المقطم وعند عودتي إليه وجدت مديرة المدرسة وفرد الأمن وهما يقومان بتبليغ الواقعة إلي أحمد هدية معاون المباحث فقمت بتحرير محضر بالواقعة تحت رقم3905 لسنة2013 جنح المقطم. وذكرت مديرة المدرسة في نفس المحضر تفاصيل الواقعة واثبتت أن ابنتي اختطفت من داخل المدرسة كما ذكرت أن السيارة المرسيدس أرقامها829, وعن طريق هذا الرقم تمكنت من خلال فاعلي الخير وقلم المرور الاستعلام عن المرسيدس السوداء, ثم يسكت الأب يسترد أنفاسه ويشرب كوبا من الماء وأسرع يستكمل روايته بقوله: علمت أن مالك السيارة هو رفيق شاكر موسي رجل الأعمال ويقيم في فيللا75 مجموعة13 بمدينة الرحاب وبتتبع الهاتف الخاص بطليقتي وجدت أنه ملك له وبنفس بيانات رفيق شاكر موسي مدير الشركة السعودية أمام دار الدفاع الجوي بمدينة نصر, فقمت بتتبعه واللحاق به حتي قدمته إلي الشرطة ثم إلي النيابة وتم حبسه علي ذمة التحقيق4 أيام, ثم جددت15 يوم علي ذمة التحقيق, وفي هذه الأثناء قامت الزوجة بترك الطفلة لدي أحد معارفها ولرجل الأعمال رفيق موسي, وعلمت في يوم6 مايو الماضي إنها في الطريق إلي ألمانيا فاتجهت إلي المطار واستعنت بشرطة السياحة للبحث عن صغيرتي هانا مع الطليقة الهاربة.. ولكني لم أجد طفلتي علي نفس الطائرة ولا علي أي من الرحلات المغادرة للمطار وتبين وجود الزوجة فقط بمفردها فقمت بتحرير محضر يحمل رقم4 أحوال أمام شرطة السياحة بميناء القاهرة الجوي واتهمتها فيه بتهريب الطفلة إلي خارج البلاد, وبعد فترة تيقنت من خلال بحثي من أنها تركت الطفلة داخل البلاد, وتعاطف معي الكثيرون حتي توصلت إلي أن محمد عبدالصمد محمد عبدالنبي شقيق طليقتي كان يتخفي أمام باب مدرسة طفلتي واشترك في جريمة خطف الطفلة بالإكراه عن طريق البلطجية, وأبغلت عنه ولم يستطع أن يبرئ نفسه أمام النيابة بعد القبض عليه, وتم حبسه4 أيام في قسم باب شرق بالإسكندرية, ويوم السبت1 يونيو الحالي تم تجديد حبسه15 يوما, وعلمت أن محامي زوجتي هو الذي خطط لعملية الاختطاف داخل المدرسة من بدايتها إلي نهايتها بالاستعانة بأفراد الأمن الخاصين برجل الأعمال. رابط دائم :