وقف المتهمان طارق و محمد أمام أحمد اسر الخولي وكيل نيابة السيدة زينب تبدو عليهما علامات الدهشة مما سرده من تفاصيل حول حادثة مقتل صديقهما وزميلهما كريم الذي امتدت صداقتهما به لأكثر من10 أعوام بمسقط رأسهم بالمنوفية قبل أن يكتب أن يكتب القدر نهايتهم جميعا أحدهم قتيل في ثلاجة الموتي في مشرحة زينهم والآخران مقيدان خلف القضبان. رن جرس هاتف مكتب وكيل النيابة وجاء صوت المتصل متلهفا يخطره بواقعة عثور صاحب مشتل علي جثة شاب متوسط العمر غارقا في دمائه وبها آثار طعنات متفرقة بجسده. بدأ مسرح الجريمة غامضا لوكيل النيابة الشاب فالكورنيش من المناطق كثيرة الرواد إلا أن فريق المعمل الجنائي قدم مسحا شاملا لمسرح الجريمة و بعض الأدلة التي فكت طلاسم القضية كان أولها حافظة النقود الخاصة بالمجني عليه التي تحوي بعض الأوراق الدالة علي هويته. وبفحص أوراق المجني عليه التي كانت بطاقته أولي الأشياء التي إلتقطها وكيل النيابة و بدأ في قراءتها ليكتشف أن الجثة لشاب يدعي كريم25 سنة عاطل ومن محافظة المنوفية بالإضافة إلي إلي بعض الأوراق الأخري الخاصة باستلام قسط ثلاجة وصور خاصة لسيدة تبدو أنها والدته ومبلغ مالي. يوم كامل قضاه وكيل النيابة في سماع شهود الواقعة وقراءة محضر تحريات مباحث السيدة زينب الذي لم يسهم ما بداخله في كشف غموض الواقعة فيما إلتقط وكيل النيابة كلمة مشاجرة وطارق من بين عبارات ذكرها أحد الشهود و هو بائع الكشك الذي كان ساهرا حتي الصباح في ليلة وقوع الجريمة وسمع أصوات عالية بين مجموعة من الأشخاص ظن أنها دعابات بين أبناء الليل علي الكورنيش من الناحية الأخري داخل المشتل ولكن تبين له بعد أن إسترق السمع أنها مشاجرة بين أصدقاء أحدهم يدعي طارق و أن سببها مصلحة في تجارة المخدرات إ ستمرت لأكثر من ربع ساعة بينهم إنتهت بهمسات ثم سكوت خيم مجددا علي المكان ليضيف وحشة تخففها بعض السيارات و المارة. وبدأ علي الجانب الآخر فريق مباحث المنوفية بالتنسيق مع مصلحة الأمن العام بوزارة الداخلية العمل سويا و سؤال أسرة المجني عليه بمسقط رأسه وحصر المشتبه بهم بين معارفه و أصدقائه و الذي تبين لفريق البحث أن احد المتهمين يدعي طارق. وفي أقل من ساعات كان طارق الذي أرهق رجال المباحث لمدة تزيد علي شهر في البحث والتحري بين أيدهم مكبلا بالقيود ومتهما بقتل صديقه كريم. بدأ طارق في الإدلاء بإعترافات تفصيلية من جريمته أمام المباحث و أكد عليها أمام النيابة بأنه قبل أيام من إرتكاب الواقعة إتفق وصديقه محمد علي إصطحاب المجني عليه إلي القاهرة لجلب كمية من مخدر الحشيش لترويجها كعادتهم جميعا بين زبائنهم في المنوفية من أصحاب الكيف وبعد الاتفاق علي المبلغ المدفوع ثمنا للصفقة ومكسب كلا منهم فيها بعد توزيعها نشب خلاف بينهم بأن أراد المجني عليه الأقتسام بنسبة الثلث لكل منهم إلا أن المجني عليه إعترض و سب أحد المتهمان بوالديه وحاول ثالثهما تهدئة سخونة الأجواء وأقترح تناول بعض المشروبات و تعاطي الحشيش بمنطقة الكورنيش داخل أحد المشاتل المهجورة ليلا ليتنسم الجميع الدخان الأزرق مع هواء الكورنيش البارد... ولكن سرعان ما هدات الأجواء إلا أن خرج حقد الدنيا من قلب طارق ليشهر مطواة في وجه صديقه مهددا أياه بغرسها في صدره إن لم يعتذر له عن ما وجهه له من شتائم... بدأ محمد هادئا أثناء المشاجرة و اخذ يوبخ المجني عليه( كريم) نظرا لما اقترفه في حق طارق إلا أن صوت كريم بدأ يرتفع في جنح الظلام بين الأشجار و يذكر كلا بأسمه مما قدمه من أفضال عليهما. وفي لحظة وثب طارق علي كريم كحيوان مفترس و غرس مطواته في صدره فيما شل الآخر حركته لكي لا تصدر من أي ردود أفعال للمقاومة, وبعد عدة طعنات سريعة وجهها طارق إلي زميله بجنون كانت دماء كريم تروي أرض المشتل بدلا من مياه النيل وسقط جسد الفتي النحيل بين الأشجار صريعا لا صوت له إلا تأوهات مكتومة. وفي دقائق معدودة لملم الصديقان أنفسهما بعد أن شعرا بالخوف وخرجا من المشتل فرادي بعد أن دخلوه جماعة هائما كل علي وجهه هرب من مصير محتوم ينتظرهما خلف القضبان بعد أن ظنا طوال شهر أن أعين العدالة نائمة وأن أيدي القانون غلت عنهما ليسقطا سويا في قبضة رجال المباحث ويدليا بإعترافات تفصيلة عن جريمتهما أمام اللواء أسامة الصغير مساعد أول وزير الداخلية لأمن القاهرة.