وعن أحكام الدين فيما يتعلق بالتجاوز في حق رئيس الجمهورية أكد الدكتور محمد نبيل عوضين أستاذ الشريعة بكلية الحقوق جامعة القاهرة والأمين العام السابق للمجلس الأعلي للشئون الإسلامية ان الله قد نهي عن السخرية والاستهزاء بالآخرين. في قوله تعالي يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسي أن يكونوا خيرا منهم, وقوله: ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان. وأوضح أن النبي صلي الله عليه وسلم بين خطورة الكلمة التي تصدر عن الإنسان فيقول إن الرجل ليتكلم بالكلمة, لا يلقي لها بالا, يهوي بها في جهنم سبعين خريفا, ويقول أيضا: وهل يكب الناس في النار علي وجوههم إلا حصائد السنتهم؟ وبالتالي يجب أن يتخير الإنسان ألفاظه سواء كانت في محل البيان أو النقد طاعة لله في المقام الأول ثم حفاظا علي مكارم الأخلاق ومشاعر الآخرين ومكانة الأشخاص من ناحية أخري. وأشار إلي أن الآونة الأخيرة شهدت انهيارا أخلاقيا من قبل بعض الأشخاص وفي مقدمتهم بعض رموز الإعلام المرئي والمسموع والمقروء بعد أن تحولت البرامج الإعلامية إلي ما يشبه ب قعدات المقاهي التي تتداول فيها عبارات والفاظ فجة لم نعتد سماعها من قبل في ظل عدم تفعيل مواثيق الشرف الإعلامي, حتي وصل الأمر إلي الخلط بين حرية الرأي والتعبير والنقد المباح وبين إهانة الأخرين وإصابة أعراضهم في مقتل, واستبدال انتقاد الأعمال والتصرفات والبرامج بانتقاد ذوات الأشخاص ووصفهم بألفاظ لا تليق مثل المجرم والفاشل و الخائن والعميل و القاتل, فضلا عن تشبيه بعض الأشخاص بالحيوانات, أو تأويل العبارات الصادرة عن بعض قيادات الدولة وتفسيرها بإيحاءات جنسية خادشة للحياء وتحمل جميع معاني التجرؤ علي تقاليد وأعراف المجتمع. ولفت إلي أن الأمر لم يقتصر فقط علي التجريح الشخصي بل وصل إلي حد الانغماس في السخرية من عبادات الرئيس مشددا علي ضرورة تركيز الخطاب الديني في المساجد ووسائل الإعلام علي حث الناس لنبذ هذه الممارسات وحصر مساحة النقد علي الأعمال والتصرفات دون التعرض لأحد أو التأثير علي هيبته ومكانته. من جانبه قال الشيخ يوسف البدري الداعية الإسلامي إن هذه التجاوزات تؤدي إلي ضياع هيبة مؤسسة الرئاسة بصفة خاصة والدولة بصفة عامة,لافتا إلي أن السب واللعن ليسا من صفات المؤمن الحق,كما قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء فضلا عن أن هذا السب وإلحاق صفات وهمية بالرئيس كالخيانة والنذالة والديكتاتورية يعد افتراء عليه, مشيرا إلي أن القاعدة القانونية الشهيرة تنص علي أن المتهم بريء حتي تثبت إدانته ففي حالة عدم وجود أدلة قاطعة علي خيانة الرئيس أو ممارسته للديكتاتورية تجاه شعبه لايجوز اتهامه بهذه الجرائم. واكد البدري ان الله عز وجل قد امر الناس بطاعة ولي الأمر لما في ذلك من صلاح لحياتهم في قوله تعالي: ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلي اللهلذلك فلابد للحاكم أن ينال من الاحترام والتوقير مايدفعه للعمل كخادم لهذا الشعب الذي يقدره طالما أنه لم يأمر بمعصية الله مثلما قال الرسول صلي الله عليه وسلم:لاطاعة لمخلوق في معصية الخالق, مؤكدا أن من يصرون علي إلقاء التهم جذافا علي الرئيس ووصفه أقبح الصفات إنما يستهزئون بأوامر الله ورسوله. وهو مايؤدي إلي عواقب وخيمة في الدنيا والآخرة. فيما أشار الدكتور محمد مختار المهدي عضو مجمع البحوث الإسلامية والأستاذ بجامعة الأزهر إلي أن التطاول علي أي انسان يعد أمرا محرما شرعا, والتطرق إلي إهانة الرئيس والتعرض لسمعته يعد مساسا بهيبة وكرامة الدولة التي يعد رمزا لها أمام العالم, موضحا أن الرئيس قد أعلن منذ اليوم الأول لتوليه السلطة أنه ليس له حقوق بل عليه واجبات, ومع ذلك لا تتوقف سلسلة الإهانات المتعمدة في حقه, بخلاف ماهو سائد في معظم دول العالم التي تجرم مثل هذه الإساءات للحكام.