ابتعد الكثيرون في الآونة الأخيرة عن التمسك بتعاليم الدين والقيم الحميدة الي حد نشر الإشاعات وتخوين الآخرين مع تبادل الشباب والألفاظ غير اللائقة وهو مالم يسلم منه أحد حتي الرئيس الذي جاء بانتخابات حرة ونزيهة.. وأصبح التطاول علي رئيس الجمهورية أمرا طبيعيا ومن منطلق الديمقراطية عبر وسائل الإعلام المختلفة سواء من بعض الاشخاص أو من الاعلاميين أنفسهم مايعد جريمة سب وقذف مباشر.. في البداية يقول خالد حسين موظف بإحدي الشركات إنه عقب ثورة يناير انقلبت الموازين وتبدلت المفاهيم واختذل البعض الديمقراطية في سب الآخرين, مطالبا الرئيس مرسي بالتصدي لهؤلاء والكف عن سياسةالطبطبة التي ينتهجها لأن التسامح يزيد المسألة تعقيدا ويزيد من سوء أدب هذه القلة المنحرفة. وأكد أحمد محمد طالب بجامعة القاهرة انه رغم اختلافه الشديد لتوجه جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة إلا أنه لابد من توافر قدر من الاحترام للرئيس باعتباره الرمز الذي يمثل كل المصريين, فعلينا أن نعترض ونبدي آراءنا ونحتج ونتظاهر في الشوارع والميادين ولكن دون تجريح.وقالت وفاء عبد المنعم ربة منزل إنها تنزعج كثيرا مما يحدث إزاء الرئيس مرسي وتعرضه لسيل من الشتائم اليومية التي لاتليق بمنصبه ولايقبلها أي شخص علي نفسه, مشيرة الي أنه تولي الحكم منذ فترة وجيزة لاتحتمل هذا النقد الشديد الذي تعدي حدود الأدب. ومن جانبه أوضح دكتور فاروق أبو زيد عميد كلية الإعلام الأسبق ورئيس جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا أن إهانة أي شخص أمر غير مسموح به علي الإطلاق, وهو مالا يعني الانتقاص من حق التعبير عن الرأي المكفول في النظم الديمقراطية وإنما وضع شروط الاحترام المتبادل والابتعاد عن السب والطعن في الأعراض وإلقاء التهم جذافا. وأرجع سبب تلك الظاهرة الي عدم وعي الإعلاميين بحقوقهم القانونية التي تتيح لهم النقد وكشف الحقائق دون التعرض للمساءلة القانونية عن طريق استخدام لغة صحفية قادرة علي إيصال المعلومة للمتلقي دون النيل أو الافتراء علي أحد الأشخاص, كما أننا نفتقر إلي المستشارين القانونيين ودورهم التوجيهي تجاه المنظومة الإعلامية, مضيفا أنه لايوجد رقابة علي وسائل الإعلام في النظم الديمقراطية بينما يمكن المحاسبة من الناحية القانونية برفع دعاوي السب والقذف أو بتقديم الشكاوي الي نقابة الصحفيين التي تتخذ الإجراء المناسب طبقا لميثاق الشرف الصحفي والتشريعات الإعلامية بحيث تكون العقوبة الوقف لفترة محددة وقد تصل الي الشطب من نقابة الصحفيين بحيث لايحق للمتهم مزاولة المهنة مرة أخري. وأشار أبو زيد الي عدم اعتياد الشعب المصري علي ممارسة الديمقراطية طوال عقود الاستبداد مما يتطلب وقتا وجهدا من جميع الأطراف علي تحمل تلك الأجواء المضطربة, ولابد من نشر التوعية بحدود النقد المسموح به وكيفية ممارسته من قبل الإعلاميين وكيفية تقبله من قبل المسئولين أيضا, مع الاستناد إلي المعلومات الصحيحة والالتزام باللغة المحترمة والتفرقة الواضحة بين النقد والسب مع تفعيل ميثاق الشرف الصحفي وتطبيق القانون. وقالت سوزان حسن رئيسة التليفزيون الأسبق أن السبيل الوحيد للتصدي للتجاوزات الإعلامية هو تشكيل هيئة مستقلة لوضع الآليات والضوابط للعمل الإعلامي علي أن يشارك في وضعها الإعلاميون والخبراء القانونيون وتمنح لهذه الهيئة سلطة الإشراف والمحاسبة في حالة التجاوز وهو ما سيزيد من حرية الاعلام بما يضمن عدم انتهاك حقوق الآخرين. وأوضح دكتور صلاح الطحاوي أستاذ القانون الدولي العام والمحامي بالنقض أن السب والقذف تجاه أي شخص جريمة يعاقب عليها قانون العقوبات المصري طبقا للمواد رقم302 و303و171 علي أن تكون العقوبة الحبس أو الغرامة أو هاتين العقوبتين طبقا لما يحكم به القاضي, بينما يشترط القانون في المادة الثالثة تقديم الشكوي إلي النيابة العامة بشخص الشاكي أو بتوكيل خاص من محاميه لكي تقوم النيابة العامة بتحريك الدعوي الجنائية قبل المتهم. وأضاف أن الرئيس يسمع ويشاهد الكثير من السباب والإهانات في حقه إلا أنه لا ينهض لتحريك دعاوي جنائية لكونه يؤمن بحرية الرأي والتعبير, مطالبا المصريين بتوخي الحظر واستخدام الألفاظ لأن إهانة الرئيس تعد إهانة لكل المصريين, مع ضرورة تفعيل لغة الحوار والتفاوض حول القرارات التي قد ينتج عنها انقسام في الرأي العام السياسي. وفي نفس السياق أوضح الدكتور كمال القاضي أستاذ الإعلام السياسي بجامعة حلوان أنه لا يجوز إهانة رئيس الجمهورية باعتباره رمزا, مشيرا إلي إنه لم يتعرض أي من الحكام السابقين لما يتعرض له الدكتور مرسي الآن من هجوم حتي مع أكثر الحكام استبدادا مؤكدا ضرورة استيعاب الرئيس لمعارضيه. وقال ناجي الشهابي رئيس حزب الجيل إن السباب والسخرية ليست من شيم المصريين كما أنها لغة العاجز لأن صاحب الحجة القوية لا يلجأ إلي هذه الممارسات الدنيئة فلابد من توافر قدر من الاحترام مهما اتسع نطاق الخلاف, مشيرا إلي العقود السابقة التي كان يسمح فيها بنقد الرئيس مبارك والهجوم عليه من جانب وسائل الإعلام المختلفة ولكن دون سب. فيما أكد عبدالغفار شكر وكيل مؤسسي حزب التحالف الشعبي الاشتراكي أن هناك حالة من النقد القاسي المسموح به في ظل فترة انتقالية تشهد العديد من الأزمات وتعدد الآراء, بالإضافة إلي تخوف البعض من عودة النظم الديكتاتورية السابقة, بينما هناك قلة تمارس نوعا من الإهانة غير المقبولة التي تقلل من شأن الرئيس, مع أنه يسعي في الوقت ذاته إلي الترفع عن مثل هذه الوقائع الفردية ويظهر دائما بسعة صدر وحكمة في التعامل. وقال دكتور يسري حماد عضو الهيئة العليا لحزب النور والمتحدث الرسمي للحزب إن المجتمع يشهد ظاهرة جديدة لم نعتد عليها سلفا, مشيرا إلي التجرؤ علي رئيس الدولة إلي هذا الحد سينعكس بمردود سلبي علي كل الرموز السياسية فيما بعد وتدريجيا سنفتقد هيبة الرؤساء واحترامهم مما يودي بحياة أي مجتمع, مناشدا الرئيس باتخاذ موقف حاسم ضد كل من يتخطي حدود الأدب في الحديث, وعلي كل من يخالفونه في الرأي احترام الإنتخابات التي أتت به رئيسا شرعيا. ووصف دكتور جمال حشمت عضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين الوضع القائم في وسائل الإعلام بالفوضي أاللا أخلاقية التي لا تمت للدين أو الأخلاق بصلة وهي أبعد ما تكون عن الديمقراطية الحقيقية, فمن يخالف رأي أحد الأشخاص فعليه طرح البديل لنصل إلي النقد البناء الذي يمكن تطويعه لبناء المجتمع. من جانبه أشار الشيخ يوسف البدري داعية إسلامي إلي أن الدين الإسلامي ينهي عن التطاول علي أي شخص وقد أمر الله الناس جميعا بالاعتدال في خطابهم والالتزام بالألفاظ الراقية وهو ما تم ذكره في أكثر من موضع في القرآن الكريم مثل: يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسي أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسي أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الايمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمونوقوله وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن, كما أمرنا الرسول صلي الله عليه وسلم بالكلمة الطيبة في أحاديث كثيرة ومنها:( والكلمة الطيبة صدقة), و( ليس المؤمن بطعان ولا لعان ولا فاحش ولا بذيء). وأضاف أن هناك نهيا صريحا عن التطاول علي الحاكم في حديث الرسول عليه الصلاة والسلام:( من أهان سلطان الله أهانه الله), فعلي الشعب تقويم الحاكم ونقده بشكل بناء دون تجاوز. وناشد د. جمال حشمت الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف بتكثيف الدعوة في المساجد والمعاهد والجامعات ووسائل الإعلام المختلفة لتذكير الأمة بتعاليم الإسلام والقيم الحميدة التي غابت عن الكثير من الشعب المصري.