جلست أمام المرآة تمشط شعرها عدة دقائق, كان كفاها يتحركان, وعيناها متسمرتان علي خدها المنعكس أمامها, وشعرت بأنها تشاهد فتاة أخري غيرها, كان عقلها يفور بأفكار سلبية وكأنها حصة لجلد الذات والعتاب علي ما مضي من عمرها, واستمرارها دون عمل طوال الفترة الماضية, وتتابعت مشاهد التحاقها بعمل وتركها لآخر في سرعة, وانتابها إحساس عميق بأنها تعرضت لظلم فادح لا تستحقه, وقبل أن تأوي إلي فراشها حسمت أمرها بضرورة التفكير في طريقة لجلب الأموال دون عواقب أو افتضاح لأمرها, وأغمضت عينيها وهي تحاول جر سلطان النوم ولو دقائق, ولكن عقلها كان يرفض السكون, وبعد فترة من الأرق خضعت لدوائر متشابكة من ذكرياتها المحفورة في خيالها وقهرها النوم. استيقظت الشابة مبكرا بخلاف كل مرة, وما ان استقرت أمام مرآتها الأثيرة وبدأت تخاطب نفسها وتشيد بجمالها وتتمتم كعادتها حتي توقفت فجأة وصرخت وقفزت إلي أعلي مبتهجة بعد أن قفز خاطر علي رأسها يصلها بما نامت تفكر فيه قبل نومها, وكما صاحت فجأة هدأت بسرعة قبل أن يشعر أصر بما تفكر فيه. وأسرعت ترتدي ملابسها في سرعة واتجهت إلي أحد المراكز المتخصصة في بيع مستلزمات الأطباء بالمنصورة, واقتربت بهدوء تطالع الفاترينة حتي استقر رأيها ودخلت إلي البائع تسأله عما تريد. ولم تمض سوي نصف ساعة حتي كانت الشابة السمراء تجتاز بوابة مستشفي الطوارئ بالمنصورة في ثقة متجهة إلي عنبر9 نساء, وأمام الباب وقفت تتسمع وهي تعبث بأزرار هاتفها المحمول, ووصلت إلي أذنيها عبارات: أنا منتظرة زوجي يأتي في أي وقت لعدم قدرتي علي الذهاب للبيت بمفردي, و أجريت أكثر من سونار والله المستعان, وابتسمت الفتاة في نفسها, فما تسمعه بالضبط هو ما فكرت فيه, فلم تتردد وتلفتت يمينا ويسارا ثم نقلت قدميها في ثقة ودخلت تتوسط عنبر9 في ثقة تحسد عليها, ووقفت تنقل بصرها بين النساء اللائي بدأت تخفت أصواتهن شيئا فشيئا, وهن يترقبن الطبيبة الجميلة, الهيئة الجديدة التي تتقمصها الفتاة السمراء, ونظرت السيدات طويلا إلي الطبيبة التي تتدلي من رقبتها سماعتها الطبية بعد أن دفست إحدي ذراعي السماعة في أذنها اليسري وبدت بارتدائها البالطو الأبيض المميز للأطباء كلوحة جميلة, تمنت إحداهن أن تتخرج ابنتها من كليتها وتعمل طبيبة أيضا مثل الطبيبة السمراء الواقفة تهز المكان بنظرتها الواثقة, واعتدادها بنفسها. ولم تضع الفتاة السمراء وقتها, صرخت في سيدة مسكينة تتأوه أن تسرع بسحب أغطية السرير فوقها واستعدادها لحقنة حالا سترسل بها الممرضة, ثم أ سرعت بإمساك الكشف المعلق بالأسرة الواحد تلو الآخر, وتمتمت فمها وهي تقرأ حالات كل مريضة, وأطلقت صوتها المرتفع بالنهر هنا وهناك حتي وصلت لما تحلم به, واتجهت إلي إحدي السيدات التي غطت مصوغاتها ذراعيها, وتتدلي بقيتها من أذنيها ورقبتها, وأسرعت تنهرها بوجوب عمل سونار فورا, وفي أسرع وقت, وحاولت المريضة أن ترد ولكن الطبيبة السمراء الماهرة قاطعتها في حدة حاولت أن تغلفها بهمس الحرص والفائدة, بأنها يجب أن تطمئن علي ما في بطنها قبل أن تخرج من عنبر9, فقامت السيدة وانصاعت للأمر واتجهت إلي غرفة الأشعة الملحقة بالعنبر, ونظرات قريناتها تحسدها لاهتمام الطبيبة بها من دون غيرها. جلست السيدة تتنفس ببطء تفكر في حملها وهي تنتظر الطبيبة السمراء الجميلة, بعد أن أفرغت ذراعيها مما تحمله من مصوغات, ومسحت علي أذنيها ورقبتها لتتأكد من تركها باقي المصوغات علي المقعد بجوار الستارة في الحجرة المقابلة. مرت الدقائق ثقيلة وترتيبة, يبدو أن الطبيبة السمراء انشغلت في مريضة أخري أرجو أن تعود بسرعة لئلا أصاب بالبرد, هكذا كانت تفكر السيدة المنتظرة بغرفة الأشعة, لكنها كانت لا تعلم أنها ستنتظرها طويلا. كان اللواء سامي الميهي مدير أمن الدقهلية قد تلقي إخطارا من العقيد عصام الشابوري مأمور قسم أول المنصورة ببلاغ من إكرام ر. أ.( موظفة) ومقيمة بميت الكرما مركز طلخا, المحتجزة بمستشفي الطوارئ بالمنصوررة في عنبر9 نساء يفيد بقيام إحدي الفتيات كانت ترتدي ملابس طبيبة بالكشف عليها واصطحابها إلي غرفة الأشعة وطلبت منها خل جميع مشغولاتها الذهبية التي ترتديها بحجة تأثيرها علي الأجهزة وصورة الأشعة, وبعد أن قامت بنزع مصوغاتها الذهبية غافلتها وتركتها وفرت هاربة. تم تحرير محضر بالواقعة تحت رقم1431 جنح قسم أول المنصورة لسنة2013 وأدلت السيدة بمواصفات الفتاة وأخطرت النيابة التي تولت التحقيق. رابط دائم :