يدعمنا الحق سبحانه وتعالي من خلال الحديث القدسي الذي يوضح كيف نعيش في رحمته وغفرانه.. كتبت علي نفسي الرحمة وحرمت الظلم علي نفسي وجعلته بينكم محرما, هذه النفحة الربانية تمهد لنا الحياة الكريمة النبيلة التي تعتمد علي السلام والمحبة والمودة بين بعضنا البعض بعيدا عن دوائر الظلم والعنف والقسوة وما يصاحبها من بطش واعتداء, والانسان في حياته تدفعه تصرفات تحرك سلوكه ولعل أهمها: * ما يدركه ويحسه الفرد قبل أن يقدم علي عمل ما أو تصرف معين يهدف من خلاله الي التوصل الي نتائج تحقق له ما يريد ويتطلع. * ما يجري في ذهن الفرد قبل فترة طويلة من الفعل الذي ينوي تنفيذه. * ما يتوقعه من نتائج في المستقبل ويتمني تحقيقه. * احساسه بالخوف من أولئك الذين لا يعرفون الحق ويميلون الي تعطيل الأمور والمصالح والوقوف أمام أصحاب التطلعات والامكانات المتميزة. * الاحساس بأن هناك من يستخدم العنف ليبطش بالآخرين ولا يري فقط إلا كل ما يحقق له مصلحته الشخصية. وإذا كانت هذه الأمور تحرك الانسان ويبحث عن حل لازالتها والتخفيف من حدتها فاننا نؤكد أن الاحساس بالظلم يبني علي اهمال حاجات الآخرين والابتعاد عن دائرة الحق في القول والفعل, لأن الانسان عندما يحتاج الي الآخر, ففي وجود الظلم يبدأ الانسان يستعد أيضا لعدم تلبية حاجاته, لأن سلوك الاويحية ينزوي عند الذين يميلون الي ظلم الآخرين أولئك الذين لا يفكرون إلا في مصلحتهم, أو يتبادلون المنفعة والمصالح المشتركة, وكأنها صفقات مؤقتة ينتهي أمرها إذا انتهت هذه المصالح, حيث كل واحد من هؤلاء يبحث عن المسالك والدروب الأخري التي تحقق له مصلحة جديدة حتي لو كانت عن طريق ظلم الآخر!! وبطبيعة الحال لابد وأن ننبه الأذهان الي من وقع عليهم الظلم حتي يكونوا سعداء علي أرضية من الاطمئنان النفسي والقيمي, فكل انسان إذا أراد لنفسه أن يكون سعيدا, فلابد وأن يبتعد عن ذلك الذي يلهو بأعصابه فلا خير فيه, وعليه أيضا ألا يحاول اقناع الظالم الذي يلهو بأعصابه, بل علي أن يوظف ارادته ويفعل اعتمادا علي وعيه وصفاء قلبه وقيمه الخلقية, لأن الظالم الأناني الذي يلهو بأعصاب الآخرين ومقدراتهم يبحث عن نفسه وما يحقق لها المنفعة ولا يعطي بالا للآخر صاحب الحق. والسؤال الآن ما هي المواقف التي قد يظهر فيها الظلم ولعل هذه المواقف تتمثل في مجموعة من القضايا علي الوجه التالي: 1 الحبيب المخادع الذي يعيش علي المراوغة والبحث فقط عما يحقق مصلحته. 2 الادعاء وينسب هذا المدعي ما ليس عنده ويتحدي أصحاب القدرات الحقيقية فيظلمهم ويحاول أن يقلل من شئونهم لأنه يدعي الفهم وهو لا يفهم. 3 الأنانية وحب الذات.. منتهي الظلم أن يحب الانسان نفسه ولا يفكر إلا في مصلحته ولا يري إلا كل ما يحقق منفعته فقط, والحكمة صريحة عندما تقول ما استحق أن يولد من عاش لنفسه فقط.4 عدم الاعتراف بالجميل, وهذا السلوك يجعل الأفراد إذا انتشر لا يعترفون بخير الآخرين, ولا يفكرون فقط إلا فيما يحقق لهم الفائدة, وبعد الحصول علي ما يريدون يتنكرون للآخر الذي عاونهم وساعدهم.5 النفاق والتزلف.. ذلك السلوك الذي يداهن ويتسلل الي ما يريد أن يحققه من خلال النفاق والتزلف, وهو لا يعلم أن هذا السلوك يمثل الظلم لأنه من خلال نفاقه وتزلفه قد يسهم في ضياع الحق والخير للغير. 6 انكار قدرات الآخرين وتميزهم, وهذا الانكار يظلم أصحاب القدرات لأن الانكار ينظر نظرة ذاتية بعيدا عن الموضوعية ويتسبب في طمس القدرات المتميزة ويقف من خلال ظلمه ضدها.7 الهروب من المسئولية والمكاشفة الصادقة, من عوامل الظلم لأن الظالم يحاول أن يهرب من تحمله للمسئولية, فهو يعمل دون أن يتابع عمله ويتملص من المسئولية إذا دعت الظروف والمواقف الي انجاز معين أو التفكير في مصالح الآخرين, الي جانب أن هذا الظالم لا يحاول أن يعتمد علي المكاشفة الصادقة والصراحة الواضحة. ويدفعه ظلمه الي ان يخفي الحقائق ولا يعلن عنها بأمانة وصدق.8 الغدر وضياع العشرة.. حيث يتمتع الظالم اعتمادا علي قسوته وعدم تقديره لمصالح الآخرين بالغدر الذي يجعله دائما يفكر كيف يصنع المؤامرات, ويخطط للعنف والبطش فهو لا يعرف معني العشرة لأنها سوف تمنع سلوك الظلم, ولأن العشرة لا تهون إلا علي الظالم الفاسد صاحب سلوك الغدر.9 التفكير دائما في المصلحة الشخصية حتي لو كان تحقيقها يتم علي رفات الآخرين, فهو إذا اقتضته المصلحة الشخصية أن يسحق جماجم الآخرين فهو يسحقها دون وجل أو ندم. 10 التشبث بالعنف والقمع كوسيلة للتعامل حتي يؤكد ظلمه ويحققه, وهكذا يتصرف الظالم ولا يبالي بكل ما يعبر عن الانسان الراقي, والانسان الراقي قد يبكيه هذا الجفاء وضياع العشرة, ولكنه سوف يجد حتما من يراه بوعي أفضل ويتوسم في ملامحه الحزينة تلك الدموع التي راحت ولن تأتي!! فالمظلوم يتطلع بايمان الي نصر الله, ومهما كان وقع الظلم من الظالم فارادة الانسان المتمسكة بالقيم الرشيدة ومن خلال الوعي والعلم يتشكل نضجه وتقدر للأمور, والمظلوم بإذن الله تعالي الذي حرم علي نفسه الظلم سينصره علي هذا الظلم, وسوف يري المظلوم برعاية الله غرسه الطيب في كل مواسم الحصاد الواعية فيلمسه في عيون صادقة وأمينة ووفية, تعرف معني العطاء وتقدير معني السخاء بعيدا عن دوائر الظلم البغيضة التي يصنعها الظالم بوحشية. وعلي الانسان الراقي وهو يتشبث بذاته الواعية الناضجة ان يتصور الأمل كبداية لحياته حتي بعد أن يواجه الآلام وسوء التقدير وضياع العشرة. البداية لابد وأن تعتمد علي الصلابة النفسية, فالصلابة ضد الظلم تمثل الأمل والوفاء والصدق والوضوح والتفاعل الأمين والمحبة المخلصة. رابط دائم :