** قليلون هم المبدعون الذين يؤثرون في شعوبهم.. وأبرزهم الشعراء.. وخاصة الشعراء الذين يتخذون من تراث تلك الشعوب مادة لإنتاجهم.. كما أن أكثر أنواع الفنون التي تشكل وجدان الناس هي تلك الأغاني التي تجد صدي واسعا لديهم وتستقر في القلوب والعقول لتبدد ذلك الظلام العميق الساكن داخلها.. ومن أهم الشعراء المصريين الذين أنجبتهم مصر ولايزال حيا بيننا أمد الله في عمره الشاعر المولود شاعرا.. والذي تغذي علي تراث الصعيد الجواني وورث منه لغته المكثفة الدالة ولا أقول لهجته فحسب الشاعر عبد الرحمن الأبنودي. والذي يقرأ دواوين الأبنودي منذ ديوان الأول الأرض والعيار حتي دواوينه الأخيرة يدرك كيف أن هذا الفتي والذي سيظل فتي وفتيا هو شاعر بالفطرة.. خلق ليكون شاعرا لاشيئا آخر.. وهو يملك موهبة فياضة.. قوية.. عميقة الجذور.. قادرة علي الإزهار في كل فروع الغناء.. شأنه شأن ذلك البلبل الذي يملأ الحديقة بل الغاب بصوته وأنغامه والذي لايملك أن يكف عن الغناء.. وكما فعل صلاح جاهين من قبله فعل هو, حيث خلد كل عمل فني وضع فيه يده ومسه كفه الشاعره.. فلا تزال أغاني كل جيل المطربين والمطربات منذ الستينيات تصرح بكلمات الأبنودي حتي اليوم ومايزال حوار فيلم شئ من الخوف الذي كتبه في بدايات حياته محفوظا حتي الآن.. هذا غير السيرة الهلالية العمل الأكبر لديه والذي يعد مرجعا.. هذا الذي استنفد منه عشرين عاما من التجوال في مصر وتونس وغيرها لجمع مادته.. ثم إن عبد الرحمن الأبنودي يفاجئنا بصوته القوي رغم السنين في ميدان التحرير وفي كل وسائل الإعلام كعلم مرفوف علي صدر ثورة يناير.. إنها الموهبة الكبيرة وقد زادتها الأيام خبرة ورؤية وفلسفة ووعيا وصدقا.. لقد انطلق قلمه يهتف وسط الجموع.. تأثرا.. مدويا.. حين دهن الجسد بحكم السن ومنعه من الالتحام بين الشباب. وكاتب هذه السطور وهو شاعر أصلا وحاصل علي جائزة الدولة في المسرح الشعري يؤمن إيمانا راسخا وهو يتتبع كل انجاز الشعراء في مصر بل وفي العالم العربي كله أن عبد الرحمن الأبنودي يعد اليوم أكبر شاعر عربي سواء في اللغة العامية أو الفصحي! * عمرا مديدا عبد الرحمن بمناسبة عيد ميلادك وتحية خالصة من واحد من جيلة أمتعته طوال تلك السنين بشعرك الجميل الذي يشيع الجمال في القلوب والعقول ويعطي للحياة مذاقا لايمكن أن ننساه. [email protected] رابط دائم :