إن الحديث عن الأرض ومصيرها يرتبط بالحديث عن مصير الإنسان والكائنات الحية الأخري اللازمة لاستبقاء حياته واستمرارها بهذا الشكل المعجز في تكامل عجيب لا يخرج عنه ولا يخترق نواميسه وقوانينه سوي الإنسان الذي كرمه الله وخلقه في أحسن تقويم وكان من الضروري لوجود الكائنات الحية علي سطح الكرة الأرضية أن تم تجهيزها بحيث تستقبل حياة كل هذه الكائنات بشكل متوازن ومتسق وجميل يعبر بشكل واضح عن قدرة الخالق سبحانه وتعالي في تسهيل حياة كل هذه المخلوقات لتؤكد أن وراء خلق هذه الأرض وعلي هذا الشكل إله له صفة القوة والقدرة والحكمة بل والرقابة الدائمة علي حركة الأشياء في هذا الكون الهائل والذي تعتبر الأرض جزءا أساسيا في بنيانه.. وتجهيز الأرض بهذا الشكل المعجز وتفردها بوجود الغلاف الجوي المثالي الذي يحيط بها من كل جانب ولا مثيل له ولا نظير في الكون فيحافظ علي دورة الحياة عليها ويحميها من تقلبات الكون حولها بالرغم من صغر حجمها وقلة الحيز الذي تشغله مقارنة بأجزاء الكون المختلفة دليل قاطع علي قدرة الله سبحانه وتعالي وبالرغم من أن الغاز الكوني الذي يشغل الحيز الأكبر في مكونات كل النجوم والكواكب والمجرات هو غاز الهيدروجين والذي تحدثنا عنه من قبل في بداية الانفجار الكوني العظيم والذي يعتقد الكثيرون أنها لذرة الهيدروجين المكون الأساسي للماء الذي كان عليه عرش الرحمن قبل خلق السموات والأرض إلا إنه من الملاحظ أن هذا الغاز الكوني يتقلص وجوده علي سطح الكرة الأرضية علي ارتفاع50 كم ليتفوق عليه كل من الأكسجين بنسبة21% والنتروجين بنسبة78% وغازات أخري بنسبة1% مثل ثاني أكسيد الكربون وبخار الماء والهيدروجين والهليوم والأرجون والكريبتون والزينون مع ملاحظة أن نسبة الأكسجين تقل كلما ارتفعنا لأعلي فيسبب هذا حدوث الاختناق في الأماكن المرتفعة والشاهقة مصداقا لقوله تعالي:( فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس علي الذين لا يؤمنون) الانعام125 وهذه إشارة قرآنية لها مغزي عميق في خبايا النفس الإنسانية فتوضح لنا الفرق بين حقيقة الإيمان بالله وإدراك عظمته في خلقه وفي كينونة الإنسان وباطنه مما ينعكس بشكل إيجابي علي ظاهره وهذا يؤدي حتما إلي وجود تألف وتواد وتعاطف بين الروح والجسد مما يشيع الراحة في النفوس ويملأ الصدور بالفرح والبهجة بعد أن حدث هذا التألف بين الضدين في التقاء الروح النورانية مع الجسد المعتم فيشع منهما نور الإيمان بوحدانية الله سبحانه وتعالي فيمتزج الضدان في وحدة واحدة تسمي النفس كي تسعد بحياتها مما ينعكس إيجابيا علي حياة الناس في الدنيا في سلسلة متصلة الحلقات.. وهذا المعني القرآني يتضح في الجزء الأول من الأية المتعلقة بشرح الصدر وهو يعتمد بالدرجة الأولي علي مادية ومعنوية النفس الإنسانية في توافر الأكسجين في الطبقات الدنيا من الأرض فيتنفس بسهولة ويسر وسعة في الصدر مع العلم أن الإرادة هنا تعني الدلالة علي الطريق الموصل للإيمان. أما الذي لا يدرك حقيقة خالقه بعد أن ضل الطريق بالرغم من وضوح الرؤيا أمامه والتي تتبدي في عظم خلق الله خاصة مع التقدم العلمي المبهر مع اتخاذ كل أدوات العلم في إدراك قيمة المعطيات من خلال قراءة المعاني الموجودة في الكون والتي تؤدي بداهة إلي الإيمان الراسخ بوحدة الخلق مع وحدة الخالق سبحانه وتعالي فإنه يدخل في حيرة وشك من أمره وأمر الحياة التي يعيشها ويحيا فصولها فيحدث نزاع بين روحه وجسده ويقع الخلاف بينهما والذي علي أثره يفقد الإنسان الوصل والوصال بين روحه وجسده فيضيق صدره ولا ينطلق لسانه خاصة إذا اتسعت الفجوة وزادة الجفوة بين الضدين الروح والجسد فتنقلب حياة الإنسان إلي معاناة ومشقة إلي درجة يتمني الخلاص بخروج روحه من جسده بعد أن تم الخصام وذهب الوفاق إلي غير رجعة وهذا يؤدي بالضرورة إلي صعوبة التنفس وعدم القدرة علي استمرار الحياة بدون راحة في صدره وكأنه يخرج من إطار الغلاف الجوي الملئ بالأكسجين اللازم للتنفس إلي مستوي آخر لا يجد فيه هواء فيشعر بالاضطراب وينتهي به الحال إلي ترك روحه لجسده ومعهما الوفاة وهذه معجزة علمية ودليل قطعي علي صدق الرسول في البلاغ عن الله من خلال ذكر هذه الحقيقة العالمية والتي تقول أن الإنسان كلما ارتفع إلي السماء قل الأكسجين إلي الحد الأدني الذي لا يستطيع الإنسان معه أن يصمد علي قلة الأكسجين وانعدامه وظهور الهيدروجين والهليوم وكلها حقائق لم يعرفها الإنسان إلا في نهايات القرن العشرين. رابط دائم :