قضي الإسلام علي الفوارق الطبقية بين النساء, كما قضي عليها بين الرجال, فتساوت الرؤوس والنفوس, فليس بين المرأة وأختها إلا الخير تسبق به إحداهما, أو الأعمال الصالحة تسارع بها إلي الله. فإذا استطالت المرأة علي أخواتها المسلمات بحسبها وشرفها ومالها, فذلك ما لا يقدمها إلي الله قدر أنملة ولا يغني عنها حبة خردل بين يديه سبحانه. إن الله شرع للمؤمنين سبل الإخاء, فجعلها شرعة لهم في التعامل فيما بينهم قال تعالي: إنما المؤمنون أخوة فلم يفرق الإسلام بين المسلمة وأختها إلا بالتقوي والعمل الصالح, فقال تعالي: إن أكرمكم عند الله أتقاكم, وحينما سرقت فاطمة بنت الأسود المخزومية وهي امرأة من ذوات الشرف والمال والحسب من قريش زلت مرة فسرقت, فوجب عليها الحد.. فأهم ذلك قريشا لأنها من ذوات الشرف والمال والحسب, ولو كانت معدومة فقيرة لا حسب لها ولا مال ولا شرف ما أهموا أنفسهم لأجلها, لكن النبي صلي الله عليه وسلم يعلمنا أن الإسلام لا يفرق بين النساء لا من حيث الشرف والمال والنسب, وإنما التقوي هي الميزان القائم لكل البشر, لذلك مثلت أمام النبي صلي الله عليه وسلم , لأنها واحدة من أفراد المجتمع المسلم, فأقاموا عليها الحد, ولم يترك النبي صلي الله عليه وسلم هذا الحدث يمر دون أن يضع ضوابط يبين فيها أن المسلمين أمام قانون السماء سواسية, فقال: يا أيها الناس إنما ضل من قبلكم إذا سرق الشريف تركوه وإذا سرق الضعيف أقاموا عليه الحد, وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها. وهذا ما حمل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب علي أن يزوج ابنه عاصما ابنة امرأة تبيع اللبن في الطرقات ولو شاء لزف إليه أعز منها, ولكنه آثر الخلق العظيم علي البيت الكريم, والمجد القديم, وقدم التقوي ومخافة الله في السراء والضراء, والعمل الصالح وطيب الحسب والنسب علي الرياء وسوء السمعة, فكان من نسلهما الخليفة الراشد عمر بن عبدالعزيز, وعليه فإنه لا فرق بين بيضاء ولا سوداء ولا بين قبيحة وجميلة ولا بين عربية وأعجمية إلا بالتقوي والعمل الصالح, فاعتبروا يا أولي الأبصار. رابط دائم :