صدق أو لا تصدق بلغت الاستهانة بمصلحة الطب الشرعي بأسيوط إلي درجة تسول أطبائها وسيلة مواصلات لأداء أعمالهم خاصة عند استدعائهم لتشريح الجثث في جرائم القتل التي تنتشر في المحافظة, وكانت شكاوي الأهالي قد تعددت بشأن تأخر وصول أطباء الطب الشرعي إلي مواقع الحوادث. وتوجه الأهرام المسائي للبحث عن مكان مصلحة الطب الشرعي بمجمع المحاكم الجديد لنقل شكاوي المواطنين لمسئوليها لحلها وكانت المفاجأة أننا لم نعثر عليه وبحثنا عن الموقع حتي توصلنا إلي أنه يقع بالطابق الأرضي بأحد العقارات المتهالكة بمنطقةحي السادات العشوائية وحينها فوجئنا بوضع مأساوي للغاية وبيئة غير صالحة للعمل تماما حيث يتكدس الأطباء والموظفون داخل ذلك المكان الردئ وبدلا من أن نشتكي إليهم استمعنا إلي شكواهم رغم تحظفهم علي عدم ذكر أسمائهم. كانت أبرز الشكاوي لهؤلاء الأطباء هي أنه وقعت حادثة لسيارة الطب الشرعي منذ عدة أشهر علي طريق الوادي الجديد وعندما تم مطالبة وزارة العدل بإعادة إصلاح السيارة أو شراء أخري لكن تجاهل مطلبهم. والأغرب أن صاحب العقار لم يجدد لهم التعاقد وباتوا مهددين بالطرد في الشارع, بينما مبني المعمل الكيميائي التابع للمصلحة الذي يعد أهم أدوات التحقيق مهدد بالانهيار خاصة بعد أن صدر قرار إزالة للمبني الذي يقع به بشارع رياض بأسيوط. وعندما استفسرنا عن سبب تأخرهم في الوصول إلي مواقع الجريمة عقب حدوثها خاصة بالقري ذات العصبيات التي ربما يتطور بها الوضع إلي الأسوأ, أكد الأطباء أن محافظة الوادي الجديد تتبعهم إداريا ويذهبون إليها لمعاينة الجرائم وأثناء عودتهم تعرضوا لحادث مأساوي تهشمت علي أثره السيارة التي تقلهم لموقع المعاينة, وطالبوا وزارة العدل بسيارة أخري لكنهم لم يستجيبوا رغم أنهم مطالبون في أحيان كثيرة بمعاينة3 جرائم قتل بمراكز متباعدة للغاية, مما يضطرهم ركوب سيارات الأهالي والاستعانة بسيارات الشرطة التي تعاونت لفترة ثم تجاهلتهم فيما بعد. وتقدموا بطلب لمحافظ أسيوط الذي أكد لهم عدم تبعيتهم للمحافظة وعدم قدرته علي تخصيص سيارة لهم لتستمر معاناتهم وتسولهم لوسيلة مواصلات. وأوضحوا أنهم رغم تهديدهم بالطرد من المكان المتهالك الحالي ووجود أماكن شاغرة في مجمع المحاكم الجديد والمحكمة القديمة, وكذلك بمحكمة الاستئناف بشارع الجمهورية لكن الوزارة لم تحرك ساكنا. بينما يشغل مجلس الدولة11 دورا بينما يكفيه3 أدوار. وأكدوا أنهم يعملون بأجهزة بدائية لا تتناسب مع حجم الجريمة وتطورها فجهاز الأشعة يعمل منذ أكثر من15 سنة, كما أن تحليل العينات للتلف وبالتالي يمثل كارثة كبيرة يتم في المعمل الرئيسي في القاهرة من خلال سيارة الترحيلات غير المجهزة التي تأتي مرة في الشهر, مما يعرض العينات بضياع الأدلة الجنائية. وفجر الأطباء الميدانيون مفاجأة بأن70% من قوة الطب الشرعي تعمل الآن في دول الخليج ولو استمر الحال هكذا فقد نفاجأ بيوم بتوقف الطب الشرعي عن العمل. وطالب الأطباء الشرعيون بإنشاء مشرحة مركزية مثل مشرحة زينهم لتستقبل جميع الحالات لتوفير الوقت والجهد والانتظار علي الأهالي خاصة في جرائم القتل التي يطالب خلالها الأهالي بسرعة دفن جثة المجني عليه. ذهبنا إلي الطب الشرعي الكيماوي والتزييف والتزوير حيث يستأجران طابقا في مبني متهالك تماما في شارع جانبي متفرع من شارع رياض ويعد المعمل الكيماوي الوحيد علي مستوي الصعيد والذي يخدم8 محافظات هي: المنيا, وأسيوط, وسوهاج, وقنا, والأقصر, وأسوان, والوادي الجديد, والبحر الأحمر, حيث تصب فيه كل العينات لفحصها والذي زاد الضغط عليه خصوصا مع زيادة معدل الجريمة في الأونة الأخيرة وقد توقف أكثر من مرة مما يهدد بحدوث كارثة.وبمجرد دخولنا المكان غير الأدمي وجدنا تقريرا من مديرية الإسكان موجها لمدير الإدارة العامة للمعامل الكيميائية بأسيوط التابعة للطب الشرعي يفيد بأن المبني آيل للسقوط ويجب إخلاؤه حيث كشف التقرير الذي يحمل رقم2082 لعام2013 عن كارثة محتمة لانهيار المبني الذي يحمل المعامل الكيميائية الخاصة بالطب الشرعي للصعيد. وأكد التقرير أنه عرض الموضوع علي مكتب الاستشارات الهندسية بكلية الهندسة جامعة أسيوط لما لديه من معدات وأجهزة حديثة لمعرفة نسبة المسموح به من هبوط السقف التي تشكل خطورة علي المبني ككل وكذلك معرفة مدي تحلل الخرسانة المسلحة بالسقف نتيجة الرشح وتأثيره علي حديد التسليح. وأوصت اللجنة بضرورة إخلاء المكان من أي منقولات أو أثاث وعدم الحركة أعلاه لحين عرض الموضوع علي المكاتب الاستشارية الهندسية بجامعة أسيوط. وأكد الأطباء أنهم عندما ألحوا في مخاطبة المسئولين بوزارة العدل قامت بدورها بالطلب من وزارة الصحة بتوفير مكان مؤقت رغم وجود أماكن بمجمع المحاكم الجديد, ولبت الصحة النداء بتوفير مكان أقل ما يقال عنه إنه عشوائي وليس به أي وسائل أمان وموجود بقرية منقباد وعندما تم الذهاب لمعاينته وجدناه أشبه ما يكون بالزريبة ويخلو من وسائل الأمان, فكيف سيتم تجميع العينات به خصوصا أن المعمل يقوم بتحليل وفحص كل أنواع السموم الموجودة في جسم الإنسان وكذلك المخدرات بأنواعها علاوة علي تهالكه. وأضاف الأطباء أنه لم يتم حتي الآن توفير مكان واحد لكل أقسام الطب الشرعي لذا تعذر عمل شبكة الاتصال المغلقة التي يجب انشاؤها في أقرب فرصة لتسهيل تداول التقارير بين أقسام الطب الشرعي, خصوصا أن أجهزة الكمبيوتر موجودة منذ سنة ونصف السنة وهو ما يعرضها للتلف ويسهم في إهدار المال العام. رابط دائم :