خرجت علينا الصحف وطالعنا في نشرات الأخبار الأيام الماضية خبرا مفاده أن جوردون براون رئيس الوزراء البريطاني قد ارتكب خطأ فادحا في الحملة الانتخابية البريطانية عندما وصف ناخبة تحدته بشأن الاقتصاد والهجرة بأنها امرأة متعصبة بينما كان يستقل سيارته بعد مناظرة تليفزيونية نقلتها قناة سكاي نيوز التليفزيونية عبر ميكروفون القناة الذي كان ما زال معلقا علي قميصه دون ان يدري. سمع المشاهدون براون وهو يقول: كانت كارثة, كان لا بد ألا يجعلوني أواجه تلك المرأة, ما هي تلك الأفكار؟ إنها مجرد سخافة'. وأجاب براون عندما سأله أحد مساعديه عما قالته المرأة التي تدعي جيليان دوفي: الشيء الأهم أنها مجرد امرأة متزمتة. كانت جيليان قد تحدت براون بشأن العجز الحكومي الضخم وأعربت عن رأيها بأن الكثيرين جدا من العمال الأجانب في بريطانيا يأخذون الوظائف من أيدي البريطانيين. وعقب الحادث الذي وقع في بلدة روشدال بالقرب من مانشستر بشمال بريطانيا, استغل براون الذي بدت عليه بوضوح علامات الأسي مقابلة إذاعية للاعتذار لجيليان وقال براون: اعتذر إذا كنت قد قلت أي شي مؤلم', ومن جانبها, ذكرت جيليان أنها انزعجت كثيرا لدي سماع ما قاله عنها براون وقالت:' إنه شخص متعلم, لماذا تفوه بكلمات من هذا القبيل؟ من المفترض أن يقود هذا البلد', وقال معلقون إن هذا الخطأ ألحق أضرارا بشكل واسع لبراون الذي تعرض لانتقادات بسبب عدم المجازفة بلقاء الناخبين العاديين في الحملة الانتخابية. هذا يقودنا إلي ما أشرنا إليه من قبل حول الإعداد السياسي لكوادر الأحزاب ونواب البرلمان, وأسلوب التعامل مع الجماهير ووسائل الإعلام, لكن ما يضاف من هذه الواقعة هو رد الفعل المباشر والسريع لرئيس الوزراء البريطاني الذي أدرك بسرعة حجم الخطأ الذي وقع فيه, فلم يكابر, ولم يحاول أن يبحث عن مبررات, أو أن يتهم من استمع إلي ما بدر منه أنه لم يفهم ما قاله جيدا, أو أنه معصوم من الخطأ ككثير من السياسيين, لم يفعل هذا, بل بادر بالاعتراف, وطلب الغفران من مواطنة عبرت عن رأيها بحرية فأخطأ في حقها. أخطأ السياسي براون خطأ كبيرا, لكنه تعامل معه أيضا بأسلوب يحترم المواطن, وهو أسلوب يؤكد أنه في مكانه بسبب تأييد هؤلاء المواطنين له, ويفقد مكانه إذا غاب تأييدهم له, والمهم أيضا أن الحكومة عندما تتجاوز في حق المواطنين, ورئيس الحكومة عندما يتجاوز بحق للمواطن أي مواطن فإن الحكومة ورئيسها ينبغي أن يعتذرا عن الخطأ وللمواطن أن يقبل الاعتذار أو لا يقبله. [email protected]