أنا لا أفهم أحيانا كيف يفكر حكام قطاع غزة الحاليون, ولدي نظرية ساذجة, وهي أنهم ربما أصبحوا يصدقون أنفسهم, أو أنهم من فرط مشاهدة بعض القنوات الفضائية التي تتبني وجهات نظرهم, أو تروج لها, أصبحوا يعتقدون أن الناس يشاهدون مايشاهدونه, ويفكرون مثلهم, والأخبار السيئة بالنسبة لهؤلاء هي أن أغلبية الشعب المصري علي الأقل, لم يعودوا يشاهدوا تلك القنوات, وهناك مؤشرات رقمية بهذا الشأن, وبالتالي فإنه عندما يخرج أبو زهري بمشهده المعتاد ليكيل الاتهامات لمصر, فإن عليه أن يدرك الآن, أن أحدا لم يعد يسمعه, وان أغلبية من يسمعونه, ليسوا من الموالي, وأن العصر الذهبي له قد انتهي, وأن عليه أن يبحث عن حجج أكثر منطقية. إنني لن أخوض في وقائع ماجري في النفق الذي تهدم علي رأس من كانوا يحفرونه أو يعبرونه, وقتل داخله أربعة أفراد تقريبا من الأشقاء الذين قرروا دخول مصر من النفق, وما إذا كان ذلك قد تم بفعل أخطاء الحفر, أو تفجير القنابل, لكنني سأكرر بأسف شديد ماقاله بعض الأخوة في حركة حماس, وهو أن مصر قد استخدمت غازات سامة ضد حفاري النفق, وأنهم يحملون مصر مسئولية ماجري, لكن النكتة الحقيقية هي أن يقال أن مصر قد استخدمت غازات محرمة دوليا, والآن تتم دعوة جماعات حقوق الإنسان للتحقيق في الحادث, وهي كلها أمور تشير إلي أن الأخوة هناك قد دخلوا في حالة استثنائية من الانفصال عن الواقع. إن الفكرة الأصلية هي تحميل المسئولية, ولا أعرف من الذي يتحمل بالضبط مسئولية ماجري, فهناك أشخاص قد قرروا حفر نفق, ثم دخول مكان الحفر, وممارسة نشاط لايعلم عنه أحد شيئا, ويتراوح بين تهريب السجائر وتهريب الأسلحة, لأغراض تتعلق بالأموال أو بالإيذاء, وعندما يتعرض هؤلاء لمشكلة, يقال أن مصر هي المسئولة, وكأنه كان علي مصر أن تقوم بتدعيم النفق حتي لاينهار, أو حماية من يعبرونه, مع إقامة نقطة جوازات أو جمارك في رفح لسلع وأسلحة الأنفاق, حتي لايتهمها أحد بأنها لم تتعاون مع مهربين أو متسللين, وقامت بإطلاق غازات سامة ضدهم, والأهم أن مصر تفعل ذلك, لأن إسرائيل قالت لها أن تفعل ذلك, وهنا يحتاج الأمر إلي' إصدار صوت', وليس كتابة رد. إن الأخ سامي أبو زهري قد جاء متأخرا إلي عالم الإعلام, ولايعلم الكثير فيما يبدو عن تاريخ مصر, ففي فترة ما في الستينيات أصبح لدينا محترفون في الدعاية, وقمنا بكل شيء لايستطيع هو نفسه تصوره, بما فيها تصوير أننا علي أبواب تل أبيب بينما كانت قواتنا في الإسماعيلية, والمسألة ليست هي أننا تعلمنا الدرس, ولم نكرره أبدا, حتي أننا أصبحنا متحفظين في الحديث عن الانتصارات عندما حدثت, لكن المسألة هي أننا نعرف من يفعل ذلك, والنصيحة المخلصة له هو أن يحاول الحديث عن المعابر وليس الأنفاق, فلو تم السماح لحرس الرئاسة, وهيئة المعابر, والمراقبين الأوروبيين, بالوجود, لن يحتاج أبو زهري إلي الحديث عن الغازات السامة, وسيتحدث عن وثائق السفر. [email protected]