لماذا روسيا التي يجري في شريانها دماء حرية اختيار رأس الدولة و رئيس الوزراء حتي الكرملين, تقف حجرعثرة في طريق حلم الشعب السوري بناء دولة مدنية ديمقراطية, ينتخب فيها المواطن حاكمه عبر صناديق شفافة؟!.. هكذا سألني أحد الأصدقاء. هو سؤال مشروع, يفرض نفسه علي ساحة الضمير, ويطرق بقوة علي باب المبادئ الإنسانية ليستيقظ الرأي العام العالمي من سباته العميق!.. كم منا توقف برهة وسأل نفسه هذا السؤال...!! لماذا صنعت روسيا من قوتها جدارا يمنع طائر الثوار والشعب السوري من العبور إلي أرض الأحلام لغرس بذور الحرية والديمقراطية لتنمو شجرة من فصيلة بستان الربيع العربي؟! كيف ارتضت روسيا لنفسها أن تقف في خندق النظام الفاسد المستبد, وتقوم بإمداد بشار الأسد وجيشة بالسلاح والعتاد والمعلومات, وتدافع عنه باستماتة في المحافل الدولية, وتستخدم حق الفيتو ثلاث مرات لإجهاض أي قرار يدين الأسد في مجلس الأمن, حتي عرقلة مساعي نقل الملف إلي محكمة الجنايات الدولية كجرائم ضد الإنسانية, وكأنها لا تتراقص إلا علي أشلاء الضحايا وتشريد الملايين من السوريين, وخراب ودمار مقدراته وانهيار البنية التحتية, وتدهور النظام الإقتصادي والمعيشي للشعب. علي أي شيء تراهن روسيا في دعمها اللامحدود لنظام الأسد؟!.. ألا يكفيها رهانها علي الجياد الخاسرة في أنظمة هوت عروشها كما حدث في ليبيا واليمن, وقبل هذا وذاك تظل تحمل علي كتفيها وزر توريط مصر في حرب1967, حيث خدعت الرئيس عبدالناصر وأقنعته بالدخول في حرب مع إسرائيل فقدت مصر علي أثرها سيناء وبعض المدن العربية كالقدس والجولان والضفة الغربية. ما سر نسيان أو محاولة تناسي روسيا وحلفائها ما فعله نظام بشار الاسد ومن قبله آباه مع الفلسطينيين لبنان, ومازالت مجزرة حماة التي راح ضحيتها قرابة الأربعين ألف مواطن في الثمانينيات من القرن المنصرم, وكذا مهاجمة نظام الأب للرئيس عرفات في الأممالمتحدة سنة1974 م, والتدخل في الشأن اللبناني في محاولة لسلب قراره السياسي, والتورط في موجة من الاغتيالات ضد عدد من القيادات السياسية مثل بشير الجميل ورنية معوض وكمال جنبلاط وسمير قصير وغسان تويني ورئيس وزراء لبناني رفيق الحريري وآخرها وسام الحسن, أضف إلي ذلك تورط نظام الأسد في دفع حسن نصر الله للقيام بمغامرة في الجنوب اللبناني ضد إسرائيل خلال حرب تموز2006 م حيث نفذ عملية إختطاف الجندي الإسرائيلي, وما خلفته هذه العملية من دمار هائل أضر بالإقتصاد اللبناني الذي خسر آنذاك أكثر من7 مليار دولار. إلي متي تظل روسيا ترتدي قناع الديمقراطية وفي الوقت ذاته تضع يدها في يد نظام الأسد الملوثة يديه في مؤامرة إسقاط حكومة سعد الحريري المنتخبة شرعيا في عام2009 م, بعد أن تنصل من اتفاقية الدوحة التي تعهد فيها بعدم تعطيلها وعدم الضلوع في الاغتيالات التي اعتاد عليها, ليعيد إلي الأذهان ذكري المتفجرات التي أرسلها بشار مع الوزير اللبناني, والمعروفة بقضية مملوك سماحة الذي كان منوطا به تفجير الأماكن السنية والمسيحية لزرع فتيل فتنة في لبنان, ضمن قائمة تهديدات اسهدفت قوي14 آذار ومفتي طرابلس, الذي اضطر للهروب إلي باريس, كما تورط في تعطيل إتفاقية( س س) بين سوريا والسعودية, التي كانت تعد فيما يشبه طائف أخري لنقل لبنان إلي مرحلة ديمقراطية جديدة, وهو الذي أرسل القاعدة إلي العراق لتنفيذ سلسلة من التفجيرات, وقد أعترف المالكي رئيس وزراء العراق وهو الحليف الإستراتيجي لإيران بذلك صراحة بأن الأسد ونظامه هو الذي أرسل السيارات المفخخة لقتل الشعب العراقي. الأسئلة الكثيرة الحائرة في أمر روسيا, جعل مقارنتها مع كل الولاياتالمتحدةالأمريكية يفرض نفسه.. فرغم مساوئ الإدارة الأمريكية علي المستوي الدولي, واهتمامها بالحفاظ علي مصالحها الدولية, حتي أنه لايمكن تبرئتها من كثير من المآسي الإنسانية, ووجودها كضلع فاعل وشريك أساسي في كثير من الحروب في العالم, إلا أنه علي الجانب الآخر لها بصمات إيجابية في دعم الديمقراطيات بالعالم, ولتفعيل ذلك قامت بتخصيص ملايين الدولارات لدعم المراكز والمجتمعات للتحول الديمقراطي, كما قامت بعد أحداث11 سبتمبر بالضغط علي الحكومات العربية من أجل الإصلاح ومنح المرأة حقوقها ودمج الأحزاب والتيارات الإسلامية في اللعبة الديمقراطية ورعايتها لكثير من الاتفاقيات العربية الإسرائيلة ودخولها كضامن في اتفاقية أسلو ووادي عربة وكامب ديفيد, وهي لاتخفي علاقتها القوية بإسرائيل. ولاشك أنه يصعب بالتأكيد نسيان مواقف أمريكا في إعطاء الظهر لحكام ثورات الربيع العربي, والوقوف بجانب الشعوب في تقرير مصيرها, وهذا ما حدث في ثورة مصر, تونس,اليمن وليبيا, بل وكانت سندا حقيقيا لنقل السلطة إلي حكومات مدنية منتخبة من الشعب, كما كانت من قبل بجانب الشعب اللبناني من أجل طرد القوات السورية التي ظلت ثلاثة عقود مهيمنة علي لبنان, ساندت ثورة الآرزعام2005 م في لبنان بالتعاون مع الفرنسيين والسعودية, وكان لها دورا في إقرار المحاكمة الدولية لمحاكمة قتلة رفيق الحريري. رابط دائم :