ما بين الرفض التام والقبول بشروط.. تباينت آراء خبراء الأمن والقانون حول جدوي مشروع القانون الذي تعده وزارة العدل والخاص بتسليح الأفراد العاملين في شركات الأمن من أجل تخفيف العبء عن كاهل وزارة الداخلية في حماية الأشخاص والمنشآت الحيوية بالدولة خاصة في ظل ما تشهده البلاد من حالة فراغ أمني وتفشي ظاهرة العنف والبلطجة. في البداية يقول اللواء عبد الهادي بدوي مساعد وزير الداخلية الأسبق لمباحث أمن الدولة إن تعديل المواد الخاصة بقانون شركات الأمن ومنحها بعض السلطات الإضافية مثل الضبطية القضائية أو أحقية استخدام السلاح بموجب القانون لغرض التأمين, يعد إجراء مخالفا لأبسط قواعد السلم المجتمعي. وأضاف: مشاركة أفراد الأمن في العملية التأمينية إلي جانب وزراة الداخلية في مثل هذا التوقيت يمثل خطورة بالغة, نظرا للمناخ الملتهب والانقسام الواضح بين المواطنين لأتفه الأسباب, فضلا عن افتقاد أفراد الأمن للخبرات الكافية التي تؤهلهم للعمل في هذا المجال وفي هذا التوقيت الحرج. وأوضح اللواء بدوي أن مهمة التأمين ليست بهذا القدر من السهولة واليسر, بل إنها تقوم علي أسس ومعايير معينة وتتطلب خبرة تراكمية تكتسب علي مدار سنين, لذلك ليس كل ضباط الشرطة يحترفون هذه المهنة بشكل عام وفي هذا التوقيت بصفة خاصة. وأكد أن تفعيل هذا القانون سيفتح الباب علي مصراعيه لمزيد من الفوضي ونشر السلاح حتي ولو تضمن كل معايير السلامة, كما أنه سيقحم مصر في دائرة الحرب الأهلية التي لن تخرج منها أبدا, لافتا إلي أن مهمة التأمين مقصورة علي وزارة الداخلية والبحث عن بديل لها نوع من الهزل, وسيزيد من حدة الأزمة. وأشار اللواء مجدي بسيوني مساعد وزير الداخلية السابق والخبير الأمني إلي أن مع انتشار المنشآت الحيوية بالدولة مثل البنوك والمصارف ومحلات الصاغة والمولات التجارية, واستحالة خضوعها للتأمين الشرطي في الوقت الحالي, وأشار إلي أننا في أمس الحاجة في أن تباشر شركات الحراسة دورها الفعلي في عملية التأمين من خلال تقنين تسليحها. وأضاف: ولكن يجب أن تقترن هذه المهمة ببعض الشروط الأساسية التي يجب أن يتضمنها القانون لتلافي إساءة استخدامه, والمتمثلة في توافر كافة مقومات اللياقة البدنية والرياضية في فرد الأمن التي تؤهله لحمل السلاح والتعامل معه, مع توفير مدة كافية للتدريب اللازم له قبل بدء عمله تحت إشراف وزارة الداخلية. وواصل بسيوني: لايجوز منح تراخيص السلاح بأسماء الأشخاص, ولكن يجب أن تسلم للشركة علي أن تتولي مهام تسليمه لأفراد الأمن بالتناوب بحسب نوبات عملهم, بالإضافة إلي ضرورة النص علي اقتصار وجود السلاح في مقر المنشآة فقط, للقضاء علي التخوفات بشأن نشر الأسلحة. وفي السياق ذاته رفض دكتور عاطف سالم أستاذ قانون دستوري بجامعة عين شمس هذا القانون, لأنه من شأنه إثارة الرعب والفزع في قلوب المواطنين, كما أنه يسمح بتوسيع دائرة استخدام السلاح في غير الأغراض المخصصة لها تحت مظلة القانون, كما أنها يمكن أن تتسبب في تحويل مهام شركات الحراسة إلي المتاجرة بالسلاح فيما بعد. وعلي صعيد تلافي الآثار السلبية التي قد تنجم عن هذا القانون, لفت إلي النظر إلي تفعيل دور وزارة الداخلية, من حيث ضخ عدد كبير من ضباط الشرطة, من خلال الاستفادة من خريجي كلية الحقوق ومنحهم دورات تدريبية تؤهلهم للعمل الشرطي, وذلك لمواجهة قلة عدد ضباط الشرطة المقدر عددهم ب1000 خريج سنويا فقط. وأشار إلي أنه في حالة الحاجة الماسة إلي تفعيل هذا القانون من أجل ضمان تأمين المنشآت الحيوية بالدولة, فمن الممكن تكليف القوات المسلحة بهذه المهمة, من خلال تأسيس شركات للحراسة تابعة للجيش المصري, علي أن يتم تدريب وتوظيف الضباط المتقاعدين بها, لحل مشكلة البطالة من جانب والاستفاده منهم في مهام التأمين من جهة أخري تحت إشراف القوات المسلحة. رابط دائم :