الشوكاني إحدي العلامات البارزة في تفسير القرآن الكريم وقد كرس حياته في سبيل الدفاع عن الدين وكان متميزا في علوم كثيرة, في مقدمتها التفسير وعلوم السنة والفقه وأوصوله, وفروعه ويعد أبرز علماء أهل السنة والجماعة وفقهائها, ومن كبار علماء اليمن, وهو مؤرخ عظيم, وكان له موهبة في الشعر وكان والده قاضي صنعاء, ومن العلماء البارزين فيها, فيه طيبة وصلاح تجعل من يعرفه حق المعرفة يتيقن أنه من أولياء الله, ولعل هذا كان له أثره في حياة ابنه بعد ذلك. هو محمد بن علي بن محمد الشوكاني, ولد في الثامن والعشرين من شهر ذي القعدة سنة1173 هجرية في بلده هجرة شوكان وهي بلدة صغيرة تقترب من صنعاء, باليمن حفظ القرآن في سن صغيرة وتلقي العلم علي ايدي شيوخها ثم اشتغل بالقضاء والإفتاء ولقب بمفتي الأمة, بحر العلوم, وشمس الفهوم, سند المجتهدين الحفاظ, فارس المعاني والألفاظ, فريد العصر, نادرة الدهر, شيخ الإسلام, علامة الزمان, ترجمان الحديث والقرآن, علم الزهاد, أوحد العباد, قامع المبتدعين, تتلمذ الشوكاني علي يد نخبة عظيمة من الشيوخ والعلماء ابرزهم العلامة الحسن بن إسماعيل المغربي, والإمام الحافظ عبدالقادر بن أحمد الكوكباني, ومحمد علي بن إبراهيم بن علي بن إبراهيم بن أحمد بن عامر الشهيد, وهادي بن حسين القارني علمه القراءات والعربية, ثم أخذ عنه شرح المنتقي وغيره, وأحمد بن محمد الحرازي الذي لازمه الشيخ الشوكاني ثلاث عشرة سنة وبه انتفع في الفقه وكان في أثناء دراسته يلقي ما يأخذه عن مشايخه إلي تلاميذه الذين اجتمعوا عليه, وهو لا يزال في دور الطلب الأول, ولذلك كانت دروسه تبلغ في اليوم والليلة ثلاثة عشر درسا, منها ما يأخذه عن أساتذته, ومنها ما يلقيه علي تلاميذة, وتفرغ لإفادة طلاب العلم, فكانوا يأخذون عنه في كل يوم ما يزيد علي عشرة دروس كما قال: في فنون متعددة كالتفسير والحديث والأصول والمعاني والبيان, والمنطق وتقدم للإفتاء وهو في نحو العشرين من عمره, وكانت ترد عليه الفتاوي من خارج صنعاء وكاد الإفتاء يدور عليه وحده, وهو في هذه السن. من أشهر تلاميذه ابنه أحمد بن محمد بن علي الشوكاني وانتفع بعلم والده وبمؤلفاته, حتي حاز من العلوم السهم الوافر, وانتفع به عدة من الأكابر, ومحمد بن أحمد السودي الذي لازمه منذ بداية طلبه للعلم.. وقد مدحه الشوكاني بقوله: أعز المعالي أنت للدهر زينة. وأنت علي رغم الحواسد ماجده. وتمثلت خلفية الشوكاني المعرفية التي جعلته ينفتح علي مختلف العلوم فيدرسها ويدرسها ويؤلف فيها, في نظرته إلي العلوم نظرة شمولية تتسع لكل أنواع المعرفة ولهذه الأسباب نجده يحث علي تعلم العلوم العقلية والفلسفية, التي منها العلم الرياضي, والطبيعي, والإلهي, والهندسي, والهيئة( علم الفلك) والطب كما أكد نظرته الشاملة لسائر العلوم فقال: وبالجملة فالعلم بكل فن خير من الجهل به بكثير, ولا سيما من رشح نفسه للطبقة العليا والمنزلة الرفيعة. وللشوكاني العديد من المؤلفات منها فتح القدير في التفسير, والبدر الطالع بمحاسن من بعد القرن التاسع, ونيل الأوطار في الحديث, وإرشاد الفحول إلي تحقيق الحق من علم الاصول وقد توفي الإمام الشوكاني رحمه الله ليلة الأربعاء, من شهر جمادي الآخرة, سنة(1250 ه/1834 م), عن ست وسبعين سنة وسبعة أشهر, وصلي عليه في الجامع الكبير بصنعاء, ودفن بمقبرة خزيمة المشهورة بصنعاء. رابط دائم :