احتل قداسة البابا شنودة مكانة خاصة في قلوب المصريين باختلاف دياناتهم بسبب مواقفه المتجاوزة لأي ملاحظة أو التباس بشكل عام و في الشأن الوطني بشكل خاص البابا شنودة يزن كلماته بميزان الذهب و يحرص علي إعلاء كفة الشأن الوطني المصري في مواجهة أي مقابل آخر, وهو لا يخشي في سبيل ذلك أي انتقادات أو تلميحات حتي ولو كانت ذات صلة بالشأن الديني. أمس نشرت بعض وسائل الاعلام تصريحات للبابا تبدو مكررة ومعادة تتعلق بالموقف من زيارة الاخوة الأقباط الي القدس, لكن الجديد فيها و الأهم الحرص الذي أبداه للربط بين شأن ديني محض وبين موقف لكل المصريين. انحاز قداسة البابا الي موقف مصري شامل من زيارة القدس قائلا' من الأفضل الانتظار لحين ذهاب أبناء مصر أقباطا ومسلمين, والا سوف يشعر الفلسطينيون بأن هناك نوعا من التطبيع في العلاقات مع اليهود'. انتهي الاقتباس. عظة البابا تخشي من أي توقع أو تحليل ربما يذهب الي تباين المصريين في التعامل مع الأراضي العربية المحتلة, بل يخشي أن يؤدي الأمر الي أحاديث أو تصريحات عن انقسام المصريين علي خلفيات دينية. وعظمة موقف البابا تحددت في حرصه الشديد علي التنازل عما هو ديني مقابل الحرص علي ما هو وطني, وبمعني آخر انه يضع الوطن قبل كل شيء, ليس بالتصريح فقط و انما بالمواقف العملية الواضحة. دروس و عبر التفاف المصريين حول وطنهم كثيرة و متعددة, لكنها تصبح أكثر الحاحا و احتياجا في لحظات تاريخية تطل رأس الفتنة فيها, أو تبدأ روح الانقسام تتسرب بين أبنائها, وهنا تبدو أهمية مواقف المرجعيات الدينية. لم يقف البابا مصافحا شيخ الأزهر أمام الكاميرات, ولم ينهض قسيس لاحتضان شيخ أمام الصحفيين, لكن الدعوة للحفاظ علي الوطن ومصالحه العليا ووحدة شعبه جاءت من عظة دينية, بعيدا عن الاعلام والكاميرات و تصفيق المتابعين. تحية لقداسة البابا شنودة, ليقتدي به الجميع. [email protected]