لو بحثنا في حياة كل العظماء سواء في مصر أو في العالم سنجد أن أثر التعليم في طفولتهم كان له الجانب الأكبر في تشكيل نبوغهم فيما بعد.. وهذا واضح في الموسيقيين العالميين مثلا فمعظمهم. ان لم يكن كلهم قد بدأوا العزف في سن الطفولة كهواية واستمروا حتي وصلوا به وأوصلهم إلي تلك المكانة العالية.. والهواية تظهر لدي الانسان منذ مراحله الأولي.. وإما أن ننميها أو نقهرها بالاهمال.. وقد كنا ونحن صغار في المدرسة الابتدائية نمارس هواياتنا المختلفة في حصة الهوايات إذ كانت للهوايات حصة مستقلة كباقي الحصص. حصة حرة نتجمع فيها نحن التلاميذ حيث ينهمك كل منا فيما يحب.. فيما يميل إليه.. سواء الرسم أو النحت أو الموسيقي أو النجارة أو فك وتركيب الآلات.. إلخ.. لقد كانت كل الحرف والفنون متاحة أمامنا وكنا نقبل عليها برغبة وشغف وحب اذ كانت تقودنا اليها ميولنا الحرة.. بينما يكتفي المشرف فقط بالتوجيه. كنا نمارس الهواية والحرية معا.. لايملي علينا أحد شيئا ولايتدخل بالأمر أو النهي فيما نقوم به. نعم.. كنا نمارس الهواية والحرية معا.. نعد أنفسنا للمستقبل وليس كما يحدث الآن حيث يقوم المدرسون والكتب بتلقين التلاميذ وحشو رؤوسهم بما قد لايحتاجون إليه مستقبلا بل وبما يكرهونه ويكرهون عليه. ** * ألغيت حصص الهوايات من المدارس.. كما ألغي الحوش الذي كان يفرغ فيه التلاميذ طاقتهم وتنمو فيه أجسامهم عن طريق اللهو الحر في الهواء الطلق.. ولأن طاقات التلاميذ لم تعد تفرغ في اللعب فقد تحولت إلي طاقات عدوانية مكبوتة.. تجسدت في شكل مطاو و سيوف أحيانا.. واعتداءات علي بعضهم بل وعلي المدرسين أنفسهم. ** هل أصبحت عملية التعليم عملية مكروهة لدي الطلبة؟ هل أصبحوا يحسونها كشيء بغيض مفروض عليهم؟ هل أصبحوا يحسون أنها نوع من الضغط لايوصلهم في النهاية لشيء أمام طوابير البطالة التي سبقتهم؟ هل نحن في حاجة إلي أساتذة تربية وعلم نفس ليقوموا العملية التعليمية قبل حاجتنا إلي مدرسين متخصصين في مواد التدريس؟ هل فات الاوان بعد أن تدخلت طيور الظلام في كل شيء وطالت أيديها أطفالنا في المدارس؟ أم أن التعليم السليم أصبح فقط في المدارس الخاصة الجديدة دون مدارس الحكومة؟! انها معركة اذن ومعركة شريفة.. من أجل مستقبلنا ومستقبل أبنائنا.. معركة تقوم علي العلم لا الجهل.. وعلي حب الحياة لا مجرد عبورها. وعلي ضمير الدولة.. والمدرسين.. أولا وأخيرا لا علي العشوائية.. والدروس الخصوصية! [email protected]