الأحداث العديدة التي تحدث كل يوم بل كل لحظة وأخري من تجاوزات في حق الطريق العام والتعدي علي حرمته وجرائم عديدة ترتكب في الشارع في وضح النهار من تحرش جنسي للفتيات ومشاجرات وسرقة وأعمال بلطجة يراها الجميع ولكنهم يغمضون أعينهم ولا يرونها ويصمون أذانهم وكأن في أذانهم وقرا في ظاهرة سلبية غريبة علي مجتمعنا الذي تميز بالشهامة والنخوة وجدعنة ابن البلد, ويرجع البعض السبب في ذلك استمرار الانفلات الامني وانتشار البلطجية والسلاح علي مختلف ألوانه وأشكاله وتغليب الفردية علي المصلحة العامة, ومن أجل التعرف علي مزيد من الأسباب التي جعلت السلبية مرضا أصاب الشارع أجرينا هذا التحقيق والذي نكشف فيه عن أسباب أخري خفية تقف وراء تفشي هذه الظاهرة الجديدة في مجتمعنا الشرقي. يقول عمرو حامد عضو اتحاد شباب الثورة إن الشهامة والنخوة المصرية لم تغب يوما عن الشباب المصري, وأصبحت الايجابية أكثر بعد الثورة, وزاد التفاعل مع مشكلات المجتمع والاستجابة لاي حدث, مشيرا إلي إن الدليل علي ذلك الحملات التي ظهرت ضد التحرش الجنسي ونظمها الشباب للتصدي لهذه الظاهرة في غياب قوات الأمن من الشارع المصري. وأضاف إن الشباب تدخل بصفة مستمرة في أحداث عديدة وأزمات كثيرة لأشخاص لا يعرفونهم مثل المطالبة بالإفراج عن المعتقلين والمطالبة بحق شهداء مذبحة بورسعيد التي جرت في الأول من فبراير من العام الماضي في لقاء كرة القدم بين ناديي المصري والاهلي في الدوري العام, فضلا عن الدفاع عن اي مظلوم لا نعرفه, موضحا إن النخوة غير موجودة في معظم دول العالم حتي في الدول العربية الشقيقة ولكنها من الأشياء المهمة التي يتميز بها المصريون عن باقي الدول الأخري. وأشار إلي إن هناك مشكلات عديدة تحدث في الشارع بصفة يومية ويرفض الشباب التدخل فيها لفض الاشتباك لشعورهم بأنها مشكلات مفتعلة يقوم بها البلطجية مع بعضهم البعض, ولكن يتم التدخل عندما نري شخصا محترما يحاول المتسولون والبلطجية التحرش به. ويؤكد جمال نور الدين40 سنة حاصل علي دبلوم زراعة إن الشهامة المصرية تظهر في وقت الشدة والحاجة وما يحدث في الشارع من فوضي وانتهاكات لحرمة الطريق يقوم بها البلطجية مستغلين عدم استرداد الأمن لعافيته ويقومون بالتجاوزات في حق المواطنين لعدم وجود رادع لهذه الفئة التي شوهت صورة الشعب المصري ويرفض المواطنون التدخل خشية الصدام مع البلطجية ودخلوا في مشكلات نتائجها غير محسوبة للمواطنين المسالمين. وأضاف انه قام بالتدخل لإنهاء بعض المشكلات التي تحدث بين الجيران وبعضهم البعض لمعرفة الأطراف المتشابكة, لافتا إلي أنه لا يقحم نفسه في الاشتباكات التي تحدث في الشارع والتي ينظمها عدد من البلطجية واللصوص لسرقة المواطنين أثناء انشغالهم بالمشكلة. أما محمد السيد حسين46 سنة الشهير بريعو تاجر تجزئة فقال انه شارك مع شباب منطقة عزبة النخل محل سكنه في اللجان الشعبية بعد الثورة للتصدي للبلطجية الذين استغلوا الانفلات الامني في ترويع الآمنين, وتم الدفاع عن ممتلكات وحياة سكان المنطقة من أعمال السلب والنهب التي كان يقوم يها عدد من الخارجين عن القانون, فضلا عن الوجود في جلسات الصلح التي تتم بين الجيران وبعضهم البعض لتقريب وجهات النظر بينهم في جو عائلي. وقال انه قاوم مع شقيقه حسين ثلاثة شباب حاولوا التحرش بإحدي الفتيات بالقرب من محطة مترو الأنفاق وعندما علم بعض المارة بالمشكلة تدخلوا ولقنوا الثلاثة علقة ساخنة رغم أنهم لا يعرفون الفتاة إلا أن الشهامة والنخوة المصرية كانت الدافع في التصدي للشباب المستهتر. وارجع عامر هدية30 سنة ظهور سلبية واضحة من المواطنين تجاه ما يحدث في الشارع إلي غياب دور الأمن في حماية المواطنين, حيث قال انه في الماضي عندما كان يتدخل اي مواطن لإنهاء مشكلة أو الوقوف في وجه البلطجية كان الأمن يسانده بالتدخل والحماية عندما يصل فرد الأمن لمكان الحادث أو عند الذهاب إلي قسم الشرطة, لكن في الوقت الحالي عندما يتدخل اي إنسان شريف لفض مشكلة ما يكون مصيره السرقة أو التعرض لسيل من السباب أو يصاب في جسده بضربة مطواة أو يطلق عليه النيران من سلاح الخرطوش الذي أصبح في متناول معظم البلطجية واللصوص لرخص سعره واستمرار حالة الضعف في جهاز الشرطة رغم عودته إلا أنه غير فعال بالشكل الذي يجب ان يكون عليه. ويري سيد حمام21 سنة إن الفوضي وانتشار الأسلحة بمختلف أنواعها وزيادة عدد المجرمين بعد اقتحام السجون وهروب عدد من المحكوم عليهم في قضايا متنوعة السبب في حالة السلبية التي تملكت من معظم المواطنين بعد مرور عامين علي ثورة25 يناير المجيدة التي خلعت نظاما فاسدا استمر نحو30 سنة لم يحدث فيها إن وصل الشباب لهذه الحالة من السلبية التي عليها الآن, مشيرا إلي إن الظاهرة غريبة علي أبناء الشعب المصري الذي يعرف كل أنواع الكرم والشهامة والمجدعة والتي لمسها كل أجنبي زار مصر قبل الثورة ونتمني أن تعود هذه الصفات الحميدة التي يتحلي بها المصريون. ويقول ايمن خليل42 سنة مدرس ثانوي إن هناك سحابة سوداء أخفت النخوة والشهامة المصرية بسبب الحالة الاقتصادية الصعبة التي يمر بها معظم ابناء الشعب المصري الذين يفضلون عدم الدخول في مشكلات قد يدفعون حياتهم ثمنا لها بعد حالة الفوضي التي عليها الشارع بعد جو الديمقراطية التي استيقظ الشعب عليها دون استعداد لها, وتنفسوها بشراهة بالغة بعد حرمان دام لأكثر من60 سنة مما أوجد وولد أعمال البلطجة والعنف فضلا عن تدني الأخلاق خاصة لدي الشباب صغير السن بعد أن شعر بعض ضعفاء النفوس منهم أن باستطاعتهم قول ما يريدون وفعل ما يشاءون بعد انكسار الشرطة علي أيديهم. ويري الدكتور علي ليلة أستاذ علم الاجتماع بكلية الاداب بجامعة عين شمس إن المجتمع يعيش في فترة من اكبر فتراته الايجابية في تاريخه, حيث يتكلم الجميع بدون خوف ويتصدي المجتمع للعديد من السلبيات, ويقاوم الشعب الفساد ويحارب الغلاء في الأسعار وينبذ العنف بكل صوره ويرفض الإرهاب بكل صوره. وأضاف إن ما يحدث من عدم التدخل في فض بعض اعمال العنف يرجع إلي الفردية ويبحث فيها الفرد عن مصلحته الشخصية ويجري وراء علاقاته, ويعد ذلك من مميزات المجتمع الغربي مشيرا إلي أن هذا ليس عيبا في الشخصية المصرية التي قطعت شوطا علي طريق التحديث والديمقراطية بعد الثورة ولكنها سمة من سمات التحديث.