وصلنا إلي الحد الذي نستجدي فيه الشعب المصري أن يقاوم ويكافح ظاهرة وعدوي ومرض التحرش الجنسي وهو المرض الذي استشري وأصبح سمة من سمات الأعياد والتجمعات الجماهيرية..! ان مجموعات عديدة علي "الفيس بوك" تناشد الشباب ملاحقة التحرش والمتحرشين والإمساك بهم وتجريسهم ومعاقبتهم. وهو أمر يخجلنا ويؤلمنا لأن المجتمع المصري كان بعيداً عن هذه الظواهر السيئة التي كانت فيما مضي تمثل سلوكاً فردياً مرفوضاً ومستجهنا. وتحولت الآن إلي سلوك عدواني ومألوف أيضاً..! ولا نعتقد أن كل هذه الحملات التي تحث علي التصدي للتحرش سوف تجد صدي يذكر لأن جموع المتحرشين لا تكترث كثيراً بما يكتب علي "الفيس بوك" ولا بالأخلاق. ولو أن لديها قدراً من الاحترام والتقاليد لكانت قد عزفت عن الإتيان بهذه الافعال دون حملات أو نداءات أو توسلات..! فهناك حالة من الانفلات بين بعض الشباب أدت إلي ظهور نماذج غريبة لا تكترث بمفاهيم الأخلاق ولا تحترم أحداً ولا تقيم وزناً أو اعتبارا لقيم وتقاليد المجتمع. وفي شوارع مصر كلها الآن هناك جموع من شباب متحفز. يعاني من القلق والبطالة والضياع ويقف متأهبا ومستعداً للقيام بأي عمل جماعي قد يجد فيه متنفساً لحالة الاحباط والفراغ الذي يعاني منه ويمر به. ولم يكن غريباً أن تتحدث الصحافة العالمية بشكل متكرر عن حالات التحرش الجماعي التي أصبحت مألوفة ومعتادة في الشوارع والميادين وحيث اشتكت أكثر من مراسلة صحفية أجنبية عن وقوعها فريسة لأيدي المتحرشين..! وقد اتصلت سيدة بمحطة اذاعية كانت تناقش هذه القضية مع الفنانة بسمة زوجة الناشط عمرو حمزاوي والتي ذاقت هي أيضاً آلام ومرارة التحرش في شارع طلعت حرب حيث روت هذه السيدة تجربة مريرة تعرضت لها في ميكروباص كان ينقلها وابنتها إلي منزلها. قالت إن شاباً كان يقوم بحركات جنسية غريبة داخل الميكروباص وأن أحداً من الركاب لم يجرؤ أن يسأله عما يفعله وأنها اضطرت إلي طلب النزول من الميكروباص بعد أن شعرت بالتقزز من هذا السلوك الفج..! وتقول هذه السيدة إن الغريب حقا هو أن الناس لم تعد تهتم ولم تعد أيضاً تملك الجرأة علي الكلام..! والواقع أن ما تقوله هذه السيدة يوضح حجم التغيير في سلوكيات المجتمع وفي صفات ابن البلد. فمن قبل كانت الشهامة عنواناً لسلوك الشارع المصري. وكانت النخوة هي أفضل وأحلي ما يميز رجالات هذا المجتمع. وقد أصبح ذلك الآن من إرث الماضي. بعد أن تحولت النخوة إلي نوع من التهور والمجازفة والتضحية أيضاً. فالمتحرش واللص والبلطجي أصبحوا جميعاً يحملون السلاح ولا يتورعون عن الرد بالقتل والهرب دون أن يتمكن أحد من ملاحقتهم. ولأن الناس أصبحوا يخافون. فإن ذلك شجع علي نمو وتطور وانتشار كل جرائم الانحراف والشذوذ والسرقة والقتل أيضاً .. ولم يكن غريباً أن تنتاب الشجاعة بعض الناس في الأماكن ذات التجمعات المغلقة مثل القري. وهي شجاعة دفعتهم إلي أن يطبقوا القانون بأيديهم وأن يقتصوا من الجناة بالشننق والقتل والسحل في سوابق لم تكن معهودة أو معروفة في المجتمع المصري. وكانت أبلغ تعبير عن فقدان الثقة في الأمن والأمان. كما كانت أيضاً الحل الوحيد للتخلص من الذين أذاقوهم مر العذاب..! ومن الصعب أن يتكرر هذا الفعل الجماعي في الانتقام في المدن الكبيرة. وحيث لا عصبيات ولا قرابة ولا مجتمعات مغلقة. ولهذا فإن التحرش الجنسي كاحدي جرائم وظواهر التحول الاجتماعي السلبي. تجد مناخاً وأجواء تساعد علي ممارسة هذا الشذوذ دون خوف من عقاب أو ملاحقة. والذين يتابعون جرائم التحرش التي تسود المجتمع يدركون كم تتعرض فتيات المدارس الثانوية لكل أنواع التحرش من صبية يستأجرون دراجات نارية ويواصلون ملاحقتهن عند انتهاء الدوام الدراسي بشكل فيه من التطاول بالأيدي واللسان ما يجرح كرامة وكبرياء أي فتاة ويجعلها تفقد الثقة في أنها تعيش مجتمعا من القيم والأخلاق ما يكفل لها الحماية..!! إنه من العيب أن نواصل الحديث في هذه القضية. فقد كان اعتقادنا أن هناك تغييراً في المجتمع سيكون نحو الأفضل وأن أخلاقيات زمان هي التي ستسود .. ولكن وعلي ما يبدو فإن التحرش الجماعي الذي بدأ منذ سنوات أمام احدي دور السينما في القاهرة أثناء وصلة رقص وغناء للراقصة دينا والمطرب سعد الصغير مازال مستمراً .. فقد أخرج المشهد المثير لجسد الراقصة دينا المارد الجنسي من أجساد الشباب ومازال هذا المارد يلهو..!