سافرت قبل أسبوع إلي الصعيد حيث الجذور وطوال هذه الأيام التي قضيتها بين أسيوط وسوهاج أرصد وأراقب وأبحث عن ثورة لم تصل إلي هذا الإقليم الذي تحول إلي وطن للفقر وموطن للقهر ومأوي للأمراض, وملاذا للإهمال. كل من تناقشت معهم من الشباب والشيوخ والسيدات لم يبدوا اهتماما بما يحدث في مصر وكأنه مجتمع من الأثرياء وشعب ليس في مصر وبلاد خارج خريطة الوطن. الثورة عندكم أنتم نحن مهمومون بالغيطان, وأزمة الأسمدة, ونقص الوقود, والمخزون الراكد من المحاصيل, ولكن ما يحدث في القاهرة والمحافظات الأخري لا يعنينا في شئ هكذا كانت الإجابة التقليدية ممن سألتهم عن أخبار الثورة في الصعيد؟ ورغم هذه القطيعة من الشأن العام فإن هناك غضبا مدفونا وإحباطا مكتوما, من الأوضاع السيئة التي وصلت إليها الأمور, وقد تكون الحياة الخشنة, التي تعود عليها المواطن في الصعيد طوال السنوات الماضية اكسبته قدرة عالية علي التحمل والتكيف مع مثل هذه الأزمات, ولعل هذه القطيعة في الصعيد ليست جديدة بل هي نتاج طبيعي لسنوات النسيان والإهمال التي اعتاد الناس فيها علي الحرمان من الخدمات والتنمية لكن للصبر حدود, ولا يمكن استمرار الأوضاع بهذا الشكل المتردي إلي أجل غير مسمي, لا ماء ولا كهرباء ولا غذاء ولا دواء في هذه البلاد التي دفعتها رغبة التغيير والأمل في التطوير الي اختيار الدكتور مرسي رئيسا وكانت سببا رئيسيا في نجاحه لكن سرعان ما تبدد الحلم وانهار الأمل مع تردي الأحوال المعيشية وتدهور الأوضاع الحياتية وكان تغييرا لم يحدث وسلطة لم تتغير, الإهمال لايزال يسكن الصعيد والفقر كما هو دون جديد, وربما يكون هدوء الصعيد ما سبق عاصفة تجتاح هذا الإقليم, الذي صار مرشحا لانفجار كبير وعنف شديد مع انتشار الأسلحة بين المواطنين بشكل غير مسبوق ما بين أسلحة وذخائر كثيفة يتم تداولها بين الكبار والصغار وحينها سيعلم الجميع ان الصعيد أصبح خارج سيطرة الوطن. رابط دائم :