تعريف التعب صعب وغامض في الوقت نفسه.فقد يكون رد فعل جسدية سليمة وطبيعية لحاجة الجسم إلي الراحة والهدوء. وقد يكون إنذارا خطرا ومؤشرا لبداية انهيار جسدي أو حالة مرضية. الحالة الأولي يعرفها الطب( بالتعب الجيد) والحالة الثانية( التعب السيئ) فما هي ماهية كل منها؟ كل عمل ونشاط إنساني يحتاج إلي تشغيل عضلات الجسم وتحريكها وفق نوع العمل وقوة النشاط. والمجهود الجسدي يحتاج كي يستطيع الإنسان القيام به إلي قوة. هذه القوة يوفرها استهلاك محروقات الجسد التي تستلزم استغلال أوكسجين الجسم وفق حدة العمل ووفق المجهود العضلي الذي يبذل من اجل ذلك. فإذا ما تخطي هذا العمل درجة معينة( وهذه تختلف من شخص إلي أخر حسب بنية جسم كل إنسان) يبدأ التعب بالظهور. وعلينا ألا ننسي أن للعمل الفكري تأثيره المباشر علي عضلات الجسد, وتبعا لهذه البديهيات فكل من يقوم بعمل لا يتوافق وقدراته الجسدية سيضطر إلي استنزاف كل إمكانياته العضلية وأحيانا يحاول تجاوزها فيصاب بإرهاق مستمر وتعب دائم, وتلك الدورة الدموية بسبب الضعف العام بالجسد لا تتمكن من خدمة العضلات العاملة وبقوة وفق قدراتها وطاقاتها. هذا النوع من التعب أطلق عليه الأطباء( التعب الجيد) لأنه يأتي كدعوة من الجسم إلي الراحة والاسترخاء بعد العمل المضني لإعادة تكوين قواه. أما( التعب السيئ) ليس سوي الإرهاق الجسدي الذي يتولد إما عن سبب مادي بحت أو عن نشاط فكري مكثف أو راحة طويلة أحيانا. فيتطور هذا الإرهاق ليصل إلي درجة عالية يأخذ فيها مظهرا مرضيا حادا يستوجب تدخل الطبيب. وللإرهاق مظاهر كثيرة منها النوم السيئ, الانحطاط التام الفكري والجسدي عند الاستيقاظ من النوم. وإذا كان التعب الجيد يعكس تشنجات جسدية فان التعب السيئ يقلب صاحبه( رأسا علي عقب) فهو يقلب مزاجه ويوتر أعصابه ويثير طباعه وغرائزه, ويصبح في حالة عصبية دقيقة يصعب معها حصر الآلام في نقطة معينة, ويصبح كل شيء يؤلم ويثير. وقد يكون الإرهاق ظاهرة تسبق بعض الأمراض وتلعب دور المنذر لقدومها. ** ما هي الأمراض التي ينذر بها الإرهاق؟ قد يأتي الإرهاق قبل الأنفلونزا, التهاب الرئتين, التهاب الكبد, الأمراض القلبية, عوارض الأوردة الدموية التي تكون إجمالا مصدر إرهاق شديد وللسرطان تعبه وإرهاقه. وبوجه عام ما من مرض إلا وسبقه أو يرافقه تعب شديد وإرهاق كبير. حتي الأمراض النفسية لها تعبها القاتل. ** ما العمل لحصر أسباب الإرهاق؟ أول ما يجب اللجوء إليه عند الإحساس بإرهاق تام هو القيام بالتحاليل المخبرية العامة وذلك بغية التأكد أن نسب الكالسيوم والبوتاسيوم والسكريات في الجسم هي درجة طبيعية, إذ كل نقص فيها يسبب إرهاقا شديدا, وفي حال سلبية هذه التحاليل يجب البحث عن الدوافع المرضية الفعلية.