اتفق عدد من الخبراء والمواطنين علي أن عودة هيبة الشرطة ضرورية للحفاظ علي أمن واستقرار البلد خاصة وان الانفلات الأمني والبلطجة ظواهر جديدة لم تشهدها مصر من قبل. فعلي الرغم من الاستقرار النوعي الذي تعيشه البلاد إلا أن الأمن مازال مفتقدا ولضمان عودة هيبة الشرطة يجب إعطاء صلاحيات جديدة لجهاز الشرطة مع التأكيد علي تطبيق القانون في تنفيذ هذه الصلاحيات دون أي تجاوزات بالاضافة إلي التعامل بشكل حاسم مع مثيري الشغب حتي تعود هيبة الدولة من جديد. وقالت الدكتورة عواطف أبو شادي, أستاذة العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية: إن عودة هيبة الشرطة مرتبطة بشكل وثيق بعودة هيبة الدولة بالتبعية, سواء كانت هيبة أمنية أو غير أمنية مؤكدة ان ما يحدث الآن يحتاج إلي نوع من أنواع الحزم والجدية في التعامل مع المجرمين بالاضافة إلي تفعيل دور القانون. وأضافت أن الشعب برمته يتهم جهاز الشرطة بالتجاوز علي الرغم من وجود تجاوزات متعددة في كل أجهزة الدولة في عهد النظام السابق ولكن السبب في ذلك هو التضخيم الاعلامي, مشيرة إلي ضرورة استخدام الاسلحة النارية اذا لزم الأمر للتصدي لأعمال العنف والبلطجة لأنها أصبحت متعلقة بمكانة الدولة والحفاظ علي أرواح المواطنين. وأكدت أن عودة هيبة الشرطة يجب أن تكون بما لا يخالف القانون, حيث أن الإحساس بالردع من قبل المواطنين يسود في حالة تطبيق وتفعيل القانون مع الحفاظ علي كرامة المواطن. منظومة متكاملة من جانبه قال الدكتور عثمان محمد عثمان, رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة6 أكتوبر, أن منظومة الأمن عبارة عن منظومة متكاملة بين رجال الشرطة والمواطنين وتأتي الاحزاب السياسية وكل قوي المجتمع في مقدمة هذه المنظومة. وأكد ضرورة احترام كل أطراف المنظومة لجهاز الشرطة وتقدير دوره من أجل الحفاظ علي هذه المنظومة, مضيفا أن التشويه المتعمد لجهاز الشرطة من بعض القوي السياسية هو السبب في الإخلال بهذه المنظومة وتخلي أحد أطرافها عن مهامه الرئيسية مما يظهر بشكل سلبي علي وجود الأمن. وأوضح ضرورة تعاون جميع أجهزة الدولة مع جهاز الشرطة للقضاء علي تخوف أفراد الأمن من الصدام مع المواطنين في وجود توجيه لعناصر الأمن بعدم التجاوز بما لا يهين كرامة المواطن. وأشار إلي ضرورة قيام الرئيس محمد مرسي بعقد اجتماع موسع مع قيادات الشرطة علي مستوي الجمهورية كرسالة طمأنة لفرد الأمن البسيط الموجود في الشارع وكنوع من الاعتراف له بأنه محل تقدير من قيادات الدولة لإعادة هيبته من جديد. لقاء مصالحة واتفق معه الدكتور عاطف سالم, أستاذ القانون الدستوري بجامعة عين شمس, في جدوي عقد اجتماع مصالحة بين قيادات الشرطة وبعض الأحزاب والقوي السياسية برئاسة الدكتور محمد مرسي للقضاء علي الضغائن بين جميع الأطراف مع التأكيد علي دور ضابط الشرطة في الحفاظ علي الأمن. ويري أنه لابد لضباط المباحث من ارتداء الزي الرسمي للشرطة وليس الزي الملكي طبقا للقانون للقضاء علي الحقد الاجتماعي المتوقع حدوثه عند ممارسته للمهنة بالزي الرسمي مثل طلب رؤية هوية أحد المواطنين مما يثير العديد من الضغائن بداخل المواطن. وأكد ضرورة إمداد جهاز الشرطة بالاسلحة والمعدات المتطورة التي تفوق الاسلحة التي يمتلكها مثيرو الشغب والبلطجية, مشيرا الي ضرورة التغلب علي النقص في أعداد الضباط بتدريب دفعات من خريجي كلية الحقوق بكليات الشرطة وتعيينهم ضمن جهاز الشرطة. وأوضح ضرورة تخصيص غرفتين داخل كل قسم شرطة للمحامين ووكلاء النيابة بشكل دائم كنوع من الرقابة علي ضابط الشرطة مع تفعيل التفتيش علي أقسام الشرطة لرصد التجاوزات ومعاقبة المخالف للقانون, مؤكدا ضرورة اعادة النظر في شروط التقدم لكليات الشرطة والتخلي عن الوساطة. وأشار الي ضرورة تخفيف العبء عن كاهل ضابط الشرطة حيث انه يعمل لفترات طويلة علي مدار اليوم مما يهدد بحدوث ضغط نفسي وعصبي ولذلك فمن الأجدي تحديد مواعيد عمل رسمية للضباط, مؤكدا ضرورة إعادة تأهيل ضابط الشرطة من خلال دورات تدريبية متخصصة. لاتنمية بدون أمن من ناحيته أوضح الدكتور ابراهيم عبد الله أستاذ الاقتصاد السياسي بالجامعة الامريكية, أنه لا توجد تنمية في أي دولة بالعالم بدون وجود منظومة أمنية محكمة العطاء المتبادل, ويجب أن تعلم الأحزاب والقوي السياسية انه لابد من وجود وئام أمني بين فئات الشعب والقيادة السياسية الحاكمة لإقامة التنمية الاقتصادية. وأضاف أنه نظرا لتزايد أعمال الشغب والسرقة فإن شركات التأمين الكبري ترفض التأمين الشامل علي سيارات نقل الأموال من البنوك وإليها خوفا من تعرضها للسطو والبلطجة مما يكبدها الكثير من الأموال كمبالغ تأمينية. وأشار إلي وجود العديد من التجاوزات من أجهزة الشرطة بكل أنحاء العالم تبعا لطبيعة المجتمع والجرم كما يعتمد التجاوز علي مدي خروج المواطن العادي عن سياق الأمن, مستنكرا تعميم اتهام جهاز الشرطة بأكمله بالفساد علي الرغم من أنها تجاوزات فردية. وقال إن السياسة المتبعة الآن في بعض المصانع النائية التي يغيب عنها الأمن تخصيص مبالغ مالية تصل إلي2000 جنيه يوميا كمرتبات لبعض البلطجية لحماية المصنع من السرقة وبالتالي أصبحت مهنة يمتهنها الكثير من مثيري الشغب. وأكد دور وسائل الاعلام في الاعلان عن الإيجابيات والانجازات لجهاز الشرطة بقدر ما يعلن عن التجاوزات التي تحدث بداخل أقسام الشرطة مع ضرورة الفصل بين الواجبات الوظيفية للشرطي وبين حقوقه كمواطن عادي في حفظ كرامته. عدم المساس بالكرامة وفي جولة ل الاهرام المسائي لاستطلاع آراء المواطنين حول عودة سيطرة الشرطة علي الأمن قال ابراهيم حسن عامل بأحد المصانع انه مع عودة الأمن ولكن طبقا للقانون مع عدم المساس بكرامة المواطن وخاصة الابرياء منهم. من جانبها أوضحت خديجة السيد ربة منزل أنها مع عودة سيطرة الشرطة علي الشارع باستخدام القوة كسلاح رادع اذا لزم الأمر ولكن دون أي تجاوزات. وأشار علي غنام موظف إلي أنه مع استخدام الشرطة للقوة المفرطة مع البلطجية والمجرمين للقضاء علي ظاهرة العنف والبلطجة التي سادت الشارع المصري بعد ثورة25 يناير. ورفض حسين محمد صاحب متجر محاكمة بعض الضباط وصف الجنود عند تصديهم لأعمال العنف والشغب بحجة إهانة كرامة المواطن, مشيرا إلي ضرورة التعامل بحزم مع المجرمين ومثيري الشغب. وقال مصطفي أحمد طالب جامعي أنه لا يمكن أن يعود الأمن مع وجود سلبية كاملة من رجال الشرطة تجاه أحداث العنف التي تحدث في الشارع, مشيرا إلي أنه رأي أحد البلطجية أثناء تعديه علي مواطن وطعنه بسكين علي مرأي ومسمع من بعض أفراد الشرطة الموجودين في مقر الحادث ولكن دون تدخل منهم. من ناحيتها أكدت سميرة خالد مدرسة لغة عربية أن المشكلة تكمن في أن عددا كبيرا من أفراد الأمن, وخاصة صف الضباط, وقد استقوا سياسة القمع في ظل النظام السابق, مضيفة أن هؤلاء في حاجة الي إعادة تأهيل للتعامل بالقانون وتطبيقه بشكل حاسم دون تجاوز وتطبيقه علي الجميع وليس كما كان يطبق في السابق علي المواطن البسيط فقط. وأشار محسن منصور مهندس الي أن من العناصر المهمة لعودة هيبة الشرطة هو الاحساس بدعم المواطنين لجهاز الشرطة في القيام بمهامهم مع وجود التقدير المناسب لمجهودهم في حماية المواطنين والأموال والأعراض. وأكد سيد مصطفي موظف ضرورة التخلي عن فكرة العداء ما بين جهاز الشرطة والشعب من جهة وبين الشرطة والنظام القائم من جهة أخري.