لرفضهم فرض رسوم غير القانونية.. إضراب عام للمحامين عن الحضور أمام محاكم الاستئناف ووقفات احتجاجية بالمحافظات    وكيل تعليم القاهرة تجري جولة تفقدية لعدد من مدارس إدارة شبرا التعليمية    التموين تدرس إطلاق مرحلة جديدة من جمعيتي لدعم الشباب وتعزيز الشمول المالي    داليا الباز: العاملون هم الركيزة الأساسية لنجاح هيئة البريد    انتخاب الكاردينال الأمريكي بريفوست بابا للفاتيكان    صلاح محسن يسجل هدف المصري الأول في مرمى الأهلي    أموريم: برونو فرنانديز ليس للبيع    محافظ القاهرة يتفقد حريق شركة أدوية بالأزبكية    وزير التعليم يعلن بدء العام الدراسي 2025 / 2026 في المدارس الدولية 7 سبتمبر المقبل    مينا مسعود يزور مدينة الإنتاج الإعلامي ويشيد بإمكانياتها    نانسي عجرم وماجدة الرومي يساندان كارول سماحة في عزاء زوجها وليد مصطفى (فيديو)    شباب المحافظات الحدودية يواصلون جولاتهم التثقيفية بمعالم دمياط ضمن مشروع أهل مصر    حظ برج الحوت في الأسبوع الثاني من مايو 2025.. لقاء عاطفي غير متوقع    طرح الإعلان الرسمي ل فيلم "المشروع X"    طرق التعامل مع خوف الأبناء من اقتراب الامتحانات    الصحة: تنظيم مؤتمر علمي لتشخيص وعلاج الربو الشعبي ومكافحة التدخين    انبعاث دخان أبيض من مدخنة كنيسة سيستين في إشارة لنجاح اختيار بابا الفاتيكان    محافظ المنيا يناقش ملفات التعليم والصحة والطرق.. ويوجه بتقديم المساعدات اللازمة للمواطنين    خبراء يحذرون: الزمن هو الخطر الحقيقي في النزاع النووي الهندي الباكستاني    رابط نتيجة الاختبارات الإلكترونية للمتقدمين لوظائف معلم مساعد مادة رياضيات    تشكيل مباراة أفريقيا الوسطى وغانا في أمم أفريقيا للشباب    الرياضية تكشف موعد انضمام ماركوس ليوناردو لتدريبات الهلال    والا: اتفاق محتمل لتولي صندوق إغاثة غزة مهمة إدخال وتوزيع المساعدات بعيدا عن حماس    في عيد الوالدين، قافلة الثقافة الكورية تزور مكتبة مصر العامة ببورسعيد    حرب الإبادة    مصرع شخص دهسته سيارة محملة بأسطوانات البوتاجاز بقنا    الحكومة: أسعار جلسات الغسيل الكلوى ثابتة دون زيادة وتقدم مجانًا للمرضى    وزير الاتصالات: إتاحة 180 خدمة حكومية عبر منصة مصر الرقمية    اختتام فعاليات مؤتمر تنظيم الاتصالات لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا بالقاهرة    في 11 ثانية.. فقط من يتمتع برؤية حادة يعثر على القلم المخفي    أمين الفتوى ينتقد المظاهر الزائفة على مواقع التواصل: أبرز أسباب ضيق الخُلق والإحساس بالدونية    غموض حول اختفاء فتاة ببنها.. والأسرة تناشد الأمن مساعدتها في العودة    أزعجتهم خلال علاقة محرمة.. سيدة وعشيقها يقتلان رضيعة في الهرم    الفنان محمد عبد السيد يعلن وفاة والده    عضو مجلس المحامين بجنوب الجيزة يثبت الإضراب أمام محكمة أكتوبر (صور)    محافظ مطروح يتفقد تصميمات الرامبات لتيسير التعامل مع طلبات ذوي الهمم    مطار مرسى مطروح الدولي يستقبل أولى رحلات الشارتر من التشيك    الهلال السعودي يرصد 160 مليون يورو لضم ثنائي ليفربول    الكرملين: الحوار بين روسيا والولايات المتحدة مستمر    وزير قطاع الأعمال يبحث مع سفير إندونيسيا فرص التعاون الاقتصادي والاستثماري    بغرض السرقة.. الإعدام شنقًا للمتهمين بقتل شاب في قنا    انخفاض عمليات البحث على "جوجل" عبر متصفح سفارى لأول مرة لهذا السبب    البورصة: تراجع رصيد شهادات الإيداع لمدينة مصر للإسكان إلى 541 مليون شهادة    دمياط تحيي ذكرى انتصارها التاريخي بوضع الزهور على نصب الجندي المجهول    نائب وزير الصحة يتفقد وحدتي الأعقاب الديسة ومنشأة الخزان الصحية بأسوان    خالد بيبو: كولر ظلم لاعبين في الأهلي وكان يحلم بالمونديال    رامي ربيعة يوافق على 20 مليون جنيه سنويًا.. ورد الأهلي الأخير بشأن الإعلانات يحسم ملف التجديد    أسقف المنيا للخارجية الأمريكية: الرئيس السيسي يرعى حرية العبادة (صور)    وزير الصحة يستقبل نقيب التمريض لبحث تطوير التدريب المهني وتعميم الأدلة الاسترشادية    أمين الفتوى يكشف عن 3 حالات لا يجوز فيها الزواج: ظلم وحرام شرعًا    الإسماعيلي ضد إنبي.. الدراويش على حافة الهاوية بعد السقوط في مراكز الهبوط    ميدو يفجّرها: شخص داخل الزمالك يحارب لجنة الخطيط.. وإمام عاشور الأهم وصفقة زيزو للأهلي لم تكن مفاجأة    موعد إجازة المولد النبوي الشريف لعام 2025 في مصر    الحماية المدنية تسيطر على حريق نشب بهيش داخل أرض فضاء بالصف.. صور    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 8-5-2025 في محافظة قنا    الكرملين: محادثات بوتين وشي جين بينج في موسكو ستكون مطولة ومتعددة الصيغ    الجيش الباكستاني يعلن إسقاط 12 طائرة تجسس هندية    سبب إلزام النساء بارتداء الحجاب دون الرجال.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



استئساد دول منابع النيل والطابور الخامس الدولي
بقلم‏:‏ د‏.‏ أشرف الصباغ

أنا أعشق السودان شعبا وأرضا وتاريخا‏,‏ لكن ذلك لا يعني اطلاقا ان السودان هو الحديقة الخلفية لمصر‏,‏ ولايعني ابدا اننا شعب واحد ودولة واحدة‏,‏ وبالتالي لا يمكنني ان اعتبر السودان عمقا استراتيجيا لمصر بالمعني السياسي قصير النظر الذي يمكنه ان يحول الطاقة الايجابية الكامنة في العلاقات بين البلدين إلي عداوة وكراهية‏
‏لن نتحدث عن الانتخابات الصعبة والمعقدة التي جرت في السودان طوال‏5‏ أيام كاملة‏(‏ بعد ما يقرب من ربع القرن من تغييب هذا الشعب العظيم عن اي انتخابات‏)‏ والتي من المقرر ان تعلن نتائجها اليوم‏,‏ الحديث يجري عن مسألة اخطر بكثير من الانتخابات‏,‏ الا وهي استئساد دول منابع النيل‏(‏ بوروندي والكونغو الديمقراطية واثيوبيا وكينيا‏,‏ ورواندا وتنزانيا وأوغندا‏)‏ بإصدار بيان رسمي فجرالاربعاء الماضي أكدت فيه أنها ستبدأ في‏14‏ مايو المقبل اجراءات التوقيع علي الاتفاقية الإطارية منفردة دون مصر‏,‏ والسودان علي الا تزيد مدة صلاحية هذا التوقيع علي عام واحد‏,‏ ومن الواضح ان دول حوض النيل تنقسم إلي معسكرين الاول يضم دولتي الممر‏(‏ السودان‏)‏ والمصب‏(‏ مصر‏),‏ اما الثاني فيضم دول المنبع وهي اثيوبيا وكينيا وأوغندا وتنزانيا وروندا وبوروندي‏,‏ واريتريا‏,‏ مما يضع كلا من السودان ومصر أمام معسكر افريقي قوي‏,‏ يرفض الاعتراف باتفاقيتي توزيع مياه النيل الاولي في عام‏1929‏ والتي اعطت مصر النصيب الاكبر‏51‏ مليار متر مكعب والسودان‏18‏ مليار متر مكعب من المجموع الكلي لمياه النيل التي تقدر بحوالي‏82‏ مليار متر مكعب والثانية في عام‏1959.‏
قد يطول الحديث عن أهمية مياه النيل لمصر والسودان‏,‏ ولكن في الحقيقةسنكون في غاية السذاجة لو جلسنا ولطمنا الخدود ومزقنا الجيوب لاننا نعرف من زمن طويل ان النيل في خطر وهو عنوان كتاب للراحل كامل زهيري نوقش بشدة في زمنه‏,‏ ولما لم يصدق أحد انذاك كلام زهيري‏,‏ فقد أجبرنا الزمن علي التصديق مع تغير النظام الدولي وموازين القوي الدولية‏,‏ والتغيرات السياسية والاقتصادية والجيوسياسية‏,‏ والاخيرة بالذات هي الاهم لتعلقها بنفوذ مصر الإقليمي الذي انحسر امام مد اخر ليس فقط لاسرائيل في المنطقة الافريقية‏,‏ فهناك نفوذ بريطاني وفرنسي وامريكي تاريخي‏,‏ لكن النفوذ المصري لم يكن استعماريا او استعماريا استيطانيا‏,‏ بل كان نفوذا وتأثيرا علي ارضية الشراكة التاريخية في قارة افريقيا التي تنتمي اليها مصر‏,‏ وكان نفوذا يستند إلي المصالح وافاق توسيعها وتجذيرها‏.‏
اليوم توجه الادانات والاتهامات لإسرائيل فقط‏,‏ فهل نلوم اسرائيل علي امعانها في تحقيق مصالحها؟ إذن أين نحن من تحقيق مصالحنا القومية والاستراتيجية‏,‏ إذ يعتبر النيل احد أهم عناصر الامن القومي والاستراتيجي المصري؟ إلي أن ذهب النفوذ المصري في افريقيا‏,‏ ولصالح من؟ قد تكون مصر عظيمة بحد ذاتها ولذاتها‏,‏ ولكن هذا الكلام يقال في كتب التاريخ والروايات والاشعار‏,‏ اما السياسة والمصالح الامنية والاستراتيجية بعيدة المدي فلها مواصفات وعوامل اخري تتطلب المزيد من اليقظة ومد النفوذ والتأثير ليس بالطرق العسكرية‏,‏ بقدر توسيع العلاقات الاقتصادية والاجتماعية والاهتمام بالشأن الافريقي‏,‏ بل وبوضعه علي سلم اولويات السياسة الخارجية المصرية في تواز كامل مع المتجه العربي‏.‏
هل تمكنت اسرائيل في لحظة واحدة من السيطرة علي دول منابع النيل؟ اشك في ذلك‏,‏ هل استطاعت الاستثمارات الصينية‏(‏ حيث توظف بكين‏40%‏ من استثماراتها الافريقية في السودان وحده‏!)‏ أن تنتشر هكذا في لحظة واحدة في كل افريقيا؟ إن رجال الاعمال الاسرائيليين منتشرون في كل دول إفريقيا كاسرائيليين وكرجال اعمال يحملون جنسيات أخري بل ويسافر مواطنون ينتمون إلي دول أوروبية ضمن وفود هذه الدول وكل رؤوس أموالهم تعمل في اسرائيل‏,‏ لقد تمكنت تل ابيب من اختراق غالبية وفود الدول الاوروبية عن طريق السياسة‏,‏ والمعادلة واضحة‏:‏ لنلعب معا في افريقيا‏(‏ والسودان مثال واضح لذلك‏),‏ لكي نوفر لكم دورا ما في حلحلة قضية الشرق الاوسط؟هذه المعادلة موجودة وسارية المفعول‏.‏
الدول الافريقية في حاجة ماسة إلي مشاريع زراعة وري ومد شبكات طرق ومواصلات وكهرباء‏,‏ والسودان الشقيق علي سبيل المثال في حاجة ماسة إلي كل ذلك ايضا‏,‏ هذا الكلام ليس به اي جديد‏,‏ ولكنه يتكرر اليوم لاننا اصبحنا أمام امر واقع ولا مفر من وضع تصور او استراتيجية قابلة للتحقيق علي الفور قبل أن نساوم فيما بعد علي اقل ما يمكن‏.‏
الفرصة لاتزال سانحة لعقد اتفاقيات اتحاد جمركي‏,‏ وإقامة مناطق للتجارة الحرة‏,‏ وتدشين مشاريع طويلة الامد وواسعة النطاق‏,‏ قد تكون هذه التصورات البسيطة التقليدية افضل بكثير من تصورات الوحدة وأوهام الحدائق الخلفية والاعماق الاستراتيجية‏.‏
إن انغلاق رؤوس الاموال المصرية وتقوقعها وقصر نظرها يحرمها من اكتساب الخبرة التاريخية والتطور ومن ثم الدور التاريخي‏,‏ ويفقد الدولة النفوذ والتأثير حتي علي المستوي المحلي والإقليمي‏,‏ وإذا كان الامر كذلك‏,‏ فغياب مشاريع الدولة في الخارج هو انعكاس طبيعي لغياب مشاريعها في الداخل‏,‏ ومع ذلك فالحلقة ليست مغلقة والدائرة ليست مفرغة رغم صعوبة المعادلة وتعقيدها‏,‏ هناك وقت وإن كان قليلا‏,‏ إلا أن التعامل الجدي والمسئول مع الملف الافريقي عموما‏,‏ والملف السوداني علي وجه الخصوص‏,‏ سيعكس مدي المهنية في التوجهات الخارجية للسياسة المصرية‏,‏ ومدي الحرص علي مصالح الوطن وعلي مستقبله بناسه وأرضه‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.