بعدما اشتعلت النيران في أرجاء الوطن العربي شرقه وغربه, شماله وجنوبه, وانشغل كل بلد بإطفاء الحرائق المشتعلة في أرجائه, انتهزت إسرائيل الفرصة لتفعل ما بدا لها في الأراضي المحتلة, بمزيد من العربدة والبلطجة والتحدي, والمزيد من الاعتقالات والتوسع الاستيطاني, وسرقة أراضي الفلسطينيين, وهدم البيوت علي رءوس أصحابها, في غيبة الضمير العالمي. وبعدما اقتحمت قرية باب الشمس, كررت فعلتها بالجرافات مدعومة بقوات الاحتلال مع قرية باب الكرامة, وفق خطة جهنمية لابتلاع الأراضي الفلسطينية بالترهيب والترويع وإجبار الفلسطينيين علي الرحيل, مدفوعة بانشغال العالم كله بما يجري من أحداث هنا وهناك. ما يسمي بالربيع العربي تحول إلي شتاء ماطر طويل, فوضي شاملة, وجدل عقيم, وفتن مذهبية وطائفية وعرقية, وأزمات مالية, وتعثر اقتصادي, وشلل تنموي, وذهول سياسي. إسرائيل تعيش الربيع الحقيقي. تراقب في سعادة ألسنة اللهب المتصاعدة من كثير من العواصم والحواضر العربية, وتعيث في الأرض فسادا. ما جري ويجري في دول الربيع العربي حقق لإسرائيل ما لم تكن تستطيع تحقيقه باستخدام ترسانتها النووية.. اقتتال وحرب أهلية في سوريا تستنزف قدراتها العسكرية, احتقان مذهبي ينذر بكارثة التقسيم في العراق, انقسام وتوتر دائم بين شطري السودان, مشاكل بلا حصر في مصر, حريق هائل في غرب إفريقيا شمل مالي والجزائر.. والبقية تأتي. قوات غربية تدخلت بثقلها في أكثر من مكان, واستعمار جديد يلوح في الأفق لن يخدم إلا مصالح الدولة العبرية. ألا يسمي ما تفعله إسرائيل إرهابا؟ هو إرهاب بكل ما تعنيه الكلمة من معني, إرهاب كيان استيطاني قام علي التهام أراضي الغير بالقوة الهمجية, والمغالطات التاريخية والكذب والتلفيق. ألا يستحق هذا الإرهاب الصريح والسافر وقفة من المجتمع الدولي والدول الغربية التي صدعت رءوسنا بالتصدي للإرهاب الدولي وحقوق الإنسان, ألا يستحق طلعة واحدة من طائرات رافال الفرنسية التي انطلقت في لمح البصر لضرب المتمردين الإسلاميين في مالي؟ هل أصاب المسئولين الفرنسيين العمي والصمم والخرس إزاء ما يجري في الأراضي الفلسطينية المحتلة, فيما انفتحت عيونهم حادة الإبصارعلي ما يجري في جنوب الصحراء الكبري؟ أمريكا تحتفل بالتنصيب الثاني لأوباما.. وتتغاضي عن الانتهاكات الصهيونية عن عمد. اقتحام باب الكرامة إهانة لكل الأحرار في العالم.. وإدانة لكل مدعي الديمقراطية من أنظمة غربية متواطئة مع أحفاد القردة والخنازير.. يسقط الربيع الإسرائيلي.