التربية الفنية في المدارس هي أولي خطوات الطفل نحو العالم الحقيقي كما انها أهم أدوات الكبار نحو فهم صحيح لمراحل تطور أطفالنا وهي الباب الذي يلج منه الطفل ليتخلص من همومه ويسيطر علي أدواته ويعبر عن أحاسيسه ورغباته ويفرغ من خلالها طاقاته ويهرب من خلالها من ثوابت وتعقيدات عالم الكبار الي رحابه عالمه الخاص والذي شكله بأبجدياته هو ولعنا نفهم أهميتها من اسمها وهي تربيه الطفل علي أسس فنيه ومعرفه حالته النفسيه واتزانه ورؤيته وخيالاته وقدراته العقليه وترجمته لكل ما يراه ويحسه ويحبه ويكره ويتوق اليه ويفهمه ويستوعبه من خلال انتقائه للون وتحمكه في وضعه داخل الاطار المرسوم وخطوطه وحجم أشكاله ومنطقيه أبجديات رسومه وهو ما يجعلنا في وضع يمكننا فيه من فهمه وتقويمه وحل معطيات شخصيته وتنميتها والمساعده علي استوائها وتطوير ابداعاته وايمانا بعظمه ذلك الدور ويقينا بأن مستقبل الانسان في أطفاله فقد سخرت الدول كل إمكاناتها وشجعت الأبحاث والعلوم التي ترعي ذلك المجال وأنشأت كليات التربيه الفنيه لتأهيل معلمي الفنون لفهم سيكولوجيته وسلوكه وترويضها وتنميتها عبر التربيه الفنيه وتقويم أي أعوجاج نفسي أو عقلي بالرسم والتلوين وهناك العديد من الأبحاث لتطوير مناهج التربيه الفنيه علي أسس علميه بما يواكب التطور في سلوك وشخصيه الطفل وجعل حصص النشاط والتربية الفنية والموسيقيه والتربية البدنية من الحصص الأساسية. الشكل واللون هما أول ما يستطيع الطفل أن يميزه قبل أن يستطيع حتي تمييز الصوت وأكثر ما يجذب انتباه الطفل هي الألوان الساخنة فنراها في ملبسه وطعامه وعالمه الصغير والرسم هو العالم الذي يعيش فيه الطفل ويعبر به عن نفسه بلا خجل وفيه يحول أحلامه وخيالاته الي واقع يعيش فيه ليعبر من خلاله حاجز الزمن والمكان بعيدا عن تعقيدات التركيبات اللغويه والنطق ومخارج الألفاظ. لذا اهتم العالم بالتربية الفنية لتقويم الطفل في جميع محافله الدولية لاطلاق العنان لخيال الأطفال الخصب ومنحهم القوة للسيطرة علي عالمهم الخاص ووضع أبجدياتهم الخاصة والتي عكف عليها الاخصائيون لمحاوله فهم شخصيه الطفل وتحليلها لتقويمه ومابين بقعه لون وشكل يخط الطفل أولي درجات السلم نحو شخصية ابداعية سليمة تستطيع أن تندمج مع عالم الكبار بلا تعقيدات أو خوف. ولعل الفنان العالمي هنري روسو وهو من رواد الفن التشكيلي قد استوعب الرؤية اللا محدودة والتناغم والعفوية لرسوم الأطفال فعكف علي بناء مدرسته الفنية والتي تعرف بمدرسة الرؤية البريئة وفيها تخلص من البعد الثالث وهو ما يعرف بالعمق أو المنظور باعتباره بعدا وهميا وأطلق العنان لمشاعره في رسوم مسطحه تحمل أبجديات رسوم الأطفال معتمدا علي الأشكال الهندسية البسيطة والخطوط الواضحة الصريحة والألوان الصاخبة في ثورته علي التكلف ومقتضيات الحرفيه الفنية وطلبا للعفوية والبراءه. هذا وقد حفلت كتب التعليم الأولي والأساسي بالرسوم الملونه التوضيحيه لتقريب المفهوم لدي الطفل وتوسيع مداركه وخلق جيل سوي مبدع يكون أساسا للتنمية البشرية ونهضة الأمة ولبنة في جدار العالم المتحضر. هشام محمد نصر - فنان تشكيلي رابط دائم :