في أوائل عام2011 وبعد انتفاضات وطنية واسعة ومفاجئة شهدتها كل من مصر وتونس شرع البلدان في عملية لإعادة أنظمتهما السياسية.. صحيح أن المسارات التي سلكها البلدان لم تكن متطابقة إلا أنه تبقي بينهما عناصر مشتركة في عملية الانتقال.. يقول ناثان براون في دراسته التي أعدها لبرنامج الأممالمتحدة لأنمائي تحت عنوان اعادة ميلاد دستورية.. مصر وتونس تعيدان بناء نفسيهما فالهياكل السياسية الأساسية للدولتين لم تتأثر علي الرغم من الاضطراب السياسي كما أن العملية الانتقالية تسير بسرعة إلي حدما في كليهما علاوة علي تكدس الساحة السياسية سريعا بمجموعة كبيرة ومتنوعة من القوي السياسية وقد استقطبت تلك القوي مابين المقاربة التوافقية والمنافسة الشرسة, كما ظهرت فجوة سياسية بين قوي الأسلاميين وغير الاسلاميين والعملية الأنتقالية في كلا البلدين تتسم بالسلمية رغم اندلاع نوبات من العنف من حين إلي أخر. صياغة الدستور يؤكد المؤلف أن إعادة صياغة الدستور كانت من أحرج وأحسم المهام السياسية لكلتا الدولتين. يشير المؤلف إلي ان لكلا البلدين خبرات وتجارب غنية في صياغة الدساتير ونصوص الدستورية تعود للقرن التاسع عشر, إلا أنه لأكثر من نصف قرن كان الدستور أداة في يد حكام ديكتاتوريين يسعون إلي ترسيخ وتبرير أنظمتهم الحاكمة وإضفاء الصفة المؤسسية عليها. ويؤكد أن مازاد المشكلة تعقيدا في البلدين أنه لاتوجد آلية واضحة لكتابة دستور جديد حيث اعتبرت الدولتان ان الدستور القديم كان مفصلا لخدمة الحكام وبقائهم في السلطة. أساسيات الدستور عند صياغة الدساتير يكون تركيز كل الانظار علي السياسة الداخلية, ولكن كثيرا ماتتشابه الرؤي فيتم افتراض لغة وأحكام محددة ومؤسسات بكل حرية, ففي القرن التاسع عشر كان معظم النقل عن الدساتير الأخري يركز علي دور حقوق البرلمان وكذلك مايخص منها رئيس الدولة إلي جانب الحقوق والحريات الأساسية. وفي المرحلة المتأخرة من القرن العشرين كثيرا ماكانت الدساتير تعمل بمثابة وثائق ايديولوجية بقدر ماعملت كوثائق قانونية السنوات الأخيرة أصبح التركيز علي كيفية كتابة الدستور كنتاج لزيادة التعريف بكتابة الدستور والديمقراطية. ويشير المؤلف إلي ان أي دستور ينبغي ان تتوافر فيه المرونة حتي لايمثل عائقا بدلا من ان يكون ميسرا للحياة السياسية علي ان يقوم علي المصلحة العامة وليس الشخصية لجبهة أو لاخري. ويؤكد المؤلف أنه في مصر وتونس لم يكن هناك لاعب واحد قادر علي تصميم عملية دستورية يراها كل اللاعبين عادلة فكانت هناك من البداية مناورات مكثفة في كلا البلدين حول كيفية صياغة الدستور ومن سيقوم بذلك ومتي,وأيضا في كلا البلدين كان الجو السياسي الذي اتخذت فيه هذه القرارات أحيانا في غاية الاستقطاب في البداية بين أنظمة الحكم الساقطة والأئتلافات المعارضة العريضة وأصبحت فيما بعد بين القوي السياسية لتيارات الاسلاميين وغيرهم. الشريعة الاسلامية يقول المؤلف ان من أكثر القضايا التي أثارت الخلاف والنزاع في صياغة الدستور في كلا البلدين هي تلك المتعلقة بالدين والهوية والشريعة الاسلامية فهناك اتفاق عام بأن الاسلام هو الدين الرسمي وبينما يعلن الدستور المتوقف العمل به أن مبادئ الشريعة الاسلامية هي المصدر الرئيسي للقانون يشدد الكثيرون في مصر علي أن تظل تلك اللغة كما هي.. بينما كان يرغب آخرون في تعديلها وكذلك الحال في تونس.