كنا نجلس معا.. مجموعة أبطال فيلم كبير في أحداثه.. تجمع في بطولته عددا كبيرا من النجوم.. وكل واحد منهم يقدم شخصية بأبعادها المختلفة.. وتعبر عن موضوع الفيلم,, بإبداع فني.. ومنافسة راقية في عالم السينما.. التي يلفها الحب.. والنقاء.. يجلس معنا مخرج الفيلم الكبير. وكانت فترة الراحة المقررة.. وفجأة دخل علينا.. أحد أبطال الفيلم وهو نجم صديق لنا جميعا.. دخل مندفعا.. ووقف وسط الحجرة الكبيرة التي تضمنا جميعا واندفع قائلا.. تعالوا معي نتخيل الحياة من غير فن.. بمعني أن الدنيا التي نعيش فيها.. ليس فيها سينما أو مسرح أو تليفزيون أو إذاعة.. ولاتوجد موسيقي.. ولاتمثيل.. ولاتوجد أغنية.. ولايوجد رسام.. ولايوجد مؤلف.. ولامغن.. ولاشاعر.. ولايوجد مصور سينمائي.. ولايوجد مخرج.. لايوجد كل ماهو متعلق بالفن. كيف يكون شكل الحياة.. غريبة إلي حد الملل.. كئيبة الحياة.. كئيبة إلي حد الموت!! واستمر النجم في كلامه ونحن جميعا نصمت له.. ونستمع إلي مايعانيه.. قال.. الصمت يلف الحياة.. حتي الشوارع سنجدها بلا تنسيق أو ألوان.. أو حتي حركة المرور منتظمة بفن وإتقان..الأصوات كلها ستأتي متداخلة بلا إيقاع ينظمها أو رتم يحكمها.. الحركة.. والكلام سوف يفقدان الإيقاع.. تصور أنك تتحدث إلي انسان آخر بلا ايقاع.. ثم تنطق حروف الكلمات بمسافات لاتحكمها سرعة معينة نظمية فيصدر الحرف وبعده الآخر.. بمدة قد تطول أو تقصر فليس هناك قواعد فنية تحكم الإيقاع.. لاأغنيات لنجوم الماضي.. أم كلثوم.. ولاعبدالوهاب.. ولاعبدالحليم.. ولاسيد درويش ولاغيرهم يربط الإنسان في أي مكان من أذنه ويغوص إلي وجدانه.. ويذيبه في وحدة استماع مهما اختلفت الأفكار. لاسينما.. تقرب الناس.. وتكشف لنا أحوال العالم.. وتؤثر وتتأثر.. ولانجوم مثلكم نحبهم ولنا قدوة في فنهم.. ولاتبادل ثقافي.. عن طريق القيم أو الكلمة.. ولاشكسبير.. وتوفيق الحكيم والعقاد.. وطه حسين وغيرهم من عمالقة الفكر والأدب العربي والعالمي.. ولاموسيقي.. ولاشوبان.. ولافرانزليست.. ولابتهوفن.. ولابحيرة البجع.. والبالية.. وفرقة رضا.. والفرقة القومية.. ولا إسماعيل ياسين.. محمود شكوكو.. وعلي الكسار.. الريحاني.. وفؤاد المهندس.. ولاشارلي شابلن وغيرهم.. ولالوحات مايكل انجلو.. وفان جوخ.. وسيف وانلي وجمال كامل.. والسجيني.. ولاخضر شوقي.. وصلاح جاهين.. ولامتعة الألوان.. وسحر الكلمات وعشق المعاني.. وحفظ الحضارة.. وعمق الثقافة.. اغمض عينيك وتصور معي أنت وهو.. أنتم جميعا تصوروا الحياة بلا فن؟! ونظر إلي وطلب مني الإجابة.. علي سؤاله الذي من أجله كان هذا الكلام.. ولكني سرحت مع تصوره المفاجيء لهذه الحياة.. ورد عليه المخرج.. هذا فيلم رائع الذي تصورته.. وسوف اختار سيناريست كبير ليكتب لنا سيناريو وحوار هذا الفيلم الذي تصورته وأنت المؤلف.. وبطل الفيلم.. مع نفس المجموعة التي جلست تستمع إليك طوال فترة الراحة.. وبقي منها5 دقائق ونعود لتصوير فيلمنا بدون طعام. وأسرع الجميع.. في تناول سندوتشات الطعام بسرعة.. ونظر إلي صديقي النجم الثائر.. وقال لي أريد رأيك أنت في هذا الذي سردته عليكم.. قلت له.. أنا آسف لأني لن أرد عليك.. خوفا من أن أتكلم بلا إيقاع.. وتهرب مني الحروف.. ولا أجد جمل الحوار في الفيلم الذي نصوره بعد لحظات وضحكنا جميعا.. والحمد لله أن الضحك كان بإيقاع جميل.. وجاء مساعد المخرج وقال احنا جاهزين ياأستاذ.. وخرجنا جميعا إلي التصوير.