تشغل الآثار المهربة والمسروقة من مصر مساحة كبيرة من اهتمام الأثريين, وملف استردادها من أبرز الملفات المطروحة دائما للنقاش لحلها, لكن الأثريين أجمعوا علي أن حجم الآثار المهربة لا يمكن إحصاؤه أو تحديد العصور التي تنتمي إليها هذه الآثار, لأن هناك كثيرا منها لم يكتشف خروجه بعد, بسبب عمليات الحفر العشوائي في المناطق الأثرية. وقد انقسمت آراء الأثريين حول هذا الملف إلي اتجاهين, الأول يشجع علي الاستمرار في السعي وراء استرداد الآثار, والثاني يفضل توجيه الجهود لحماية الموجود في البلد, وبعد إتمام إجراءات الحماية نسعي لاسترداد الآثار. في البداية يؤكد د. محمد عبدالمقصود أمين عام المجلس الأعلي للآثار الأسبق, الذي يتبني الاتجاه الأول, أن المطالبة بالآثار واستردادها أمر لابد منه, ويجب أن نعمل عليه, وهذا لا يعوق العمل لحماية الآثار في المتاحف وغيرها, فلابد أن نستمر في العملين معا, لأن الإدارات التي تعمل علي الحماية غير الإدارات التي تعمل علي استرداد الآثار. وأضاف عبدالمقصود قائلا: لقد أصبح هناك خوف من استرداد الآثار, فالدول الخارجية تخشي إعادة الآثار لمصر بعد التصريحات الأخيرة من بعض المتطرفين بهدم الأهرامات وأبو الهول والآثار, وهذا التخوف سيؤثر علي مطالبتنا بآثارنا المهربة, مشيرا إلي أنه لا يستطيع أحد أن يقدر حجم الآثار المهربة التي خرجت من مصر, لكن هذا لن يمنعنا من السعي الدائم وراء استرجاع الآثار كمطلب أساسي. أما د. عبدالحليم نور الدين أستاذ علم المصريات فهو من أنصار الاتجاه الثاني, حيث يؤكد أنه من الأولي أن نحافظ علي الآثار الموجودة في المخازن ونحصنها ونتخذ إجراءات أكثر تنظيما وتحصينا لحماية المتاحف, هذا لكي نحد من السرقات أولا بدلا من أن نسعي لاستعادة الموجود بالخارج, وفي الوقت نفسه يهرب الموجود بالداخل, مشيرا إلي أن هناك مناطق أثرية منسية ومخيفة يجب زيارتها لكي نمنع السرقة منها, حيث تتم عمليات تهريب منها دون أن يشعر أحد, لأن مصر مليئة بالأماكن الأثرية الضخمة المعروفة والمنسية, وأنا أتمني من د. محمد إبراهيم وزير الآثار أن يهتم بتلك المناطق وحمايتها بدلا من الافتتاحات اليومية, والاكتشافات والأسماء, نريد حماية آثار مصر حتي قبل الترميم وحماية المناطق والمتاحف الأثرية, والأفضل لنا أن نترك الآثار في باطن الأرض لأنها أحن عليها من الأيادي الخارجية. ومن جانبه أوضح محسن السيد الأمين العام السابق للمجلس الأعلي للآثار أن الآثار التي خرجت من مصر لا يمكن تحديد حجمها أو إحصاؤها, ولا يمكن أيضا أن نجزم بحجم المهرب أو الموجود في مصر ولم يهرب بعد, لكن الآن لا يمكن أن يخرج أحد أي آثار من مصر مسروقة أو مهربة بسبب التشديد في إجراءات الحماية. وأضاف أن ما سرق في أوقات الثورة موجود في مصر ولم يخرج, وهذا تم بأكثر من طريقة منها الحفر السري في المناطق الأثرية فيجد آثارا, وهي غير مسجلة فلا نستطيع استرجاعها, ولكي أطالب بها أجد معاناة شديدة لأنها غير مسجلة لكن المسجل أستطيع أن أسترجعه, بحكم محكمة أو طرق أخري. وقال محسن: إن وزارة الآثار لا تستطيع أن تسترد كل الآثار المصرية في الخارج, لأن هناك آثارا خرجت بشكل قانوني قبل منع تجارة الآثار, فكان القانون رقم215 لسنة1951 يتيح تجارة الآثار ولا يحرمها فخرجت بطرق شرعية آثار كثيرة من مصر, كما كان يتيح للبعثات الأجنبية أن تأخذ نصيبا من الحفائر التي تحدث في مصر بنسبة لا تقل عن10%, لكن جاء القانون رقم117 لسنة1983 ليجرم تجارة الآثار بالكامل, وأن البعثات الأجنبية ليس من حقها أن تنال نصيبا من الحفائر.