من الطبيعي أن يدفعني كلام أمس الأول عن فريد الأطرش إلي الحديث عن نصفه الفني الآخر وشقيقته أسمهان, التي رحلت عن العالم في الشهر نفسه الذي رحل فيه شقيقها, لكنها سبقته بثلاثين عاما. كانت آمال الأطرش أو أسمهان الشقيقة الصغري لفريد, ولازمته بداية المشوار الفني في بيروت, ثم انطلقا معا إلي عالم الشهرة من القاهرة. وبرغم أن حياتها كانت قصيرة, وجاء مشوارها الفني شديد القصر, فلم يتجاوز5 أعوام, فإنها استطاعت, ومن خلال عدد قليل من الأغاني وفيلمين فقط, أن تصعد وبسرعة فائقة سلم المجد وتحجز لها مكانا مميزا في الصفوف الأولي بين النجوم, فقد كانت تمتلك كما يقول خبراء الموسيقي حنجرة ذهبية, وصوتا عربيا أصيلا يصعب أن يتكرر. ولعل هذه النجومية السريعة التي حققتها, والتي مازالت باقية( بين عشاق الطرب العربي الأصيل), كانت سببا في أنها عاشت حياتها في القاهرة معرضة للشائعات والمشكلات الفنية وغير الفنية, بل إن وفاتها المفاجئة في حادث سيارة فقال قائل: إن الحادث الذي تعرضت له وأودي بحياتها كان من تدبير السلطات الألمانية التي اكتشفت أنها كانت تتخابر ضدها خلال الحرب العالمية الثانية, وقال آخر: إن هذا الحادث كان من تدبير نجمة من نجوم الغناء في هذا الزمان, وأن تدبيره كان بدافع الغيرة الفنية, فقد خشيت هذه النجمة( كما قالت الشائعات وقتها) أن تزيحها أسمهان من فوق عرش الطرب. وفي الوقت نفسه مازال الفيلمان الوحيدان لها انتصار الشباب و غرام وانتقام الذي رحلت قبل تصوير مشهد النهاية فيه, مسجلين ضمن كلاسيكيات السينما, ويتمتعان بنسب مشاهدة عالية في كل مرة إذاعة, سواء علي القنوات الفضائية أو الأرضية. وكما طالبت في حديثي عن فريد بأن يتصدي التليفزيون لإحياء ذكراه علي قنواته, أكرر الطلب نفسه مرة أخري مع شقيقته التي مازال صوتها واحدا من أهم الأصوات الغنائية النسائية في العالم العربي.