الأفكار هي القوة المحركة لأي مجتمع الذي لا تولد فيه أفكار يظل ساكنا مجترا لما فيه من لغة خلت من الإبداع, وكما أن السيارة التي لا تتحرك تصدأ فإن المجتمع الذي لا يفكر بالمعني الصحيح للكلمة يصيبه الوهن ثم يسقط في الأزمات كما يسقط من فقد مناعته فريسة للأمراض. ولذلك ليس مستغربا أن تنفق الولاياتالمتحدة عشرات المليارات من الدولارات سنويا علي الأفكار, وتلك الأموال هي اعتمادات مراكز البحث العلمي ومراكز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والقادة الأمريكيون في مختلف المجالات قراء دائمون لما تنتجه تلك المراكز ولذلك لا يسقط المجتمع الأمريكي في أزمة إلا وجد منها مخرجا. ومن الطبيعي أن هناك مراكز سرية للبحوث العلمية والإنسانية في الولاياتالمتحدة ميزانياتها السنوية مليارات الدولارات وهي تتبع وزارة الدفاع وأجهزة المخابرات, وانتاج تلك المراكز سري لحين التأكد من أن البلاد جنت ثمارها قبل غيرها, خاصة في التطبيقات العسكرية وإضعاف الأعداء أو إبقائهم في أوضاع الضعف التي هم عليها. وهناك مجتمعات في موقف وسط بين المجتمعات التي فقدت حاسة الفكر والمجتمعات التي تفكر وهذه المجتمعات التي في الموقف الوسط هي التي يوجد فيها أيضا من اصابتهم بلادة الحس لدرجة معاداة الأفكار التي يدركون عن يقين أنها تقوض مصالحهم إذا دخلت حيز التطبيق أو وجدت الطريق الي الانتشار. فهؤلاء يعملون علي تأخير تطبيقها أو ذيوعها بأن يحاربوها. وفي هذه المجتمعات تجد الكتابات التافهة طريقها الي النشر بسرعة ويحصل بعض أصحاب تلك الكتابات علي أموال كثيرة مقابل تفاهة ما ينتجون. ومنتجو الأفكار مدعوون دائما الي السعي لنشر أفكارهم وأن يتصدوا للحرب القائمة عليها.