يحار المرء كثيرا عندما يسمع بعض التصريحات التي تنطلق هنا وهناك, علي فترات متقاربة, من بعض القوي المحسوبة علي تيار الاسلام السياسي علي وجه الخصوص, بأن الفيصل في النهاية, هو الاحتكام لرأي الشعب, إذ تعرف هذه القوي ربما اكثر من غيرها, كيف سيقت جماهير الشعب الغفيرة الي استفتاء مارس من العام الماضي, وكيف استخدمت منابر المساجد, وعطايا مئات من الجمعيات الاهلية التابعة لها, في دفع الناس دفعا الي صناديق الاستفتاء, والتصويت في اتجاه محدد باعتباره انتصارا لشريعة الله, في اكبر موجة استقطاب شهدتها البلاد عقب الثورة, ومازلنا نعاني من آثارها حتي اليوم. وزارة الدفاع ترفض مسودة الدستور, والمجلس الاعلي للقضاء يتحفظ علي النصوص الواردة في باب السلطة القضائية, والمحكمة الدستورية العليا تعترض, والقضاة يهددون بمقاطعة الاستفتاء, والمجلس القومي للمرأة والإعلاميون والصحفيون وجمعيات حقوق الانسان, واتحادات الفلاحين والنقابات العمالية والاقباط, يرفضون غالبية نصوص المسودة الاخيرة, فلماذا يصر البعض من اعضاء التأسيسية الثانية إذن, علي استفزاز قطاعات كبيرة من الشارع المصري, وفي طليعتها قواه السياسية علي اختلاف تنوعاتها الفكرية, بالتأكيد علي ان الدستور الجديد سوف يمر, وان الجمعية التأسيسية الثانية, انجزت برغم كل ما سبق واحدا من افضل الدساتير التي شهدتها البلاد في تاريخها الحديث, ان لم يكن الافضل علي وجه الاطلاق؟!. ويحار المرء كثيرا عندما يسمع بعض التصريحات التي تنطلق هنا وهناك, علي فترات متقاربة, من بعض القوي المحسوبة علي تيار الاسلام السياسي علي وجه الخصوص, بأن الفيصل في النهاية, هو الاحتكام لرأي الشعب, إذ تعرف هذه القوي ربما اكثر من غيرها, كيف سيقت جماهير الشعب الغفيرة الي استفتاء مارس من العام الماضي, وكيف استخدمت منابر المساجد, وعطايا مئات من الجمعيات الاهلية التابعة لها, في دفع الناس دفعا الي صناديق الاستفتاء, والتصويت في اتجاه محدد باعتباره انتصارا لشريعة الله, في اكبر موجة استقطاب شهدتها البلاد عقب الثورة, ومازلنا نعاني من آثارها حتي اليوم. علي ان ما يبعث علي الدهشة بحق, هو ان بعض هذه التصريحات تخرج عن شخصيات معتبرة, تعرف اكثر من غيرها ان المسودة شبه النهائية التي يدور جدل واسع حولها الآن, لا تفتقد فحسب التوازن المطلوب في العديد من نصوصها, فما يمكن ان تقرأه في باب, سرعان ما تجد ما قد يعارضه في باب آخر, وإنما أصبحت تفتقد اليوم, ثقة المصريين في انجاز دستور قادر علي دفع البلاد خطوات واسعة للأمام, وهو ما يجعل من مثل تلك المسودة في نظر كثيرين, معرة لا تليق ببلد عظيم مثل مصر, ولا بشعب يستحق بامتياز, دستورا حقيقيا ينظم مسار حياته, ويحدد علي نحو لا يقبل اللبس, ملامح الدولة الجديدة. لا يتفاءل كثيرون, وكاتب هذه السطور من بينهم, بأن ينتهي جدل الدستور الدائر حاليا الي صيغة توافقية ترضي الجميع, وهو امر ينطوي علي خطورة بالغة, إذا ما وضعنا في الاعتبار ما تمر به البلاد من ظرف اقتصادي بالغ القسوة, ما يشي بعواصف عديدة مدمرة, تلوح نذرها بوضوح في الأفق, وهو الامر الذي يتطلب من الرئيس ان يتدخل بما يملكه من سلطة التشريع وأن يحسم هذا الجدل فورا, عن طريق تشكيل لجنة مصغرة تضم نخبة معتبرة من فقهاء القانون الدستوري, تضطلع بمهمة وضع دستور مؤقت للبلاد, يجري بمقتضاه العمل خلال ما تبقي من فترة رئاسته الأولي, وتجري في ضوئه الانتخابات النيابية المقبلة. ربما يبدو ذلك هو البديل الوحيد الآن, لفض حالة الاشتباك الدائرة حاليا في مصر, ولعله أيضا يكون البديل الآمن, حتي تسترد البلاد سريعا توازنها وتستعيد مؤسستها التشريعية, التي تسببت العجلة في تشكيلها, في صدور حكم المحكمة الدستورية العليا في يونيه الماضي بحل البرلمان, وهو سيناريو لا يرغب أحد في تكراره مرة أخري, مع الجمعية التأسيسية التي تنتظر مصيرا مشابها, ربما يدخل البلاد الي نفق مظلم, إذا ما أصرت بعض القوي علي تمرير نصوص الدستور الجديد, دون أن يحظي بالتوافق المجتمعي المطلوب.