في زحمة انشغال الجميع بمسودة الدستور والمطالبات الفئوية بزيادة المرتبات والعمليات الإرهابية في سيناء, شهدت القاهرة قبل أيام مؤتمرا يعالج قضية من أخطر القضايا التي يعاني منها المجتمع المصري هي أطفال الشوارع, وهي قضية ذات أبعاد أمنية واجتماعية وصحية, حيث ذكر تقرير قدمته لجنة تنمية القوي البشرية والإدارة المحلية بمجلس الشوري وناقشه المجلس الشهر الماضي, أن المنظمات المعنية التابعة للأمم المتحدة قدرت عدد أطفال الشوارع في مصر بما يتراوح ما بين500 ألف إلي750 ألفا, في حين يؤكد خبراء المجتمع المدني أن العدد لا يقل عن ثلاثة ملايين طفل. وهي أرقام مخيفة تظهرنا علي خلل في بنيان المجتمع المصري, خلل يؤثر علي النمو الاجتماعي والاقتصادي ويسبب عدم الاستقرار الأمني, لأن هؤلاء الأطفال سوف يتحولون إذا لم يعالج وضعهم إلي قنبلة اجتماعية وأمنية موقوتة معدة للانفجار في أي وقت, ما لم يتم وضع حلول عملية عاجلة لحل مشكلتهم, وأيضا أساليب تطوير مؤسسات الرعاية الاجتماعية, وتوحيد الجهات المعنية بشئون الطفل وهي نحو17 جهة حكومية وأهلية في جهة واحدة كما فعلت اليابان. وعلاج هذه الظاهرة ليس مسئولية الدولة وحدها, وإنما مسئولية المجتمع أيضا فهناك نحو430 فردا قدرت ثرواتهم بما مقداره65 مليار دولار بينهم8 أفراد يملكون21 مليارا, وهؤلاء مطالبون بالإسهام في علاج المشكلة, إن لم يكن لاعتبارات انسانية ووطنية فمن أجل مصالحهم واستقرار استثماراتهم, بخاصة فتزايد الظاهرة سوف يصيب مصالحهم بالخطر. وفي ظل سوداوية الموقف أشير هنا إلي بارقة ايجابية جاءت علي لسان وزيرة التأمينات والشئون الاجتماعية نجوي خليل عن البدء في تنفيذ أول منتجع للأطفال بلا مأوي في مدينة6 أكتوبر علي مساحة40 فدانا, وسيكون هذا المنتجع إرهاصة لمنتجعات مماثلة تعد الوزارة لتعميمها في جميع محافظات الجمهورية. ويظل الأمل معلقا علي نجاح الوزيرة في تدبير الامكانيات المادية اللازمة لتنفيذ المشروع الطموح, ولعل ورشة العمل المقررة إقامتها في الفترة من17 22 نوفمبر الجاري بمشاركة وزارات الدفاع والداخلية والتأمينات والشئون الاجتماعية ومنظمة اليونيسيف لإنقاذ الطفولة ومنظمة فيس ومركز البحوث الاجتماعية والجنائية تقدم لنا حلولا إيجابية قابلة للتنفيذ.