تناقلت الأخبار مبادرة المهندس محمد الظواهري( شقيق الدكتور أيمن زعيم تنظيم القاعدة الحالي) لوقف السجال المسلح بين تنظيم القاعدة ودول الغرب وعلي رأسه أمريكا. وذلك بأن يكف الغرب عموما وأمريكا خصوصا عن التدخل في شئون الدول الإسلامية, ويبتعدوا عن مساعدة الحكام الظلمة, ويحترموا إرادة الشعوب وحقها في الاختيار, ويكفوا عن الاعتداء علي البلاد الإسلامية ويسحبوا قواتهم من البلاد التي يحتلونها بالفعل كالعراق وأفغانستان, في مقابل أن تتعهد الجماعات الإسلامية وعلي رأسها القاعدة, بإيقاف عملياتها العسكرية ضد المصالح والأفراد الغربيين في كل أنحاء العالم, وتكون هناك هدنة يكف فيها الجميع عن الاستفزاز وردود الأفعال, وأعتقد أن هذا اقتراح جيد ومبادرة طيبة, خاصة أن لها سابقة شرعية بالهدنة التي حدثت بين الرسول صلي الله عليه وسلم والمشركين في صلح الحديبية بتوقف القتال لمدة10 سنوات, وكان لها أعظم الأثر في تبليغ الدعوة, ونشر محاسن الإسلام, ودخول الناس في دين الله أفواجا, بعد أن فهموا وفقهوا حقيقة تعاليم الإسلام, حتي سمي الله عز وجل هذا الصلح( فتحا مبينا), لعظمته وأثره الباهر, وللفقهاء آراء كثيرة في جواز الهدنة خاصة عند ضعف المسلمين, وقلة إمكانياتهم, وقد حاول الشيخ أسامة بن لادن رحمه الله عقد هذه الهدنة فأعلن مبادرة مماثلة في2004 لوقف القتال لم يستجب لها الغرب, وأري أن هذه المبادرة جديرة بالاهتمام والدراسة ومتابعة العمل علي نجاحها, وهذا يستدعي مجموعة من العوامل والاعتبارات, أولها: أن يبادر تنظيم القاعدة بالإعلان عن وقف عملياته في جميع البلاد ماعدا البلاد المحتلة لأن الدفاع هنا واجب, وأن يشمل إيقاف القتال اليمن ومالي والصومال وإندونيسيا.. وسيناء حديثا!, وأن يكون هذا الإعلان لا مواربة فيه ولاشك ولايجوز فيه الخداع أو الألتفاف, حتي ولو كان من طرف واحد, ولو تعرضوا بعده للاستفزاز والتعدي لكشف صدق النوايا, وعلي التنظيم أن يراعي أنه يواجه دولا ومؤسسات وأجهزة مخابرات ذات حسابات معقدة, ومصالح متشابكة, بمعني عدم سهولة إتخاذ القرار, فقد يطول الأمر في الموافقة أو القبول, مع الأخذ في الاعتبار حالة فقدان الثقة المتبادلة, وعدم تكافؤ القوي, مما يخلق حالة من الاستعلاء والكبر الداخلي, والذي قد يكون عاملا أيضا في الرفض أو التأجيل, ثانيا: إن الأوضاع الجديدة في المنطقة العربية وثورات الربيع العربي خلقت واقعا جديدا يتعامل معه الغرب وأمريكا بأسلوب جديد واقعي ينحازون فيه لإرادة الشعوب ويقفون معها, ضد الحكام الذين ثبت خطأ المراهنة عليهم, مما أفقد الغرب وأمريكا ثقة المواطن العربي وجعلهم يعيدون النظر في هذه السياسة, خاصة بعد أحداث11 سبتمبر, والتي كان من أهم أسبابها وقوف الغرب وأمريكا مع الحكام الظلمة ضد شعوبهم, فتغير التفكير إلي لماذا نساعد هؤلاء الحكام؟. فيندفع الشباب لضربنا في مسقط رأسنا, ولماذا لانقبل خيار الشعوب طالما أن مصالحنا لن تتأثر؟, وتبني هذا الطرح ناحوم فيلدمان المفكر الأمريكي والذي وجد قبولا لدي مراكز اتخاذ القرار, وطبق بنجاح, في تأييدهم لثورات تونس ومصر وليبيا, واليمن! ثالثا: إن المجتمع الغربي ليس كله معاديا للمسلمين, بل إن أغلب المجاهدين بعد خروجهم من أقغانستان وتربص كل الدول بهم وفتح أبواب السجون لهم, لم يجدوا إلا الدول الغربية لتؤيهم, ومن المفارقات الغريبة أنهم كانوا يهاجمون هذه الدول بأقذع الألفاظ, حتي إن أحدهم وصف بريطانيا بأنها كدورة المياه يقضي فيها حاجته ثم يخرج, وهي توفر له سكنا من دورين وتعطي له راتبا اسبوعيا, وتحميه من مطاردة أجهزة مخابرات بلاده, وقد شاهدت بأم عيني أحدهم يشتكي من وجود صرصار ببيته, ففوجئنا بلجنة من الصحة والبلدية تأتي لتعاين الشقة وتقوم برشها, ونحن نكتم ضحكاتنا من واقعنا في بلادنا وهذا الواقع الجديد, وآخر أخبرهم أن مخابرات بلده تتتبعه وتهدده فما كان منهم إلا أن أخذوه من شقته ونقلوه إلي مكان آمن تحت حمايتهم وأخبروه أن يبلغهم عند تشككه وتخوفه من أي خطر, فسيكونون عنده في مدة أقصاها3 دقائق, وللأسف كان بعض هؤلاء يفتون للشباب باستحلال أموال الغربيين, وتفجير محطات السكك الحديدية ومترو الأنفاق ليقتل فيها مدنيون أبرياء ساهموا في دفع المعونات لهؤلاء من خلال دفعهم للضرائب, وإن هذه الحقبة الزمنية والتفكير غير المنطقي يجب أن يتوقف, لقد احترم الصحابة جوار النجاشي عندما هاجروا إلي الحبشة, ولم يخونوا, أو يغدروا, والبداية بهذه المبادرة العظيمة التي أتمني أن يساهم فيها الجميع من قوي سياسية وأحزاب ومفكرين, وأن تعطي الجماعة الإسلامية المصرية خبرتها في هذا المجال.. خاصة أنها صاحبة سبق في إغلاق باب العنف والعنف المضاد. [email protected] رابط دائم :