من فرط اطمئنانه علي بورسعيد وأحوالها الهادئة الهانئة, ولثقته التامة في مساعديه من قيادات المحافظة, ورؤساء الأحياء, ومديري مديريات الخدمات الساهرين علي راحة مواطني المدينة وضواحيها, وسعادتهم, ولوضعه بطيخة صيفي شليان في بطن سعادته فيما يتعلق بالأوضاع الأمنية بالمحافظة, سافر محافظ بورسعيد أحمد عبدالله لأداء الحج, سافر بالسلامة تاركا خلفه مدينة تصرخ من الألم, بعدما أنهكها سرطان الفساد الذي سكن مفاصلها وخلاياها الحية والنائمة علي السواء.. سافر وقاطنو البؤر العشوائية يمنعون موظفي المحافظة من الدخول لمكاتبهم, ويفترشون بخيام الاعتصام الساحات الداخلية والخارجية لمبني المحافظة طلبا لمزيد من الوحدات السكنية الحكومية التي يتاجرون فيها.. سافر والمهربون يغلقون الشوارع الرئيسية والجانبية في جميع الأحياء بحاويات البضاعة الجاري تفريغها لسيارات ربع نقل ودراجات بخارية, لتهريبها عبر المنافذ الجمركية جهارا نهارا, والويل كل الويل لمن يعترض علي إغلاق الشوارع أمام حركة السير, والسلاح الآلي لا يرحم, والشرطة لا تعيد الروح, ولا تبل الريق. سافر للحج ولا ندري من وافق له علي السفر.. رئيس مجلس الوزراء أم وزير الإدارة المحلية؟! وهل يعرفان بحقيقة ما يدور من مآس ومهازل داخل المدينة الصغيرة؟ أم أن صورة بورسعيد لديهما وردية رومانية حالمة لا تستدع جرح مشاعر محافظها الهمام بالتوقيع علي طلبه بالاستئذان للسفر للحج با لعبارة الحكومية المعروفة( حالة العمل.. لا تسمح).. سافر تجار المدينة المتضررون من كساد بضاعتهم يجوبون الشوارع لجمع توقيعات لإقالته, ومواطنو المدينة لا يصدقون ما آل إليه حال مدينتهم من تفسخ, وترد في جميع الخدمات.. النظافة, والصحة, والتعليم, والصرف, والكهرباء, ناهيك عن انعدام الأمن, وهي مسئولية مشتركة بينه وبين الباشا مدير الأمن, الذي يخشي أن يلحق بسابقه في السجن, وآثر السلامة و التفرغ لمشاركة المواطنين في متابعة أعمال القتل والتهرب والسرقة والبلطجة فقط من بعيد لبعيد, دون أدني تدخل لردع المجرمين. سافر محافظ بورسعيد للحج.. وليته لا ينسي كل بورسعيدي في الهدايا.. سبحة.. و طاقية.