لم تكن مفاجأة أو مجرد مصادفة أن يكون عمدة القرية التي يطلق عليها الوحدة الوطنية بالدقهلية قبطيا, ففي حوارنا مع طارق الشحات حنا(47 عاما) قال: ورثت العمودية أبا عن جد, وسكان القرية ينقسمون ما بين مسلم ومسيحي, كلهم إخوة في الرضاعة. في قرية كفر يوسف عوض التابعة لمركز السنبلاوين, كان دوار العمدة يدل علي أنه ليس عمدة عاديا ولكنه مثقف, نظرا للكتب المتعددة التي زينت الدوار بجانب ال كنبة التي يجلس عليها العمدة مستقبلا أهالي القرية لحل مشكلاتهم, وتوجهنا له بعدة أسئلة نستوضح من خلالها سر حب أهل القرية بعضهم البعض ظل الظروف الحالية وليكشف لنا عن مشكلات عدة تعانيها القرية. * بداية.. متي وكيف توليت العمودية بقرية كفر يوسف التي تجمع بين الأقباط والمسلمين؟ توليت العمودية بالتعيين في قريتنا التي تضم10 آلاف نسمة في عام1996 وكان عمري آنذاك32 عاما بعد وفاة والدي الذي كان عمدة أيضا برغم أنني حاصل علي بكالوريوس زراعة, وكان في استطاعتي أن ألتحق بإحدي الوظائف التي تناسب دراستي وأتقاضي عنها أجرا لكن من الصعب نقل السلاحليك إلي منزل آخر غير منزلنا, فقررت أن أتولي العمودية خلفا لوالدي لأصبح أصغر عمدة بالدقهلية وكذلك العمدة الوحيد قبطي الديانة, ولكنني أرفض أن يتولي ابني العمودية بعدي, فابني حلمي يعمل بشركة الكهرباء وابنتي متزوجة ومقيمة بالقاهرة وزوجتي متعلمة لكنها لا تعمل. * هل تتقاضي مرتبا كافيا مقابل قيامك بمهام عملك كعمدة؟ للأسف العمودية برغم أنها مسئولية علي عاتق من يتولاها, فإن العائد المادي من الحكومة لا يزيد علي150 جنيها شهريا, وأملك أرضا زراعية ورثتها عن والدي أقوم بتأجيرها لأستطيع أن أصرف علي مهامي كعمدة, فالضيافة لأي شخص واجبة, حيث أنفق شهريا ما لا يقل عن خمسة آلاف جنيه علي الضيافة فقط. * هل واجهت مشكلات بين أهالي القرية من الأقباط والمسلمين وكيف قمت بحلها؟ تتميز قريتنا بالتلاحم وأن أغلب الأسر قامت الأمهات سواء قبطيات أو مسلمات بإرضاع أبناء بعضهن فتولد بينهم الحب والدفء ولم أواجه يوما في قريتي مشكلات طائفية وإن كان السيئ موجود فالجيد أكثر. * ما المشكلات اليومية التي يشكو منها أهالي القرية؟ المشكلة الكبري التي تقابلني هي مشكلة الصرف الصحي, حيث إن هناك سرقات متعددة نتيجة الانفلات الأمني, فأخيرا قام بعض البلطجية المسلحين بسرقة ماكينة محطة مياه الشرب والبوابات الحديدية, حيث إن المحطة تقع خارج البلدة وقمنا بإبلاغ الجهات المختصة ولكن رجال الشرطة لهم العذر فهؤلاء البلطجية من خارج القرية ومسلحون آليا هذه الأسلحة لا يتسلح بها رجل الشرطة. فزاد الصرف الصحي في القرية, مما أدي إلي ارتفاع منسوب مياه الصرف التي من المفترض أن تصرفها المحطة علي مصرف كفروك عن مستوي مياه الشرب, حيث إن مواسير مياه الشرب قديمة ومتهالكة فقد اختلط الصرف بماء الشرب, مما أدي إلي انتشار الإصابات بالتيفود بين الأهالي, وإن قمنا بتحليل للمياه سنجد أنها مياه صرف, وقد طالبنا بحراسة لمحطة الصرف, وكما خاطبت شركة المياه والصرف والشركة القابضة بالقاهرة دون جدوي. * وماذا عن مشكلة القمامة؟ القمامة أصبحت خارج السيطرة, حيث إن الأهالي أصبحوا يلقون بالقمامة في الشوارع لعدم وجود مخالفات ولا أحد يخاف الآن وأطالب بضرورة عودة الرقابة والغرامات المالية, ولكن رغما عن ذلك قمنا بوضع صناديق للقمامة تم شراؤها بالجهود الذاتية. * ما سبب الانفلات الأمني في القري؟ أري أن السبب هو ضعف رواتب الخفر فلدي14 خفيرا فقط حاليا لكن أخيرا تم رفع مرتب الخفير إلي800 جنيه. وكذلك ضعف النفوس علاوة علي البطالة التي زادت أخيرا والحل هو العدالة الاجتماعية حتي تمتلئ البطون ولا يضطر أحد إلي أن يسرق فالآن الفرصة سانحة لكل شخص أن يرتشي حتي العمدة من الممكن أن يرتشي مع غلاء الأسعار وعدم وجود عائد مادي كاف وزمان كان العمدة يقوم بجلد من يسرق ولكن الآن لا يوجد احترام فالشباب الصغار فتحوا عيونهم في وجه الكبار ولا يسمعون للنصح. * وماذا عن نشاطات القرية؟ يتجه معظم الشباب الحاصلين علي الدبلوم إلي مدينة العاشر من رمضان القريبة منا للعمل بمصانعها ومن يولد فلاحا فإنه يعمل في المهنة الأساسية للقرية, وهي الزراعة حيث نقوم بزراعة برسيم وقمح بالشتاء وقطن وأرز بالصيف وتواجهنا مشكلة الري التي تواجه أغلب القري المصرية, خاصة في نهايات الترع, وكذلك قلة المعروض من الأسمدة بالجمعيات حيث يلجأ الفلاح إلي شراء الشيكارة من السوق السوداء فيتضاعف سعرها من80 إلي150 جنيها, وذلك رغم أن لدي الكثير من المعارف بمديرية الزراعة والمشكلة سوء تنسيق بين بنك القرية والجمعية الزراعية. * وهل عرضتم المشكلات علي المسئولين لإيجاد الحلول؟ طرقت جميع الأبواب وهناك مشاكل تم حلها وهناك ما يصعب حله, ولكنني أجد الحل في عقد اجتماعات دورية مع المحافظ للعمد للوقوف علي المشاكل التي نواجهها فالناس الآن تمشي بمنطق إن خرب بيت أبوك خد منه قالب ولإيجاد حلول ملائمة لهم نجتمع من وقت لآخر مع مأمور المركز لعرض المشاكل الأمنية. * ما عدد المدارس بالقرية؟ لدينا مدرستان إعدادي وثانوي فقط, وقمت ببنائهما علي قطعة أرض تبرع بها والدي بالجهود الذاتية ولأننا نبعد عن مركز السنبلاوين مسافة7 كيلو مترات فقط فالطلاب يذهبون للمدارس الثانوي ولكن المشكلة التي نعانيها هي سوء الخدمات الصحية فيضطر الأهالي عند إصابة أحدهم بمرض طارئ للذهاب إلي قرية البلامون المجاورة للوحدة الصحية التي لا يوجد بها أي طبيب وعند الذهاب إلي مستشفي السنبلاوين لا نجد رعاية ولا أدوية ولا أطباء ونضطر عندئذ للذهاب إلي مستشفي الطوارئ بالمنصورة.